السعودية والصين.. رسائل اقتصادية عدة

18/03/2014 2
د. جون سفاكياناكيس

على خلفية زيارة ولي العهد السعودي إلى الصين، نظّمت الهيئة العامة للاستثمار منتدى حول الاستثمارات الصينية– السعودية وتشرّفتُ بالحصول على دعوة لإلقاء كلمة في هذا المنتدى.

وبالمقارنة مع المنتديات التي شاركت بها داخل وخارج المملكة خلال الشهور القليلة الماضية، كان هذا المنتدى في الحقيقة من أفضل المنتديات تنظيماً ومن أشدّها إثارة للاهتمام.

تُبرز زيارة ولي العهد الأهمية التي توليها المملكة لعلاقاتها مع الصين وآسيا ككل. فقبل أسابيع قليلة فقط، زار ولي العهد السعودي باكستان واليابان والهند والمالديف. وتتمثل الرسالة الأولى لهذه الزيارات بأنّ آسيا ككل مهمة بالنسبة للمملكة ولكن الصين تكتسي أهمية خاصة.

وتصدّر المملكة النفط والبتروكيماويات بالدرجة الأولى. وفي عام 2012، استوردت آسيا 60 % من إجمالي صادات الخام السعودي و56,6 % من إجمالي صادرات المملكة من مشتقات النفط. وجاءت أمريكا الشمالية في المرتبة الثانية حيث استوردت 18,7 % من إجمالي صادرات المملكة من النفط الخام. وإذا نظرنا إلى أي توقعات، نجد أن آسيا عموماً والصين خصوصاً، وليس أوروبا والولايات المتحدة، تمثلان سوق النمو المستقبلي للنفط ومشتقاته.

بمجرّد السير على الأقدام أو قيادة سيارة في بكين، يلاحظ المرء الدينامية النشطة لهذه المدينة. وإذا كنتَ تعتقد أن الرياض فيها أكثر مما ينبغي من السيارات، فما عليك إلا أن تأتي إلى بكين لكي ترى الازدحام المروري الخانق أثناء ساعة الذروة.

وبات التلوث مشكلة حقيقية في الصين لدرجة أن شركة باناسونيك Panasonic أعلنت مؤخراً أنّها ستدفع للعمال الوافدين تعويضاً إضافياً لكي يعملوا هناك.

لكن كلّ فرد طموح في الطبقة المتوسطة الصينية يريد امتلاك سيارة. وكلّ ثانيتيْن، يستلم زبون في مكان ما عبر الصين سيارة جديدة –وهذا جزء من طفرة الاستهلاك المحلي التي ستؤدي بالصين إلى إضافة 21 مليون سيارة وشاحنة وحافلة جديدة إلى إسطولها من المركبات الآلية في عام 2014 (بينما يبلغ هذا الرقم مليون مركبة بالنسبة للمملكة).

ويعني استمرار معدل النمو هذا أنه قد يكون لدى الصين أسطول من المركبات الآلية أكبر من أسطول الولايات المتحدة بحلول عام 2020.

وفي عام 2020، سيكون هناك نحو خمسة ملايين سيارة- من أصل أكثر من 260 مليون سيارة على الطرق الصينية– من الطرازات الهجينة Hybrid أو الكهربائية التي تعمل بالبطاريات، بينما ستستخدم المركبات الأخرى محركات تعمل بالوقود التقليدي.

وسيعمل العديد من سيارات الأجرة والشاحنات والحافلات في الصين على الغاز الطبيعي المضغوط. وسيكون هناك العديد من وسائل المساعدة في اقتصاد الوقود، بالإضافة إلى الحوافز المالية.

وتصدّر المملكة اليوم مليون برميل من النفط يومياً إلى الصين، بينما كادت تنعدم الصادرات النفطية السعودية إلى الصين في أوائل التسعينيات.

وتُعدّ الصين المصدَر الثاني لواردات المملكة بعد الولايات المتحدة.

وفي عام 2012، بلغت القيمة الكلية للصادرات الصينية إلى المملكة 74 مليار ريال سعودي؛ أي ما يعادل 12,7 % من إجمالي واردات المملكة، بينما بلغت هذه النسبة 5,3 % في عام 2002.

في المقابل، صدّرت الولايات المتحدة إلى المملكة ما قيمته 79 مليار ريال سعودي في عام 2012.

لكنْ لا ينبغي على السعوديين أن يُفتنوا بصادراتهم الهيدروكربونية إلى الصين لأنها قد تتغير مع مرور الوقت بسبب دخول التكنولوجيا مرحلة ثورية خلال العقديْن القادميْن.

وفيما تحرص الصين وسواها من الدول على تصدير سلعها، تحتاج المملكة إلى اختيار أفضل السبل التي تخدم مصالحها وتساعدها في تنويع اقتصادها بعيداً عن النفط.

لكنْ ينبغي على السعوديين أن ينظروا إلى التجارة من منظور نقل التقنية وتوطينها. لذا ينبغي عليهم أن يطرحوا على أنفسهم السؤال التالي: من أين نستطيع الحصول على نقل أكبر قدر من التكنولوجيا مع التعاون في مجاليّ البحث والتطوير والتسويق بأقلّ التكاليف الممكنة؟ وفي الحقيقة، هذا هو النموذج الذي تبنّته تايوان في السبعينيات عندما حاولت تصنيع البلاد لكنها استقطبت أيضاً شركات تكنولوجية عالمية وطّنت العديد من عملياتها، كجزء من إستراتيجية تنميتها الاقتصادية.

نقلا عن جريدة اليوم