قبل بضعة أسابيع، كانت أسواقنا المالية المحلية تشق طريقها بصورة إيجابية، مواصلة نموها وتطورها الذي اكتسبته خلال العام الماضي 2013، واستمر خلال الأشهر الأولى من العام الحالي، مدعومة بعودة الثقة والتفاؤل لدى المستثمرين، قبل أن تحدث بعض التطورات «الغريبة» من جانب بعض مسؤولي الشركات، ما أدى إلى «لخبطة» المؤشرات، وزعزعة تلك الثقة التي تم اكتسابها يوماً بعد يوم عقب انتهاء الأزمة المالية العالمية.
تلك التطورات التي أتحدث عنها، كانت تقوم على تسريبات ومعلومات كان يتم تداولها، بين صغار المستثمرين في قاعات التداول بشأن سهم إحدى الشركات، وإيحاءات بارتفاعه إلى مستويات قياسية، ثم ظهر لنا مسؤول تلك الشركة ليتحدث عن السعر العادل للسهم، ومن ثم تفاعل المستثمرون، خصوصاً الصغار منهم، مع تلك التصريحات الصحفية وبدؤوا عمليات دخول محمومة حولت أسواقنا إلى مضمار للمضاربة «الجنونية» في بعض الأحيان، ما أسهم في تغير أوضاع السوق وتباين أدائها ووصولها إلى ما هي عليه اليوم من حالة تذبذب عالية الحدة.
كانت نتيجة تلك التطورات ما نراه اليوم.. انخفاض قوي جداً للمؤشر يستمر يوماً أو يومين أو ثلاثة، ثم ارتفاع جنوني ليوم أو يومين ثم هبوط مخيف آخر.. وهكذا.. وكل ذلك ناتج عن الاختلال الذي سجلته المؤشرات نتيجة سطوة المضاربات السريعة وانتفاخ بعض الأسهم بصورة سريعة للغاية، دون وجود أسباب منطقية كافية.
الأهم من كل ذلك، هو أنه يتضح جلياً مما يحدث، أن بعض المستثمرين وبعض مسؤولي شركاتنا لم يستفيدوا شيئاً من تجاربهم الماضية أيام الأزمة المالية، فالأخطاء تتكرر، و«سياسة القطيع» ترجع، واستغلال صغار المستثمرين يعود من جديد، وهو أمر يثير التساؤلات حول دور الجهات الرقابية والمشرفة على الأسواق المالية في المحافظة على توازن السوق، وتوفير القدر المطلوب من الإجراءات والشفافية، التي تحمي صغار المستثمرين، وسرعة التحرك عند وجود عمليات بيع أو شراء غير طبيعي على أي من الأسهم.
نأمل أن تتنبه الشركات المدرجة في أسواق المال المحلية، إلى ضرورة العمل باحترافية أكبر، فالانشغال بسهم الشركة ليس طريقاً صحيحاً إلى النجاح، بل لا بد من التركيز على الأداء الفعلي للشركات، كل حسب مجاله، ومن الأهمية بمكان أن يتجنب هؤلاء المسؤولون كل ما من شأنه التأثير على الأسواق وعلى صغار المستثمرين، وقد نصل إلى مرحلة نحتاج فيها أن يرتدي مسؤولو الشركات المساهمة قمصاناً «تي شيرت»، يكتب عليها أهم الأهداف الفعلية والتشغيلية لشركاتهم، وليس أرقاماً تعكس القيمة التي يرونها «عادلة» لأسهم شركاتهم.
نقلا عن الاتحاد الإماراتية