طالعتنا صحيفة المدينة بخبر عن اقتراح وزارة الإسكان بأن تفتح المجال لإشراك مطورين من الخارج في مشاريعها، وكذلك تأسيس شركات تطوير بشراكة حكومية مع المطورين الأجانب من الخارج كخطوة مهمة لتحقيق سرعة أكبر بإنجاز مشاريع الإسكان على أن تطرح هذه الشركات كمساهمة عامة، كما اشتمل الخبر على إيضاحات من الوزارة حول أسباب تعثر بعض مشاريعها كضعف الكفاءات الفنية لدى المقاولين أو عدم وجود عقوبات كافية لردع المقاولين أو المكاتب الاستشارية في تنفيذ ما عليها من التزامات وكذلك عدم وجود أراض صالحة للسكن في بعض المناطق.
حتى الآن لم نسمع تعقيباً من مقام وزارة الإسكان على الخبر سواء بنفيه أو تأكيده وفي حال كان صحيحاً، فما هي الرؤية والهدف من هذا الاقتراح، ولكن ما يمكن أن نفهمه من الخبر أن الوزارة وصلت لقناعة بأن المطورين المحليين إما أن الخبرة تنقصهم لتنفيذ مشاريع سكنية ضخمة أو أن أعدادهم غير كافية لتنفيذ مشاريع الوزارة في زمن قياسي لا يمكن أن يتحقق إلا باستقطاب مطورين عالميين، وهذا يعني أن سوق التطوير العقاري بحاجة إلى إعادة هيكلة من حيث القيام بإحصاءات دقيقة لعدد المطورين وإحجامهم ومن الضرورة أن تتولى وزارة الإسكان الإشراف على قطاع التطوير العقاري ووضع معايير لتصنيفه ومراقبته والترخيص له حتى يصبح قطاعاً ناضجاً له مرجعية واضحة تعتني به وتسانده.
ومن الممكن أن تتجاوز الوزارة معضلة تنظيم القطاع بإنشاء هيئة مستقلة تشرف على القطاع وتتبع الوزارة تنظيمياً دون أن يكون لذلك أي تأثير على أعمال المطورين أو ما يربطهم بمشاريع الوزارة خلال فترة التنظيم.
أما من الجانب الآخر للخبر إذا ما كان صحيحاً فإنه بات واضحاً أن الوزارة بدأت بتدرج في التعاطي مع قدرتها على تنفيذ مشاريعها فمن علاقة مباشرة للوزارة بأعمال التنفيذ إلى طرحها على مطورين ثم إلى الانتقال لتطوير الأراضي فقط ومنحها للمواطن مع قرض ليتولى هو البناء بنفسه والآن تتجه الأنظار لاستقطاب شركات عالمية متخصصة سواء بالتطوير أو بأعمال التشييد من الخارج مما يعني أن السنوات الأربعة الماضية من عمر الوزارة وإن كانت قصيرة لكنها لم تنتقل سريعاً إلى الحلول الكبرى لتنفيذ مشاريعها، وهي تعلم أن الاقتصاد المحلي في مرحلة نمو كبيرة بأعمال الإنشاءات والمشاريع وفي كل عام تزداد وبمختلف القطاعات الحكومية.
وهذا كافي لكي تعلم الوزارة بأن مشاريعها الضخمة تتطلب عدداً ضخماً من المقاولين والمطورين ومواد البناء، والطاقة الاستيعابية للاقتصاد المحلي لن تستوعب كل هذه المشاريع، كما أن النمو السريع بالطلب على السلع والخدمات لأعمال تشييد المساكن سيرفع التضخم مما يعني ضرورة التفكير من البداية بحلول تعطي نتائج سريعة وتقلص من السلبيات المترتبة على أعمال تنفيذ مشاريعها سواء بزيادة الطلب على المواد والخدمات أو حتى التعثر أو التأخير المحتمل بمشاريعها والتي قدرت عند 500 ألف وحدة سكنية.
وبما أن الحديث بالماضي لن يجدي نفعاً وبما أن الوزارة تتجه لحل مشكلة السكن بشتى الطرق والوسائل المتاحة، فمن المهم الانتقال إلى حلول مباشرة مع شركات التطوير المحلية التي تمتلك أراضي واسعة وجيدة لتنفيذ مشاريع إسكانية عليها ومناسبة كموقع وخدمات لكي تفتح معها باباً للشراكة من خلال تمويل مشاريعها وفق شروط ملائمة لتوفير سكن بأسعار يتفق عليها مع الوزارة، فمن شأن ذلك أن يحقق سرعة وسهولة أكبر بتنفيذ المشاريع ويخفف الضغط على أعمال الوزارة لكي تكون مشرفاً ومراقباً دون أن تضطر للتعمق أكثر بأعمال التنفيذ والتي تشكل عبئاً إضافياً كبيراً عليها هي في غنى عنه.
حلول الإسكان متاحة وليست بالمعضلة الكبيرة ولكن التعامل معها بوسائل وطرق متنوعة وبإشراك أطراف عديدة سيساعد بحلول جيدة وبوقت قياسي لإغلاق جزء أو نسبة كبيرة من الفجوة الموجودة حالياً أو حتى الطلب المستقبلي ويبقى كل ذلك رهناً بكيفية وضع الحلول لكل جزء من الرؤية الدقيقة التي تمتلكها وزارة الإسكان عن السوق والقطاع واحتياجاته الحالية والقادمة مع أهمية التركيز على الارتقاء بمستوى المطور المحلي ودعمه بكل الوسائل الممكنة لأنه سيكون هو الطرف المباشر بالسوق مستقبلاً في تنفيذ الخطط الرامية لتوفير منتجات المساكن بنسب جيدة ويلعب دوراً بارزاً في النشاط الاقتصادي المحلي لتحقيق تنمية مستدامة تؤثر إيجاباً بكل القطاعات الاقتصادية وبكل مناطق المملكة.
نقلا عن الجزيرة
ابق على اطلاع بآخر المستجدات.. تابعنا على تويتر
تابِع
وزارة الاسكان متذبذبه في تصريحاته ... المطورين المحليين موجدين وعلى كفاءة عاليه مثل دار الاركان وغيرها ..
الاسكان عندنا قصة فشل بلا نهاية