وزارة التجارة.. كنموذج للتغلب على المعوقات

16/03/2014 1
عبدالرحمن الخريف

أثبتت القرارات الحاسمة لوزارة التجارة والصناعة ونجاح حملاتها بمختلف المجالات لفرض سلطة الوزارة وتنفيذ مهامها، بأن جهاتنا الخدمية يمكن لها إذا توفرت الإرادة الحقيقية أن تنجح في أداء أعمالها وتنفيذ قراراتها وستتجاوز أي معوقات يمكن أن تواجهها، فجميعنا يعلم الصعوبات التي كانت تبرزها هذه الوزارة منذ سنوات طويلة كسبب لضعف رقابتها ومحدودية أثرها في حماية المستهلك ومنها نقص عدد المراقبين -وهي حقيقة لاننكرها- إلا أن الفكر الجديد بالأداء الحكومي لهذه الوزارة كان له دور كبير في التغلب على المعوقات أياً كان حجمها وتحقيق تطور ملموس أوجد هيبة للوزارة وأعطى للمجتمع أملاً جديداً في إمكانية شمول هذا التطور باقي جهاتنا.

فمع أن عمل وزارة التجارة كبير ومحرج ويتعلق بمصالح تجار وشركات كبرى محلية وعالمية ومسؤولة في الجانب الآخر عن حقوق المستهلكين، إلا أن سياسة الحزم وفرض النظام التي انتهجها معالي الوزير منذ تعيينه غيرت الكثير من المفاهيم التجارية وارتفع مستوى الوعي بالحقوق برؤية جهة حكومية تتعامل بجدية مع حقوقنا، فالفكر الادراي الجديد يعتمد على أن الوظيفة بمختلف مستوياتها مسؤولية وتكليف لأداء مهمة ولمده ستنتهي يوماً ما! ويستوجب على من يتولاها إخلاص العمل وسيكون أكثر شجاعة عندما لايكون أكبر همه التمسك بكرسي الوظيفة، وقد رأينا أن هناك تلمساً لمواضع الخلل المتأصلة والفجوة بين المهام والإمكانيات النظامية ومستوى الكفاءات التي ستتولى مسؤولية التغيير، وبدا العمل كفريق للتغلب على المعوقات كان دافعاً للمزيد من العمل عندما يرى الفريق ثمرة العمل تتحقق وبعدالة على الجميع، دعم ذلك سرعة التنسيق والشفافية مع الجهات الحكومية الأخرى للإسراع في تنفيذ أولويات الوزارة، فكانت البداية مع التصميم لتصفية المساهمات المتعثرة وبالحصول على دعم المقام السامي لإنهاء حقوق آلاف من المواطنين ومع ذلك واجهت الشكاوي من المتضررين من تلك التصفيات!

ومن الواضح أن من يعمل وبجرأة غير معتادة أصبح مستغرباً في وقتنا الحاضر وقد يصطدم بالفكر القديم الذي اعتاد على أن اكبر إنجاز لمن يتم تكليفه بوظيفة جديدة الاستمرار في تسيير العمل وفق وتيرته السابقة وعدم الدخول في مواجهات مع جهات حكومية او خاصة وقد يواجه انتقادات لو حاول التجديد، ولكن النموذج الذي نراه حالياً بوزارة التجارة والصناعة ونأمل استمراره أثبت بأن المجال مفتوح لتصحيح المفاهيم السابقة بأذهاننا عن الوظيفة القيادية بجهاتنا والأوضاع التي يشتكي منها مجتمعنا، وان القيادة تدعم أي توجه شجاع من مسؤوليها لمعالجة مشاكلها، فقد رأينا كيف تم إجبار شركات السيارات العالمية على تنفيذ قرارات حاسمة بشأن مثبت السرعة، ورأينا نجاحها في حملاتها الأخيرة لمنع بيع المخالف للمواصفات في ظل محدودية مراقبيها بسبب النهج الجديد فاختلفت هذه الحملات في أذهان التجار المخالفين عن الحملات السابقة لكونها جادة وطالت شركات كبرى!

ولعل استثمار وزير التجارة لزيارات صاحب السمو الملكي ولي العهد لبعض الدول الآسيوية لمعالجة مشاكلنا التجارية دليل واضح على حرص القيادة على دعم مسؤولي جهاتنا في تأدية مهامهم، وان الخلل غالباً يكمن في عدم مبادرة الوزير المختص بعرض المعوقات التي تواجه جهته بشفافية حتى وان كان في ذلك إحراج لمسؤولين آخرين، فاستغلال زيارة اليابان لاطلاع مسؤولي شركات السيارات على استبيان مدى رضا العملاء وإيصال وجهة نظر الحكومة لكبار مسؤولي الشركات وكذلك زيارة الصين للحد من تدفق السلع الرديئة والمغشوشة للمملكة والاتفاق على معاقبة المصنع والمصدر والمستورد يمثل مبادرة حكومية جديدة لتصحيح الخلل من المصدر ويتطلب من جهاتنا الأخرى مثل الجمارك دعم التوجه الجديد بالتشدد في تفتيش السلع المستوردة من دول مجاورة، وأخيرا يتطلب من وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي دعم ذلك الفكر الجديد ليس بالتمجيد الشخصي ولكن بعدم تصيد أخطاء من يجتهد في عمله المخلص لمجتمعه الذي لن يرضي من اعتاد على الإثراء بسنوات الفوضى!

نقلا عن جريدة الرياض