الاتفاقيات التي أُعلن عن توقيعها الأسبوع الماضي بين المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني وعدد من المؤسسات الأجنبية لإدارة 27 كلية ضمن ما يُسمى بـ «كليات التميُّز» تظهر تشخيصاً غير مناسب لحقيقة المشكلة التي تواجه التدريب الفني.. ورغم عدم وجود أي مبرر لتوقيع اتفاقيات من هذا النوع مع مؤسسات قد يكون كل ما تملكه هو كونها أجنبية ولا تملك أي تميُّز أو إنجاز في بلدانها يؤهلها للقيام بهذه المهمة، إلا أن الإشكالية الأدهى والأكثر إثارة للاستغراب هي أن هذه المبادرة تظهر بجلاء تام أننا نبحث عن الحل في المكان الخطأ.
فالمشكلة الأساسية التي تواجه التدريب الفني هي التوسع المبالغ فيه وغير المبرر في التعليم الجامعي الذي جعل ما يزيد على 96% من خريجي الثانوية يُقبلون في الجامعات بحيث تردت مدخلات التدريب الفني وضعف الإقبال عليه بشكل كبير، بصورة تجعل من المستحيل تطوير هذا القطاع مهما بذل من جهود طالما لم يعد النظر في نسبة القبول في الجامعات، وأي حل لا يتعامل مع هذه المشكلة الحقيقية هو ذر للرماد في العيون وهدر غير مقبول ولا منطقي للمال العام. وفي عام 2011 لاح في الأفق أملٌ بأننا في الطريق إلى تصحيح هذا الخلل عندما صدر قرار بتخفيض نسبة القبول في الجامعات ومؤسسات التعليم العالي الأخرى بحيث لا تتجاوز هذه النسبة 70% من خريجي الثانوية العامة، حيث نص القرار على تكون نسبة من يتم قبولهم في الجامعات 55% من إجمالي الملتحقين في مؤسسات التعليم الجامعي من خريجي الثانوية، و15% في كليات المجتمع، و25% في التدريب الفني، و5% في بقية مؤسسات التعليم العالي.
إلا أن هذا القرار لم يتم تفعيله على الإطلاق واستمر النمو في القبول في الجامعات إلى حد أنه وبانتهاء عملية القبول الجامعي في العام الماضي كان لا يزال هناك عشرات الآلاف من المقاعد الجامعية الشاغرة.. وإذا عرفنا أن الكليات التقنية كانت دوماً ملجأً أخيراً للخريجين، فإنه وبسبب توسع القبول الجامعي لم يعد هناك من يحتاج إلى اللجوء إليها فتراجعت مستويات مدخلاتها بشكل كارثي وتدنى عدد المتقدمين إليها بحدة، بصورة جعلت ما ينفق على هذا القطاع هدر للمال العام ناهيك عن أن يتم تبني مبادرات مكلفة لا تتعامل ولا تراعي هذا الواقع وتتجاهل حقيقة أنه لن يكون ممكناً تغير حال التدريب الفني ما لم يوقف هذا التوسع غير المبرر في القبول الجامعي.
والحقيقة أن التوسع الكبير في القبول في الجامعات خلال السنوات القليلة الماضية الذي جعل كافة خريجي الثانوية العامة تقريباً يجدون لهم مكاناً في الجامعات لم يتسبب فقط في انصراف الخريجين عن التعليم الفني، بل تسبب أيضاً في تدهور مستوى مدخلات الجامعات نفسها كون جزء كبير من المقبولين فيها غير مؤهلين أصلاً لمواصلة تعليمهم الجامعي، يزيد من حدته طبعاً كون مخرجات التعليم العام في المملكة تعاني من تردٍ شديد وضعف غير مقبول في مستوى تحصيلها العلمي.
وفي الدول التي يتصف نظامها التعليمي بأنه في وضع أفضل بكثير من وضع نظامنا التعليمي نجد أن نسبة بسيطة من خريجي الثانوية العامة تُعتبر مؤهلة للالتحاق في الجامعات.. على سبيل المثال، في الولايات المتحدة تقدر نسبة المؤهلين فعلاً للالتحاق بالجامعات بـ32% فقط من خريجي الثانوية، كما لا تتجاوز نسبة المقبولين في كافة مؤسسات التعليم فوق الثانوي 67% فقط من خريجي الثانوية، وهذه النسبة لا تزيد على 70% في أستراليا، وتنحدر في اليابان إلى 45% فقط، ما يؤكد أن معظم من يتم قبولهم في جامعاتنا غير مؤهلين لذلك مطلقاً وأننا في أمس الحاجة لإعادة النظر في هذا التوجه.
تدني مساهمة العمالة المواطنة في سوق العمل وارتفاع معدلات البطالة يؤكد أن هناك دوراً مهماً يمكن أن يقوم به التدريب الفني في إيجاد عناصر وطنية مدربة قادرة على اقتناص فرص العمل المتاحة للمؤهلين فنياً وتقنياً، إلا أن تحقيق هذا الهدف لن يكون ممكناً ما لم نتبن إستراتيجية مختلفة لتأهيل مواردنا البشرية تُقيد قبول خريجي الثانوية في الجامعات وتدفع بالمزيد من خريجي الثانوية نحو التدريب الفني، وإلى أن يتحقق ذلك فلا مبرر مطلقاً لهدر المال العام في مبادرة لا تملك أدنى فرصة للنجاح.
نقلا عن جريدة الجزيرة
كلامك صحيح ولكن ( ولكن هذه حط تحتها عشرين خط ) ... نحن كنا ندرب في الكليات التقنية وبعد التخرج لا يجدون وظائف ولذالك زهد كثير من خريجي الثانوية بالدخول بالكليات التقنية وتوجهوا إلى الجامعه لان فرص التوظيف بعد التخرج افضل ... اذا كنا جادين في تخريج الكثير من الفنيين المحترفين والمؤهلين فعلينا ان نرفع من مستوى ومدخلات التعليم الفني وفي نفس الوقت نقلص التعليم الجامعي فنحن فعلا بحاجة فنيين أكثر من الحاجه إلى جامعيين بمستوى تعليمي منخفض ... أحيانا يبدوا التخطيط لدينا متناقض فنحن نبني من جهه ثم نلحظ أننا نهدم من جهه أخرى .. والسبب ليس هناك ترابط في التخطيط بين القطاعات .
فكرة الموضوع بدأت ممتازه وفجأة انحدر الموضوع الى الحضيض وتم مناقشة موضوع القبول في الجامعات بأنه السبب الرئيسي لتدني مدخلات ومخرجات التعليم الفني, وهذه مغالطه وخطأ فادح يدل على ان الكاتب غير ملم بواقع التعليم الفني المتردي ومخرجاته المتدنيه, لكنني اود ان اذكر الكاتب بأن كلية الجبيل وينبع الصناعية تعتبر كليات تقنيه وفنيه ورغم القبول المفرط في الجامعات كما يقول الكاتب الا انها ما زالت تحظى بقبول الطلاب واحترام القطاع الخاص رغم ما فيها. التعليم الفني سيء جدا ومخرجاته رديئة لا تتناسب مع متطلبات واقع العمل, واقتراح توجيه الطلاب وقبولهم فيه بشكل مفرط سيزيد من المشكله ويفاقم واقع البطاله......الحل في نظري تحويل بعض كلياته الى جامعات متخصصه ككلية الأتصلات والكليات التقنيه واعطاء الطلاي دبلوم فني, او بكلوريوس, وتركيز التعليم الفني على معاهد التعليم والتدريب الفني للبنيين والبنات بما يناسب متطلبات سوق العمل والأحتياج الفعلي.
أنا أتساءل ياإخوان أين ذهب خريجوا معاهد التدريب التى أنشأتها الدولة منذ مايقارب 60 عام ومازالت ؟ هل سبق لأحدكم أن تعامل مع فنى سعودى ؟ أحضرت سباك بالطبع أجنبى لإصلاح خلل فى فيلتى لم يستغرق إصلاحه 45 دقيقة تقاضى عليه أجرة مائة وخمسون ريالا. أنا مستعد أتعامل مع مواطن سعودى وأدفع مائتى ريال ولكن أين هو ؟؟؟