في الأسابيع القليلة الماضية أبرمت السعودية أفضل عقود شراكاتها الاستراتيجية مع أكبر دول العالم كثافة للسكان وأكثرها استيراداً للنفط وأفضلها نمواً في الاقتصاد وأعظمها ثقلاً في النظام التجاري العالمي، الصين والهند، اللتين يطلق عليهما اليوم اسم "تشينديا" المشتق من مجموع الأحرف الأولى لاسمي هاتين الدولتين باللغة الإنجليزية.
وهذا ليس مستغرباً، فخلال العام الماضي حققت المملكة المركز الأول بين الدول العربية في قيمة التبادل التجاري مع الصين الذي وصل سنوياً إلى 75 مليار دولار أميركي، ومن المتوقع أن يفوق الـ120 مليار دولار بعد 5 سنوات، ليصب الميزان التجاري بين البلدين في صالح المملكة بنسبة 70%.
كما تتربع المملكة على المرتبة الأولى بين دول العالم في تصدير النفط إلى الصين بواقع 21% من كافة واردات الصين من النفط الخام، لترتفع هذه النسبة إلى 30% بعد 3 أعوام، مما يؤكد على قوة مركز المملكة التجاري وعلاقتها الاقتصادية مع الصين.
ولا تقل الهند مرتبة عن الصين بالنسبة للعلاقات السعودية التجارية المتميزة. فالمملكة تعتبر اليوم الشريك التجاري الرابع للهند بين دول العالم، إذ تجاوزت قيمة التبادل التجاري بين البلدين في العام الماضي مبلغ 45 مليار دولار أميركي، لتحتل المملكة المركز الـ12 ضمن أكبر مستورد في العالم للصادرات الهندية، والمرتبة الـ5 ضمن أكبر الدول المُصَدِّرة للهند، والمركز الـ4 ضمن أكبر مستورد للعمالة الفنية الهندية التي فاقت مليوني عامل في العام الجاري.
وفي تقريرها الاقتصادي الصادر في 30 مايو 2013، أكدت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أن الهند تفوقت على اليابان في العام الماضي وأصبحت تمتلك ثالث أكبر اقتصاد عالمي بعد الولايات المتحدة والصين من حيث القوة الشرائية.
وأوضح التقرير أن القوة الشرائية الهندية قفزت بنسبة 6% مقارنة باليابان.
قبل 3 أعوام تجاوزت الصين غريمتها اليابان كثاني أغنى دولة في العالم بعد أميركا. وبعد 10 أعوام من اليوم ستتربع الصين على عرش قائمة الدول العظمى كأكبر اقتصاد عالمي عرفه التاريخ، تليها أميركا ثم الهند في المرتبة الثالثة.
التقرير الرسمي الأخير الصادر في نهاية العام الماضي عن مؤسسة "يورومونيتر إنترناشيونال"، أكد على أن المارد الصيني سيصبح أكبر اقتصاد في العالم بحلول 2022، وبناتج محلي إجمالي يفوق 28 تريليون دولار.
كما توقع التقرير أن الناتج المحلي الإجمالي في أميركا سيتراجع للمرتبة الثانية ليسجل 22 تريليون دولار، بينما تقفز الهند للمرتبة الثالثة بقيمة 10 تريليونات، وتليها اليابان بقيمة 6 تريليونات، ثم روسيا وألمانيا والبرازيل وبريطانيا وفرنسا وأخيراً المكسيك.
في شهر يوليو القادم سيفاجأ العالم بتقرير منظمة التجارة العالمية نصف السنوي، الذي يتوقع تحقيق "تشينديا" مكاسب صافية ضخمة في التجارة الخارجية على حساب أميركا وأوروبا واليابان خلال العام الجاري.
فبعد أن كانت صادرات "تشينديا" لا تتعدى المركز الخامس بين الدول قبل انضمامها للمنظمة في عام 2011، تحتل الصين والهند خلال العام الجاري المركز الأول في الصادرات والواردات معاً، وذلك لأول مرة في تاريخ النظام التجاري العالمي.
خلال العقد الماضي أبدعت "تشينديا" داخلياً وخارجياً في توظيف جهودها واستثمار عقول أجيالها في توجيه دفة النظام التجاري العالمي لصالحها.
نجحت الصين والهند في تخفيض نسبة الفقر بين صفوف مجتمعاتها من 73% إلى 32%، وقفزت قيمة صادراتها العالمية بنسبة 21% سنوياً بينما حققت استثماراتها المباشرة أعلى المستويات في العالم، لتساهم في إيجاد 100 مليون وظيفة عمل جديدة لمواطنيها وتجهيز 100 مليون وظيفة أخرى لاستقطاب خريجي الجامعات في العقد القادم. كما أنشأت "تشينديا" خلال العقد الماضي 865 مجمعاً صناعياً متكاملاً، وفتحت 212 جامعة علمية و2400 معهد صناعي، وأسست أعظم المشاريع الزراعية التي عرفها التاريخ.
بين ليلة وضحاها أصبحت أسواق "تشينديا" مرتعاً خصباً للشركات العالمية، ومركزاً واعداً لصناعة الطائرات والسيارات والأجهزة والمعدات والقاطرات والمنسوجات والملابس وتقنية المعلومات.
وجاء ذلك بعد إعلان الصين والهند أن حجم تبادلهما التجاري السنوي مع دول العالم تخطى لأول مرة عتبة 4 تريليونات دولار في عام 2013، مؤكدة أن "تشينديا" باتت القوة التجارية الأولى في العالم، ليصبح الاتحاد الأوروبي الشريك التجاري الأول لها، تليه الولايات المتحدة ودول مجموعة آسيان وهونغ كونغ واليابان.
هذه الإحصائيات تتزامن مع تقرير صندوق النقد الدولي الذي أكد أن الاقتصاد العالمي سيشهد تغيرات غير مسبوقة خلال العقدين المقبلين، لتفقد الدول المتقدمة مكانتها وتحل محلها دول ناشئة من آسيا ودول الخليج العربية، حيث من المتوقع أن تبقى السعودية أكبر اقتصاد في الشرق الأوسط، ليتضاعف ناتجها المحلى الإجمالي من مستواه الحالي عند 718 مليار دولار أميركي في 2013 إلى 1,5 تريليون دولار بحلول 2028.
وتوقع التقرير أيضاً أن تحتل السعودية المركز الـ17 في قائمة أكبر الاقتصادات في العالم بحلول 2018 نتيجة النمو المتسارع الذي تشهده المملكة.
نجاح الاتفاقات التجارية والاقتصادية الموقعة بين المملكة و"تشينديا" يؤدي إلى تحقيق المراكز المتقدمة لهذه الدول الناشئة في النظام التجاري العالمي، ويحقق أهدافها جميعاً في اكتساح أسواق دول المعمورة نتيجة لامتلاك المملكة المزايا النسبية الفريدة في الطاقة والصناعة، المترابطة مع مهارة "تشينديا" في تحديد أهدافها التنموية وتسخير مزاياها التنافسية لتحييد عشوائية العولمة.
أسطورة نجاح المملكة إلى جانب "تشينديا" في عصر العولمة تمنحنا فرصة نادرة لصعودنا إلى مصاف دول العالم الأول.
نقلا عن جريدة الوطن
ﺍﻟﻠﻪ يعطيك العافيه .. مقال مفيد