تتجه دول مجلس التعاون الخليجي لتنفيذ ربط أنظمة المدفوعات فيما بينها بحلول العام 2015، بينما أوضحت بعض التقارير أن الدراسة التي أعدها المجلس النقدي الخليجي حول تأسيس نظام مدفوعات خليجي خلصت لأن يكون هذا النظام متعدد العملات، وأن يتم ربط نظم المدفوعات بدول المجلس على غرار ما تم العمل به في الاتحاد الأوروبي من خلال البدء بالربط مع جميع البنوك في دول المجلس الجاهزة للربط، والتي انتهت كافة الاختبارات لديها وفقًا لوثيقة الضوابط التشغيلية لشبكة جي سي سي واعتماد التعديلات على وثيقة الضوابط التشغيلية للشبكة الخليجية من قبل اللجنة الفنية لنظم المدفوعات.
وبطبيعة الحال فإن تصميم نظام مدفوعات يستوعب أكثر من عملة واحدة هو منزلة بين منزلتين ما بين تصميم نظام مدفوعات لعملة واحدة، بافتراض انضمام جميع دول المجلس للاتحاد النقدي، وما بين تصميم نظام مدفوعات يقتصر على الدول الأربع فقط المنضوية في الوقت الراهن تحت لواء الاتحاد النقدي وهي السعودية والكويت وقطر والبحرين.
لذلك، فإن تصميم هذا النظام ينطوي على نظرة بعيدة لا تقف عند حدود نجاح جهود حميمة لإعادة السلطنة والإمارات للوحدة النقدية، بل يتجاوز ذلك، فيما لو نجح مستقبلًا ضم دول جديدة من خارج المجلس التعاون الخليجي للمجلس.
وجميع دول التعاون تمتلك في الوقت الحاضر أنظمة مدفوعات وطنية تعمل بأسلوب التسوية الإجمالية الفورية والمباشرة والمعالجة الإلكترونية دون تدخل يدوي. وتعتمد الأنظمة على شبكة السويفت ورسائلها القياسية للمصادقة، وتسوية المدفوعات المحلية، وتحويل ملكية الأوراق المالية.
كما ترتبط نظم المدفوعات بنظام التقاص المعمول به بالمصارف المركزية، وكذلك بنظام تسجيل الأوراق المالية الحكومية، وإصدار النقد.
كما تتميز أنظمة المدفوعات الوطنية الخليجية بكونها تمثل نظامًا متكاملًا للتسوية الإجمالية الفورية يسمح لكل البنوك بإجراء تحويلات ما بين البنوك من خلال حساباتهم لدى المصارف المركزية.
كما تسمح بالحصول على المعلومات في وقتها من خلال الدخول المباشر على الحسابات لدى المصرف المركزي من خلال تقنيات إنترانت واكسترانت. كذلك التكامل مع أنظمة حماية أنظمة التسجيل المحاسبي، حيث إن إعادة الشراء، وتحويل ملكية الأوراق المالية يمكن أن تنفذ بنسبة 100% من خلال رسائل السويفت.
إلى جانب القدرة على الانتقال من فترة تسوية إلى أخرى وتنفيذ المدفوعات في أوقات التسوية المحددة لها.
فإذا تم استلام المبالغ بعد انتهاء الوقت المحدد للتسويات فإنه يتم تعليق القيمة لحين حلول الوقت التالي عليه، ويمكن من خلاله تعميم استخدام رسائل سويفت لعمليات إعادة الشراء وإصدار النقد، والإيداع النقدي، وتبادل الإخطارات في إطار اتفاقيات ثنائية بين مصرف قطر المركزي والبنوك المحلية، مع إمكانية تصنيف المدفوعات كل حسب نوعها.
وفي التجربة الأوروبية، فإن توحيد أنظمة المدفوعات يعتبر أحد الأدوات التي يستخدمها المصرف المركزي الأوروبي في تنفيذ السياسة النقدية الموحدة لنظام اليورو. فالبنك يستخدم عمليات السوق المفتوحة، حيث ستكون هي الأداة الرئيسية للعمليات النقدية في الاتحاد الأوروبي بحيث توجه أسعار الفائدة، وتوفِّر السيولة لنظام اليورو.
كما يستخدم التسهيلات الدائمة، وهي التسهيلات التي تهدف إلى تحقيق الاستقرار الذاتي لمنطقة اليورو، وتخفيف نقص السيولة أو عدم الاستقرار في أسعار الفائدة، وتقسَّم هذه التسهيلات إلى «تسهيلات لومبارد» (وتستطيع البنوك من خلالها الحصول على سيولة بصورة فورية)، و«تسهيلات الإيداع» (وتقوم البنوك من خلالها بإيداع فوائضها في هذه الإيداعات بصورة فورية)، وهذه التسهيلات تلعب دورًا قويًّا في الحد من تقلبات سعر الفائدة.
وأخيرًا، يستخدم المصرف نظام المدفوعات الأوروبي، وهو نظام المدفوعات الخاص بالبنوك المركزية الأوروبية، وهو نظام مدفوعات عبر الحدود يربط أسواق النقد المحلية بصورة فورية بحيث يضمن استقرار أسعار اليورو، وسعر الفائدة عليه.
وفي التجربة الخليجية أعتبرت دول التعاون تهيئة البنى المتعلقة بنظم المدفوعات ونظم تسويتها اللازمة للعملة الموحدة أحد متطلبات قيام الاتحاد النقدي، حيث إن وجود عملة موحدة يتطلب وجود نظام مدفوعات موحد لتسوية المعاملات المالية التي تتم بهذا العملة بصفة آنية كما لو كانت تتم في بلد واحد.
وكخطوة أولى على هذا الطريق اتفقت دول مجلس التعاون الخليجي على إعطاء أولوية قصوى لإنشاء شبكة واحدة للصراف الآلي الخليجي بحيث يتم ربط كل محطات الشبكات الوطنية في دول المجلس.
وتوفر الشبكة الخليجية مزايا عديدة في الوقت الذي تحافظ فيه على المعايير الدولية للشبكات المماثلة. وفي ظل أسعار الصرف الثابتة بين عملات دول المجلس، فإن حسابات الدول الأعضاء يتم تسويتها بعملة كل دولة بدون الحاجة إلى عملة وسيطة.
وأعضاء الشبكة الخليجية هم: الشبكة السعودية SPAN، شبكة الكويت KNET، شبكة مملكة البحرين BENEFIT، شبكة دولة قطر NAPS، شبكة الإمارات العربية المتحدة UAE SWITCH و شبكة عمان OMAN SWITCH.
وإجمالًا فإن توجهات دول التعاون لإقامة نظام مدفوعات يستوعب أكثر من عملة واحدة يأتي أيضًا في ظل السعي لتحرير تحرك عناصر الاستثمار والعمل والانتاج بين دول التعاون بموجب السوق الخليجية المشتركة مما يدفع لتنامي حجم التعاون التجاري والمالي فيما بينها، وضمان عدم تضرر هذه العلاقات في حال تطبيق مشروع الاتحاد النقدي، واستمرار بقاء بعض الدول الأعضاء خارج منظومته، إلى جانب أن هذه الخطوة تتسق مع مقررات السوق المشتركة ومعطياتها التي تواصل منذ تطبيقها فعليًا مطلع عام 2008 المساهمة في تعميق مفهوم المواطنة الخليجية الاقتصادية.
ومن أبرز الأهداف التي سيحققها ربط نظم المدفوعات ونظم تسويتها المالية إجراء التحويلات المالية آليًا وضمان وصولها إلى المستفيد فورًا، وتقديم خدمات ومنتجات مصرفية متطورة، وتقليل المخاطر المالية والاستغناء عن حمل النقد بغرض التحويل من بنك إلى آخر، وخفض تكاليف الخدمات المالية المصرفية، وتعزيز الأداء المالي وتنظيم المدفوعات المالية في القطاع المصرفي، وإرساء الأسس التقنية والإجرائية لأي تطورات مستقبلية مثل التجارة الإلكترونية.
نقلا عن اليوم