تجاهل مشكلة تزايد القروض لحل أزمة السكن!

01/06/2014 6
عبدالرحمن الخريف

في الوقت الذي نشتكي من ارتفاع أسعار العقارات وعدم الاستفادة من مليارات مشاريع الإسكان في تخفيض أسعار الأراضي بعد توجيهها للشريحة التي لايستهدفها تجار العقار، لوحظ الاستعجال والتشجيع على التوسع بالإقراض العقاري وشرح تسهيلاته وعدم التريث لاستثمار فرصة الركود لنزول الأسعار، وبدعم من نظامي الرهن العقاري والتنفيذ المغيبة مخاطرهما إعلاميا، وبدلا من تعاون جهاتنا باتخاذ قرارات وخطوات فعلية ملموسة لتخفيض أسعار الأراضي وإلغاء معوقات تخطيط الأراضي الخام ورفع عدد الوحدات بالأرض السكنية..الخ، تم اللجوء للحلقة الأضعف وهو المحتاج لتملك السكن بإبلاغه أولا باليأس من مشاريع الإسكان ثم بأنه أصبح مجبرا على الاقتراض ممن لديه سيولة عالية لشراء الأراضي وتحريك ركودها وتملك شقق وفلل خالية منذ سنوات بسبب سوء تنفيذها ومواقعها بوسط شعاب وعلى جوانب الأودية! بل تم التراجع عن المهلة المفتوحة لتقديم ارض لمن صدرت الموافقة على إقراضهم مؤخرا بإرغامهم على شراء ارض خلال سنة من تاريخ الموافقة! كل ذلك لرفع نسبة تملك السكن كانجاز "موقت" للجهة المختصة سيتحمل تبعاته السلبية أسر المقترضين ومستقبل الاقتصاد!

فعندما نرى مراسلا على بند الأجور راتبه (6600) ريال لا يكفي أسرته قد تحققت أمنيته بتملك فله صغيرة جدا(250م) عبر الاقتراض من بنك سواء بالرهن العقاري او بالوعد بالتملك فإننا نسعد بذلك، ولكن سنصدم عندما نعلم بان قيمة المنزل البالغة (650) الف ريال احتسبت كقرض بما يقارب مليون ومائتي الف ريال وبقسط شهري يقارب(4200) ريال لمدة (21) سنة أي ثلثي الراتب وبدون دفعة أولى! فكم سيبقى للصرف على أسرته؟ وهناك حالات أخرى لأقساط تفوق نصف الراتب وبدون دفعة مقدمة! أي نقر تنظيمات ونمارس استثناءات تسهل للعميل ولكنها ترفع التكلفة عليه وتشجع على ارتفاع أسعار العقار! فالمشكلة ليست في الاقتراض وفق الضوابط المحددة وإنما في توقيتها وتطبيقها، فالجهات الممولة تسعى لتحقيق الأرباح السريعة ولا تعنيها الآثار السلبية للتجاوز والتساهل في الإقراض الذي يعتبر المجال الأوسع لرفع العمولات السنوية لمسؤوليها! وبالجانب الآخر هناك محدودية بإدراك الشريحة الكبرى لمخاطر الاقتراض وتهاون الرقابة وتحميل الجهة المشرعة المقترض بكامل المسؤولية وهي تعلم بعدم إدراكه للمخاطر واعتياده على الاقتراض الاستهلاكي!

فالمشهد الذي نراه حاليا بالسوق المحلي بالحث على سرعة الاقتراض بعد تطبيق الرهن العقاري وزيادة الإقراض للشريحة القليلة الدخل ورفع حجم الديون على المواطن هو ذات المشهد الذي رأيناه بأمريكا منذ عام 1996م بدعم تشريعي وتهاون رقابي في مستوى دخل المقترض وتشجيع على رهن جزء من العقار بعد ارتفاع قيمته لترتفع نسبة تملك السكن الأمريكي من (64%) الى (69%) عام 2004م شكليا بدأت بفائدة (1%) وتجاوزت (5%) عام2006م ولكن بقروض فاسدة انكشفت حقيقتها نهاية عام 2008م تم إعادة بيعها بسبب تعثر السداد!

ومن يشاهد الدعوات للمواطنين بالاقتراض لتملك السكن بمبالغ عالية جدا (قيمة السكن والفائدة) والفائدة المتغيرة والأقساط العالية وبدون دفعة مقدمة سيدرك النتيجة التي ستؤول إليها شريحة من مجتمعنا ستبدأ في سداد الفائدة وستعجز عن سداد قيمة العقار إضافة للحالة النفسية الصعبة للأسرة لقلة المبلغ المتبقي من الراتب لسنوات طويلة حتى بعد التقاعد في ظل ارتفاع تكلفة المعيشة! وسنكتشف مخاطر نظام التنفيذ وبدون استفادة جهاتنا من مشكلة التوسع بالإقراض لتصريف عقارات، وأزمات عاصرناها لدول كبرى مع أننا كنا ننفي تأثرنا بها لقوة النظام المصرفي وعدم وجود قروض عقارية كبيرة على الشريحة المتدنية الدخل، ومانخشاه حينها انه لن يصعب علينا تنظيم اللقاءات وكتابة المقالات حيث سنكتفي بترجمة مانشر عام 2008م عن أزمة القروض الأمريكية! فالتساهل في منح القروض يدعم أسعار العقار ويحولها بالأسعار العالية لشريحة لن تستمر بالسداد وقد تنهار مجددا وتتشرد ليتم استعادتها لاحقا من قبل أصحاب السيولة بالأسعار الأقل وعبر تسييل البنوك لها وكما فعلت عام 2006م بمحافظ التسهيلات.

نقلا عن الرياض