منذ زمن، وأنا أتابع القضايا المتعلقة بالمصرفية ، أو (الصيرفة الإسلامية) ، بدءا من عام 1975، عند تأسيس بنك دبي الإسلامي، مروراً ببنك فيصل الإسلامي، وبنك البركة، وما تلاها من البنوك التي أسست حول العالم. ولاحقاً طورت البنوك السعودية منتجات، أسبغ عليها صفة الإسلامي، واليوم يوجد أربعة بنوك سعودية (من بين 11)، تنعت نفسها بالإسلامية. ولكن مؤخراً عدلت البنوك السعودية مسمى المنتج الإسلامي، إلى مسمى "منتج متفق مع الشريعة الإسلامية".
ويبدو أن الزخم الإعلامي الذي صاحب قضايا إسلامية أخرى، منذ عقد السبعينات، ومنها قضية التضامن الإسلامي، وقضية الجهاد الإسلامي في أفغانستان، قد انسحب دعماً للصيرفة الإسلامية، من ناحية عاطفية، بدون دراسة حقيقية لمكوناتها.
ولكن اليوم هناك نقد ذاتي داخل العالم الإسلامي، لعدد كبير من تلك القضايا، ومنها تقييم الصيرفة الإسلامية، بعيداً عن التكفير، أوالتخوين، أو الاتهام بالتغريب، ولذلك عندما قرأت مؤخراً مقالاً، وكذلك تحقيقاً، حول الموضوع سعدت بهما، واسمحوا لي أن ألخصهما، ثم أبدي رأياً حولهما.
المقال هو للأخ لاحم الناصر المهتم بالصيرفة الإسلامية (الشرق الأوسط22/12/2009)، وبعنوان: "حتى لانظلم الصيرفة الإسلامية"، وملخص المقال هو أن عمر الصيرفة الإسلامية، هو ثلاثة عقود فقط، مقارنة بالصيرفة التقليدية، التي تجاوز عمرها 600 عام، ولذلك فالصيرفة الإسلامية مازالت ناشئة من حيث العمر، والحجم، والبيئة، ويطالب بإعطائها الوقت ، والفرصة، لكي تطور نظامها الخاص.
أما التحقيق المنشور في صحيفة الاقتصادية بتاريخ 27 ديسمبر الماضي وهو بعنوان "فقهاء المصرفية الإسلامية سيجبرون على تطبيق معايير دولية موحدة"، فهو يشير إلى عزم البنك الدولي، (وأعتقد أن المقصود هو صندوق النقد الدولي)، وضع معايير ملزمة للمصرفية الإسلامية، وذلك نابع من غياب مثل تلك المعايير، بسبب ممانعة الفقهاء التاريخية، لتوحيد المعايير، لغرض أن يحصلوا على مساحة أكبر في موضوع الخلاف. أي إن الحرص على الاختلاف، هو أكبر من الحرص على التوحيد، والاتفاق، ولذلك نجد أنه نشأت مدارس مختلفة للصيرفة الإسلامية، منها المدرسة الماليزية، والأزهرية، ولن أقول المدرسة السعودية، لأن ما لدينا هو مجموعة آراء فقهية مختلفة، أدت إلى صعوبة التعاون بين وحدات التمويل الإسلامية.
ملاحظتي على المقال، والتحقيق، هي أنه شيء جيد أن نناقش أوجه القصور في المصرفية الإسلامية، بعيداً عن التشنج، وأن نزيل القدسية، التي أعطيت لها، على مدى ثلاثة عقود، وأن نناقش سبل تطويرها بهدوء.
أخيراً، ولكي لا أتهم بالتجنّي، فلي تجربة مباشرة، حيث عملت في مرحلة سابقة، مديراً عاماً لأحد البنوك السعودية، وقدم لي عرض عن عمل الوحدة المصرفية الإسلامية، وبعد انتهاء العرض، كان واضحاً لي أن الإجراءات المتبعة، هي ذات المصرفية البنكية، باستثناء عمليات تغليف، وتعبئة، وبسعر أعلى، وعندها اعترف لي المسؤول بذلك، وذكّرني بالمقولة التي تقول "ضع بينك وبين النار مطوع"، وأضاف بأنهم استشاروا أولئك المشايخ، الذين لا يتجاوز عددهم أصابع اليد، ويشغلون اليوم جميع مقاعد اللجان الشرعية للبنوك، وشركات التأمين السعودية، وهذا يثير سؤالاً حول باقي المشايخ: أين هم؟ وما هو موقف المجمع الفقهي من الصيرفة الإسلامية؟! .
قرات في هذا المقال اعتراف خطير منك استاذ سليمان عن واقع المصرفية الاسلامية.. بمناسبة مقولة ( ضع بينك و بين النار مطوع ) اذكر انه قبل عامين اتصل بي البنك الاهلي و عرض علي بطاقة ائتمانية لا اذكر اسمها تتوافق مع الشريعة الاسلامية حسب قوله و انها مجازة من اللجنة الشرعية و عندما شرح لي تفاصيلها تعذر علي فهم الفرق بينها وبين البطاقة الائتمانية العادية حيث انها تحتسب عليك فوائد عند التاخر عن السداد .. فسالت الموظف و قلت له انا باخذها بس على شرط تكون على ذمتك و انت محاسب يوم القيامة ان كان فيها شبهة ربا .. فتغير كلام الرجل و قال كله على الشيخ اللي اجازها ..
لا حول ولا قوة إلا بالله يعني حتى الاسلام اصبح طريقة لتسويق المنتجات البنكية اصبحنا في اخر الزمان وهذا مصداق لحديث الرسول فيما معناه أن الجميع سيصيبهم على الأقل ريح الربا يالله حسن الخاتمة