تعرضت سوقا الأسهم الإماراتيتان إلى موجة هبوط وتصحيح قاسية وعميقة خلال حزيران (يونيو) أدت إلى خسارتها نحو 120 بليون درهم (33 بليون دولار) إذ تراجع مؤشر سوق دبي بنسبة 22.5 في المئة ومؤشر سوق أبو ظبي بنسبة 13.3 في المئة.
وأدت هذه الخسائر الجسيمة إلى تقلص مكاسب سوق دبي خلال النصف الأول من العام، فأصبحت أكبر من مكاسب العام الماضي بنسبة 17 في المئة فقط، لكن السوق بقيت في المرتبة الأولى بين أسواق الخليج لجهة المكاسب المحققة خلال النصف الأول من العام، بينما تراجعت مكاسب سوق أبو ظبي إلى ستة في المئة.
يذكر أن مؤشر سوق البحرين احتل المرتبة الثانية في نسبة الارتفاع خلال النصف الأول من العام بنسبة 14 في المئة، ومؤشر سوق قطر المرتبة الثالثة بنسبة 11 في المئة، تلاه مؤشر سوق السعودية بنسبة 11 في المئة، فمؤشر سوق أبو ظبي بنسبة ستة في المئة، فمؤشر سوق عُمان بنسبة 3 في المئة، بينما تراجع مؤشر الكويت بنسبة ثمانية في المئة عنه نهاية 2012.
واللافت للانتباه التوقيت الذي بدأت فيه موجة التصحيح التي تزامنت مع تفعيل قرار ترقية سوقي الإمارات من مبتدئة إلى ناشئة على مؤشر لـ «مورغان ستانلي» في بداية حزيران، إذ كانت كل التوقعات تشير إلى تدفقات مالية كبيرة على سوقي الإمارات من الصناديق الاستثمارية العالمية التي تتبع هذا المؤشر.
وفي المقابل كان التصحيح متوقعاً في ظل الارتفاعات القياسية التي حققها مؤشر سوقي الإمارات خلال أكثر من 10 شهور متتالية لم تتخللها أي تصحيحات حقيقية تساهم في خلق فرص استثمار لمن فاتهم ركوب موجة الارتفاعات وتساهم في عودة أسعار الأسهم إلى قيمها العادلة.
وأدى الارتفاع المبالغ فيه في أسعار أسهم معظم الشركات المدرجة إلى ارتفاع أخطار الاستثمار في السوقين في ظل تدفق سيولة كبيرة عليهما مصدرها الاستثمار المؤسسي المحلي والأجنبي وسيولة الاستثمار الخليجي والاستثمار الفردي المضارب الذي اتسعت قاعدته بنسبة كبيرة نتيجة المكاسب الكبيرة التي حققها مؤشرا السوقين.
وساهمت هذه السيولة المتدفقة في ارتفاع كبير في قيمة التداولات في السوقين خلال النصف الأول من العام فارتفعت قيمتها إلى 85.3 بليون دولار لتحتل المرتبة الثانية في قيمة التداولات بعد السوق السعودية وهي اكبر سوق خليجية وعربية والتي بلغت قيمة تداولاتها 299.5 بليون دولار. وبلغت قيمة تداولات سوق قطر 22.3 بليون دولار والكويت 12.1 بليون دولار وعُمان 3.3 بليون دولار والبحرين نصف بليون دولار.
وبدأت موجة التصحيح في سوقي الإمارات خلال الأسبوع الأول من حزيران إلا أن عوامل ساهمت في زيادة عمقها وقوتها في ظل انتشار إشاعات مختلفة تركزت على أسهم شركة «أرابتك العقارية» وهي أسهم قيادية استحوذت خلال الشهور الخمسة الأولى من العام على نحو نصف تداولات السوقين.
ومن هذه الإشاعات المهمة والسلبية إشاعة عن قرب انسحاب الشركة من الإدراج في بورصتي الإمارات.
وذُكِر ان العديد من المصارف وشركات الوساطة خالفت السقف المسموح به لإقراض المستثمرين بالهامش وإلزام هؤلاء المستثمرين بالبيع القسري لتغطية انكشافهم قبل نهاية حزيران، ما أدى إلى عمليات بيع عشوائي وخلق فجوة كبيرة بين العرض والطلب وتسبب بانخفاض كبير في الأسعار.
ولا شك في ان الأحداث الأمنية والسياسية في العراق انعكست سلباً على أداء معظم أسواق الخليج ومنها سوقي الإمارات وكذلك على الأسواق العربية الأخرى.
لكن ضعف الاستثمار المؤسسي في سوقي الإمارات في مقابل سيطرة سيولة المضاربين هو المشكلة التي يعانيها أيضاً معظم أسواق الخليج، ولذلك لم تكن عمليات البيع تستند إلى معلومات جوهرية أو أساسيات اقتصادية بل إلى الإشاعات والسير مع التيار السائد، بعكس الاستثمار المؤسسي الذي يعتمد في قراراته الاستثمارية على أساسيات الشركات المساهمة المدرجة.
وساهم غياب «صناع للأسواق» في تعميق التصحيح الذي أدى إلى انخفاض أسعار أسهم الشركات القيادية إلى مستويات جاذبة للاستثمار ما ساهم في خلق فرص استثمار مهمة في ظل توقعات بتحقيق هذه الشركات نمواً متميزاً في صافي أرباحها خلال النصف الأول من العام.
ويُفترَض بهذه الشركات البدء بالإفصاح عن نتائجها اعتباراً من منتصف تموز (يوليو) الجاري.
والملاحظ أن سوقي الإمارات وخلال هذا الأسبوع بدأت تسترد جزءاً من خسائرها الجسيمة التي تحققت خلال حزيران إذ بدأت بعض المحافظ الاستثمارية المحلية والأجنبية بالشراء بعد توقف موجة البيع العشوائي غير المبرر في مسعى إلى استغلال فرص الاستثمار التي توافرت في السوقين.
نقلا عن الحياة