قبل أيام أعلن البنك المركزي الأوروبي عن قرار غير مسبوق على مستوى البنوك المركزية الكبرى بخفض الفائدة لتصبح بالسالب على ودائع البنوك لديه أي أن الأخيرة ستدفع للبنك المركزي رسوما على ودائعها لديه في خطوة جريئة لضخ أكبر قدر من السيولة بالاقتصاد الحقيقي بالإضافة لخطوات أخرى داعمة لتحريك عجلة الاقتصاد بمنطقة اليورو خوفا من الوقوع بركود اقتصادي طويل الأمد كما حدث باليابان لكن هدف البنك بنهاية المطاف هو خفض معدلات البطالة التي تبلغ 11.8 بالمئة وذلك من خلال دعم تمويل وتنشيط المنشآت الصغيرة والمتوسطة.
ومع ذلك يرى بعض المحللين بالبنوك الأوروبية الكبرى أن تلك الخطوات لا تكفي إلا مع برنامج تيسير كمي ضخم والذي يتوقع أن يكون من الخطوات القادمة قريبا وسبقت أمريكا منطقة اليورو ببرامج وسياسات نقدية توسعية أدت لتنشيط اقتصادها وخفض معدل البطالة باقتصادها من 10 بالمئة إلى 6.3 حالياً خلال خمسة أعوام وفي كلتا المنطقتين كانت تكاليف حل مشكلة البطالة مكلفة لكنه خيار وحيد لمعالجة المشكلة الاقتصادية فيهما ومن كل ما ذكر يتضح أن البطالة تحدٍّ كبير لأي اقتصاد لا يفوقه أي مشكلة أخرى من حيث الأهمية.
ولعل نسبة البطالة لدينا التي تقارب مثيلتها بمنطقة اليورو عند 11.6 بالمئة تعبر عن حجم المشكلة الكبيرة التي يدخل اقتصاد المملكة في تحدي غير مسبوق معها من حيث حجمها الحالي والمستقبلي في ظل التزايد الكبير بنسبة الشباب الداخلين لسوق العمل من المواطنين فما تقوم به وزارة العمل من برامج لخفض نسبة البطالة استطاعت أن ترفع من عدد المواطنين العاملين بالقطاع الخاص لتصل نسبتهم إلى 15 بالمئة خلال الأعوام الأربعة الأخيرة بعد أن كانت 9 بالمئة إلا أن ذلك لم يخفض من نسبة البطالة سوى 0.5 بالمئة هبوطاً من 12.1 بالمئة مما يعني أن الطريق لتخفيضها لمستويات متدنية يتطلب جهوداً كبيرة بخلاف ما اعترى حلول وزارة العمل من خلل افرز ظواهر السعودة الوهمية ورفع من إعداد العمالة الوافدة بسبب طبيعة برنامج نطاقات التي أشبعت شرحاً في جوانبه السلبية، إلا أن ما يجب التوجه له لكي نعالج مشكلة البطالة يتطلب قرارات من قبيل ما قامت به كبرى الاقتصادات العالمية من حيث قوة الحلول ونوعيتها وفق ما يحتاجه الاقتصاد المحلي فمازال دعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة ضعيفاً ولم يظهر منه ما يكفل المساهمة بخفض البطالة كما أن الكثير من القطاعات الاقتصادية الحيوية المعروفة بأهميتها بحلول البطالة محدودة الأثر كالقطاع العقاري السكني والصناعة وغيرها من الأنشطة الخدمية مما يصعب من مهمة وزارة العمل بالمستقبل القريب لدفع الشباب لسوق العمل وحتى نصل لحلول تنشط تلك القطاعات لابد من تفعيل الأنظمة والتشريعات التي صدرت وإنهاء ما تتم دراسته حالياً منها وتعزيز التمويل بالاقتصاد عبر طرق متعددة ذات فاعلية وتأثير أوسع من القائم حالياً حتى تتسارع عجلة النمو والتنمية بالاقتصاد الوطني والتي ستؤدي لحلول جذرية لمشكلة البطالة ولسنوات طويلة.
مؤشر البطالة مقياس رئيس لجودة الاقتصاد ومدى قوته وصلابته وله انعكاس بنفس المستوى من التأثير على المجتمع سواء السلبي بارتفاعه أو الإيجابي بإنخفاضه ولابد من المسارعة بعلاج المشكلة وكل ما يقف بطريقها عبر إجراءات غير مسبوقة وتنسيق كامل بين كل الجهات التي لها علاقة بالملف الاقتصادي يكون دور وزارة الاقتصاد والتخطيط محوريا ليتم العمل على توجيه دفة الاقتصاد نحو وضع قواعد راسخة تفتح الفرص بسوق العمل بوتيرة نشطة ومتوازنة وتنعكس على الاقتصاد بالفوائد المعروفة من زيادة بالإنتاج إلى جذب بالاستثمارات ورفع لمعدلات الانفاق الاستهلاكي الصحي وتقليص الاعتماد على إيرادات النفط بالتنمية الاقتصادية.
نقلا عن الجزيرة
ابق على اطلاع بآخر المستجدات.. تابعنا على تويتر
تابِع