تعتبر فترة السبعينيات العصر الذهبي لأوبك، فلقد كان بحق مسرحا لتنافس القوى الكبرى على البترول وازدهار دور أوبك.
ففي نهاية الستينيات ومطلع السبعينيات تزامنت أحداث متتالية، وانعكس تأثير تلك الأحداث في بداية السبعينيات على أسعار البترول وامداداته، فلقد كان إغلاق قناة السويس بعد حرب حزيران، وتوقف العمل في مشروع خط انابيب (التابلان) الذي يجلب البترول من السعودية إلى البحر المتوسط نتيجة حادث ارهابي زاد من أهمية إمدادات النفط من شمال افريقيا، وتزامن ذلك بالتغييرات السياسية في ليبيا وقرار القذافي في منتصف 1969 بإغلاق القواعد العسكرية الغربية في بلاده وقراره بالحد من انتاج البترول الليبي بنسبة 4% معتبراً ذلك أنه يصب في حماية احتياطياته البترولية، وكذلك طلب القذافي زيادة العائدات المالية على النفط الليبي مستفبداً في ذلك من موقع بلاده الجغرافي، وخصوصاً بعد اغلاق قناة السويس وارتفاع أجور الناقلات لطول المسافة.
وما لموقع ليبيا المميز والمفضل لشركات التزود من ليبيا لقصر المسافة إلى اوروبا، اضافة إلى أن البترول الليبي خفيف ويمتاز عن سواه ذي الكثافة العالية، كل هذا جعل موقف ليبيا قويا، وكانت تلك القرارات ذات أهمية قصوى على أوبك، فلقد أذعنت شركات البترول العالمية لتلك المطالب وذلك لتفضيلها التوريد من ليبيا.
الإمدادات من الخليج ومن البحر المتوسط
في مؤتمر كاراكاس 19 ديسمبر 1970 قررت منظمة أوبك الغاء جميع المساحات التسويقية الممنوحة ابتداء من عام 1971، وأصرت الدول المصدرة للبترول في ذلك العام على زيادة عامة للأسعار وحددت ضريبة الأرباح بـ 55% كحد أدنى، وكان رد فعل الشركات البترولية التي كان تعدادها 23 شركة في ذلك الوقت بقبول تلك المقترحات بشرط أن يكون هناك اتفاق عام بين البلدان المصدرة، (اوبك)، وهم بذلك -أي الشركات- كانوا يراهنون على أن الخلافات السياسية والاقتصادية بين دول منظمة أوبك ستحول دون ذلك الاتفاق المشترك، وبصدور اتفاق مشترك بين البلدان المصدرة، اضطرت الشركات للتنازل وقبول زيادة بمقدار 33 سنتا على البرميل مع زيادة بمقدار 3% سنوياً حتى عام 1975.
ووافقت دول الخليج على ذلك، أما دول شمال افريقيا فطالبت أكثر من تلك الزيادة بسبب المميزات والظروف التي أشرنا اليها سابقاً، وحصلت ليبيا ونيجيريا والعراق والسعودية في حال تحميل نفطهم من موانئ البحر المتوسط على زيادة 90 سنتا على البرميل.
قرار الولايات المتحدة الأمريكية وانعكاساته السلبية
وفي نفس الفترة ما بين 1971-1973 دخلت الولايات المتحدة الأمريكية بثقلها النقدي مستغلة بذلك عملتها (الدولار) وهو العملة الرئيسية للبترول، وطالبت منظمة اوبك بتعويضات كان من ضمنها تقييس الأسعار وفروقات العملة بالإضافة إلى طلبها بالمساهمة في رأسمال الشركات المنتجة، وقامت بفرض زيادة مقدارها ثمانية ونصف في المائة (8،49%) أضيفت على اعادة التقويم السنوي المتفق عليها في طهران، وكذلك بطريقة تقييس ربعي يستند على تبديل سعر الدولار بالنسبة للعملات الاجنبية الأخرى.
وقد نتج عن فرض تلك السياسة النقدية الأمريكية نتائج عكسية على أمريكا وإلى اطلاق تصعيد أسعار البترول، وفشلت تلك السياسة الامريكية فشلاً ذريعاً في الاحتفاظ بالدولار لديها بدل نزوحه لأوروبا واليابان. كما أن مطالبة أمريكا بالمساهمة في رأسمال الشركات المنتجة نتجت عنه نتائج سلبية جمة حيث تم تأميم القطاع النفطي في أغلب الدول المصدرة للنفط ( اوبك)، بل أن بعض الدول المنتجة قامت بمصادرة ممتلكات الشركات الأجنبية للبترول كما هي الحال في ليبيا.
وثارت نزاعات بين دول منظمة اوبك من جهة وبين الشركات النفطية ودولها الصناعية من جهة أخرى، وتأجج العداء السياسي بينهم والذي نتج عنه المواجهة الكبرى بالحظر النفطي بسبب حرب أكتوبر عام 1973م. وفي المقال اللاحق سنلقي الضوء على أهم مرحلة لمنظمة أوبك، وهي المواجهة الكبرى وحظر تصدير النفط على دول أمريكا وبعض الدول الغربية بعد حرب أكتوبر لعام 1973م.
نقلا عن جريدة اليوم