تداعيات اجتماعية للمقاطعة الغربية لروسيا

03/04/2014 0
عامر ذياب التميمي

يُعتـبَر الاقتصاد الروسي الثامن في العالم لجهة حجم الناتج المحلــي الإجمالي الذي بلغ 2.2 تريليون دولار عام 2012.

ويساوي نصـــيب الفرد من الناتج القومي 14.2 ألف دولار سنوياً.

وسجلت صادرات روسيا عام 2012 نحو 542 بليون دولار توزعت أساساً على مواد خام، مثل النفط والغاز الطبيعي، إضافة إلى مواد مصنعة مثل المنتجات البترولية ومشتقاتها والمواد الكيماوية والمعدات العسكرية.

ومن أهم الدول المستوردة من روسيا هولندا بنسبة 15 في المئة من الصادرات الروسية وألمانيا (6.8 في المئة) والصين (6.8 في المئة) وإيطاليا (6.2 في المئة) وأوكرانيا (5.2 في المئة) وتركيا (5.2 في المئة) وروسيا البيضاء 4.7 في المئة.

أما الواردات التي بلغت 358 بليون دولار فتوزعت على وسائط نقل ومواد طبية وبلاستيكية ومعادن شبه مصنعة إضافة إلى مواد غذائية مثل اللحوم والخضروات والفواكه.

وأهم الدول المصدرة هي الصين بنسبة 16.6 في المئة من الواردات الروسية وألمانيا (12.2 في المئة) وأوكرانيا (5.7 في المئة) واليابان (خمسة في المئة) والولايات المتحدة (4.9 في المئة) وفرنسا (4.4 في المئة) وإيطاليا (4.3 في المئة).

ويتضح من خريطة الصادرات والواردات ان العلاقات الروسية التجارية أصبحت هيكلية مع دول الغرب، ويمكن لأي مقاطعة تجارية من تلك الدول إذا كانت منضبطة وصارمة ان تحدث أضراراً مهمة للاقتصاد الروسي، إذ تعتمد روسيا على العديد من تلك البلدان لتحقيق إيرادات سيادية من صادراتها، وثمة كثيراً من السلع والبضائع الأساسية التي تستوردها روسيا من بلدان الغرب الرئيسة.

لا شك ان المقاطعة، مهما كانت درجة انضباطها وصرامتها، ستحدث تراجعاً في أداء الاقتصاد الروسي خلال الشهور والأعوام المقبلة.

ولا بد ان يتراجع معدل النمو الاقتصادي بعدما هبط خلال 2013 إلى 1.3 في المئة مقارنة بـ 3.4 في المئة عام 2012، ولذلك يُتوقَّع ان يتراجع معدل النمو ان لم ينقلب انكماشاً العام الحالي.

واعتمد الروس خلال السنوات المنصرمة على أداء قطاع النفط والغاز بعدما بلغ إنتاج النفط 10.4 مليون برميل يومياً يُصدَّر 7.2 مليون برميل منها.

وأصبحت روسيا مكشوفة أمام متغيرات سوق النفط وأي مقاطعة لصادراتها النفطية لا بد ان تضعف قدرتها على تحصيل إيرادات سيادية أساسية تبلغ 402 بليون دولار سنوياً.

وتعتمد إيرادات الخزينة على الضرائب المفروضة على أرباح الصناعات النفطية وغيرها. وربما يظل الغاز مصدراً مهماً للإيرادات السيادية، إذا لم تتوافق الدول الأوروبية والولايات المتحدة على بدائل للغاز الطبيعي الروسي الذي يشكل أكثر من 33 في المئة من الواردات الأوروبية من الغاز.

لكن هل يمكن للولايات المتحدة ان توفر مصادر للغاز للبلدان الأوربية بدلاً من روسيا؟ لا شك ان ذلك سيكون من أهم التحديات التي تواجه سياسة المقاطعة الغربية لروسيا التي تعاني مشكلات اقتصادية واجتماعية وقد تؤدي المقاطعة الاقتصادية من بلدان الغرب مهما كانت محدودة إلى تعطل القدرات على تجاوز تلك المشكلات.

بلغ عدد سكان روسيا نهاية 2013، نحو 143 مليون شخص موزعين على فئات عمرية إذ تصل نسبة من هم أقل من 15 عاماً إلى 16 في المئة، أما من تراوح أعمارهم بين 15 و24 عاماً فتبلغ نسبتهم 11.5 في المئة وأولئك الذين تراوح أعمارهم بين 25 و45 عاماً 46 في المئة، والذين تراوح أعمارهم بين 55 و65 عاماً 13.1 في المئة. أما العمر الوسيط فهو 39 عاماً.

وبذلك يميل المجتمع السكاني إلى الشيخوخة، يضاف إلى ذلك ان متوسط العمر في روسيا هو 70 عاماً ويعتبر منخفضاً مقارنة به في البلدان الصناعية الرئيسة التي يقارب معدل الحياة فيها 80 عاماً.

أما معدل النمو السكاني فيظل منخفضاً ويقارب 0.23 في المئة سنوياً، في حين لا يزيد معدل الخصوبة عن 1.7 طفل للمرأة في سن الإنجاب.

وتعاني روسيا ارتفاع معدل الوفيات الذي يكاد يقارب معدل الولادات الجديدة. ويعزو المختصون الديموغرافيون هذه الوضعية إلى تدني مستوى الرعاية الصحية وانتشار الأمراض الناتجة عن الإدمان على الكحول.

وهكذا يتضح ان روسيا تحتاج إلى زيادة في الإنفاق على الرعاية الصحية والاجتماعية والاهتمام بتطوير نوعية الحياة في البلاد وتعزيز عمليات حماية البيئة في أوضاع مناخية صعبة.

ويُعتبر احتلال الاقتصاد الروسي المرتبة الثامنة عالمياً مؤشراً مخادعاً إذا أخذنا في الاعتبار نوعية النشاطات الاقتصادية ومحدودية مساهمة الصناعات التحويلية وتلك التي تعتمد على الكفاءة والمعرفة.

ولا بد لأي اقتصاد معاصر ان يعمل لتطوير آليات الصناعات التحويلية والخدمات الأساسية ويعزز الصادرات من السلع والبضائع المصنعة إذا قُدِّرت له الاستدامة ومواجهة التحديات الاقتصادية العالمية.

وإذا ظل الاقتصاد الروسي محاصراً خلال السنوات المقبلة ستظل إمكانات التحديث محدودة، ان لم تكن معدومة، إذ ستتوقف تدفقات رؤوس الأموال وتتراجع الإيرادات السيادية، ناهيك عن الآثار التي سيعانيها المواطنون من جراء ارتفاع معدلات التضخم بعد تراجع سعر صرف الروبل، وتزايد أعداد العاطلين من العمل نظراً إلى تدهور أوضاع مختلف القطاعات الاقتصادية.

نقلا عن جريدة الحياة