التحول في المنافسة

09/04/2014 0
د.عبد الوهاب بن سعيد القحطاني

من المنافسة إلى التعاون والتكامل، هذا هو التوجه في العالم الصناعي المتقدم، فقد تحولت الشركات في الدول الصناعية المتقدمة من شركات متنافسة إلى شركات متكاملة، من خلال استراتيجيات تعاونية؛ لأنها أدركت أهمية هذا التوجه لنموها وكفاءتها الإنتاجية وتحقيق الأرباح العالية والمبيعات التي تساعدها على توسيع نشاطاتها، وحصتها السوقية في الأسواق العالمية.

وما التعاقد بين بعض هذه الشركات سواء في مشاريع مشتركة أو عقود توريدية مختلفة، إلا مثال واضح على الرؤية التعاونية مع بزوغ شمس الألفية الثالثة.

وقد وجدت الشركات العابرة للقارات، أهمية كبيرة في التعاون مع منافسيها نحو تعاون مشترك يخدم مصالحها ومصالح دولها. 

الإطار الجديد للتعاون والتكامل بين الشركات، يساعدها على تحقيق أهدافها بنجاح، بل يجعلها تعتمد على بعضها وتخرج من النمط التقليدي، الذي يرتكز على السرية في تعاملها مع بعضها، فلا تشارك بعضها في المعلومات والموارد.

أما اليوم فإن الشركات الناضجة تتعامل فيما بينها بشفافية عالية وتبادل أمثل للمعلومات والموارد؛ لتحقيق الأهداف المشتركة. 

الشركات البترولية الأمريكية على سبيل المثال، دخلت في اتفاقات تعاونية؛ للاستثمار خارج الولايات المتحدة، وكونت تكتلات عملاقة تخدم مصالحها المشتركة بالرغم من التنافس فيما بينها في بلدها.

والقطاعات الاقتصادية المختلفة في المملكة بحاجة لرؤية مشتركة، تدفعها نحو تحقيق الأهداف الإستراتيجية للمملكة، ومنها التنمية الاقتصادية المستدامة.

ومن أكثر القطاعات الاقتصادية التي يفترض فيها التكامل والتعاون، هما كل من قطاع البترول وقطاع البتروكيماويات.

فكما هو معروف أن شركة أرامكو السعودية تزود بعض شركات سابك بالبترول الذي يعد الأساس في المنتجات البتروكيماوية، لكن بعد توجه رؤية أرامكو السعودية نحو إنتاج البتروكيماويات بالتعاون مع شركة داو، عندما أسست شركة صدارة للبتروكيماويات أصبحت العلاقة التعاونية بينها وبين سابك تنافسية، من منظور بعض الاقتصاديين، بالرغم من تطمين أرامكو السعودية لسابك بأنها ستتعاون معها.

وهناك صناعات إنشائية في المملكة مثل: قطاع الأسمنت، وقطاع الحديد والصلب، يمكن أن يكون بينهما رؤية مشتركة لخدمة حاجة الإسكان في المملكة من أسمنت وحديد تسليح.

وتعد الإدارات المنغلقة للشركات في المملكة من معوقات التكامل الاقتصادي بينها، حيث تهيمن ثقافة المنافسة والاحتكار على أفكار إدارات الشركات، في العديد من القطاعات الاقتصادية، لذلك من الضرورة تحررها من هذا الفكر القديم، والتكيف مع الفكر التعاوني المتكامل بين الشركات من جهة، والقطاعات الاقتصادية المختلفة من جهة أخرى. 

وتعتبر ممارسة وفلسفة إدارة سلسلة الإمداد، من الممارسات الحديثة، التي تتطلب التعاون والتكامل بين الشركات من جهة والقطاعات الاقتصادية المختلفة الإنتاجية أو الخدمية من جهة أخرى. 

وفي الختام، لا بد للشركات السعودية من تبني الفكر التعاوني التكاملي، وتذليل المعوقات غير المالية التي تحول بين الشركات، وتحقيق سياساتها المالية التي رسمتها.

وفي حال عدم تذليلها للمعوقات؛ فإنها ستجد صعوبة في الوصول إلى سياسات مالية سليمة، بل ستفشل في تحقيق الأهداف الإستراتيجية المأمولة. وتعد الإجراءات من أكثر هذه العوامل تأثيراً في السياسات المالية للشركات؛ لأنها طويلة ومعقدة ومملة.

نقلا عن جريدة اليوم