في الواقع مازال سوق صناعة التمويل متناهي الصغر في مصر ذو حجم صغير إذا ما قورن بقوة الطلب التي تفوقه عشرة أضعاف علي الأقل من المصريين الذين يتكبدون الفقر و المؤهلين لتلقي الخدمات المالية المختلفة و التي يمكن ان تشبعها لهم صناعة التمويل متناهي الصغر.
و ربما يكون قانون التمويل متناهي الصغر الذي وافق عليه مجلس الوزراء اللبنه الأولى في تغيير واقع الصناعة في مصر و سوف اتناول في تلك المقال وضع الصناعة قبل إصدار القانون ( الوضع الحالى ) و الوضع المتخيل للصناعة بعد إصدارة و بالمقارنة سوف نتوصل الى إجابة سؤال عنوان المقال و هو ما هو وضع صناعة التمويل متناهي الصغر في مصر و ماذا هي بعد القانون ؟.
فحسب ما جاء بالتقرير الوحيد الصادر من الهيئة العامة للرقابه المالية عن وضع صناعة التمويل متناهي الصغر في مصر عام 2010 فإن مقدمى الخدمه ينقسمون الي :-
1.الجمعيات الأهلية و تستحوذ علي 83% من عدد العملاء النشطين و 68% من حجم المحفظة النشطة.
2.البنوك و تستحوذ علي 14 % من عدد العملاء النشطين و 26.5% من حجم المحفظة النشطة.
3.شركات الخدمات المالية و هما شركتي ريفي و تنمية و يستحوذان علي 3% من عدد العملاء و 5.5 % من قيمة المحفظة النشطة.
ان تلك الأرقام لم تتغير بالإيجاب و النمو منذ عام 2010 الي الآن و لكنها وبعد ثورتي مصر يناير و يونيو تم التأثير علي المحفظة النشطة بالسالب و كذلك علي قيمة محفظة السوق و حسب رأي الخبراء ان اجمالي حجم السوق قبل الثورة كان 1.5 مليون عميل نشط و هو الآن 1.3 مليون عميل نشط أما توزيعه بين تلك القطاعات فلن يكون انحرافات التغيير لها تأثير عن تفسير حقيقه وضع الصناعة الآن ( الخلاصة انه يمكن اعتبار ما سبق هو يعبر عن الواقع الفعلي ).
و من بيان تقسيم حصص السوق يتضح ان البنوك مازالت عازفه عن ممارسة خدمات التمويل متناهي الصغر فيما عدا بعض البنوك التي ايضاً لم ترقى مشاركاتها الي الحد المقبول من تلك البنوك و منها بنك القاهره و الاسكندرية و بنك ابو ظبي الاسلامي ( الوطني للتنمية ) و ربما ترجع اسباب عزوف تلك البنوك الي عدم توفير البنية الأساسية و شبكة الفروع الواسعة الملائمة لطبيعة هذا النشاط و عدم توفر الموارد البشرية و ضعف المعرفة بكيفية تقديم هذا النوع من التمويل هذا بالإضافه الي توقع البنوك لنسبة مخاطر عالية في التعامل مع الفئات المستهدفة لهذا النوع من التمويل.
كما يبين تقسيم حصص السوق أيضاً ان اللاعبين الأساسيين في هذه الصناعة هي الجمعيات الأهلية و هي جمعيات أغلبها تم إنشائها بالتعاون مع المعونه الأمريكية لتنمية المجتمع المحلي و تعمل تلك الجمعيات تحت مظلة قانون الجمعيات الأهلية رقم 84 لسنة 2002 و لقد قيد ذلك القانون عمل الجمعيات الأهليه التي تعمل في مجال التمويل متناهي الصغر لما لها من طبيعة خاصة لمزاولة هذا النشاط و الذي لا يراعيه هذا القانون أما بقية حصة السوق فهي لشركتي ريفي و تنمية و هما في الحقيقة لم تضيفا الكثير للسوق بوجودهما فيه و لكن ما يميزهما أنهما كانتا أولى تجارب دخول شركات الخدمات في سوق التمويل متناهي الصغر المصري.
نقطة أخيرة سوف أتحدث عنها قبل ما نتخيل سوياً وضع السوق بعد إصدار قانون التمويل متناهي الصغر و العمل به و تأثيره علي مجريات الأحداث و هي نقطة التوزيع الجغرافي للعملاء متلقي خدمات التمويل متناهي الصغر في مصر فحسب التقرير السالف ذكرة و الصادر من هيئة الرقابه المالية كان محافظات الوجه القبلي ( الصعيد ) مثلت نسبة العملاء النشطين من اجمالي العملاء في مصر هي 42.85% تقريباً ( 557 ألف عميل فقط ) و مثلت نسبة العملاء محافظات الوجه البحري 36.05% تقريباً ( 468 ألف عميل ) و مثلت نسبة عملاء المحافظات الحضرية نسبة 19.87% تقريباً ( 258 ألف عميل ) و مثلت نسبة عملاء المحافظات الحدودية 1.23% تقريباً ( 160 ألف عميل ).
إن الأرقام لا تكذب و علينا أن نتخيل أن نسبة الفقر في عموم مصر تعدت 25% و نسبته في ريف الصعيد تعدت 51% و عدد سكان مصر تعدى 90 مليون نسمة و بتفسير تلك الأرقام يتضح أن النتائج التي توصلت صناعة التمويل متناهي الصغر لتحقيقها مازالت بعيده جدا عن ما هو مطلوب منها.
أتى الآن الدور علي تخيل وضع سوق التمويل متناهي الصغر بعد إصدار القانون و وفقاً لمواد القانون المقترحة فإنه سوف يقسم مقدمي خدمات التمويل متناهي الصغر الي ثلاث فئات موضحه ما يلي :-
1.الشركات التي سوف يتم انشائها و تكون تحت اشراف الهيئة العامه للرقابه المالية و تعمل تحت مظلة قانون 10 لعام 2009 و الخاص بتنظيم الرقابه علي الأسواق و الأدوات المالية الغير مصرفية.
2.الجمعيات الأهلية او الشركات التي سوف تدخل كمساهم في انشائها و تعمل تحت اشراف المجلس المقترح في القانون و تحت مظلة قانون التمويل متناهي الصغر .
3.البنوك و الصندوق الإجتماعي للتنمية فهما يعملان تحت مظلة البنك المركزي و قوانينه.
و هذا القانون بصيغته تلك اعطى فرصة للجمعيات الأهلية و التي تمثل 80% من الصناعة في مصر فرصه للتحول الي شركات ( التحول التجاري ) و التخلص من العمل تحت مظلة قانون الجمعيات الأهلية و ايضاً اعطى فرصه للبنوك التي تزاول نشاط التمويل متناهي الصغر ألا تتأثر بهذا القانون و ايضا اعطى فرصه لدخول رؤوس الاموال الجديده للدخول الي سوق العمل بإنشاء الشركات الجديده.
و من حيث الخدمة المقدمة أجاز القانون للشركات التي سوف يتم إنشائها ان تمارس الخدمات المرتبطة بخدمات التمويل متناهي الصغر فيمكن لتلك الشركات ان تزاول نشاط التأمين الأصغر و التمويل التأجيري و التحويلات النقدية و لكنه لم يجيز لها تلقي الودائع و في الحقيقه لا أعلم لماذا لم يجيز لها تلك الخدمة فالإدخار خدمة مهمه جدا للفقراء.
كما أن القانون الجديد لم يقيد الشركات العامله بسقف فائده علي منتجاتها و لكنه نص علي ( يتولى مجلس إدرة الشركة المرخص لها تحديد قواعد وأسس احتساب أعباء التمويل وتكلفة الخدمات والأنشطة الأخرى التى يتحملها عملاؤها حسب طبيعة هذه العمليات، وفقًا للضوابط والحدود التى يصدر بها قرار من مجلس إدارة الهيئة، دون أن يتقيد فى ذلك بالحدود الواردة فى أى قانون آخر ).
كما أن القانون يعمل علي تنظيم البيئه التشريعية ككل لمزاولة النشاط و حماية السوق من الأغراق حيث نص علي وجوب اشتراك تلك الشركات في الإستعلام الإئتماني للعملاء كما أن نصوص هذا القانون تساعد علي تهيئة الوضع العام لدخول المستثمرين الإجتماعيين الاجانب في السوق المصرية.
الخلاصة : فإن هذا القانون فتح الباب لدخول المستثمرين المصريين (الأفراد و البنوك) و الأجانب و الجهات المانحة لكي يقوموا بزيادة إستثماراتهم في سوق صناعة التمويل متناهي الصغر المصري.
و دعونا نحن أيضاً نشجع المستثمرين للدخول للسوق المصرية و نطرح عليهم إجابة لسؤال لماذا يستثمر صاحب رأس المال في سوق التمويل متناهي الصغر المصري ؟؟.
سوف نجيب علي هذا السؤال بأن الإستثمار في مجال التمويل متناهي الصغر هو إستثمار مزدوج الهدف حيث يعمل على تحقيق عوائد إجتماعية في الوقت الذي يسعي فيه الى تحقيق العوائد المالية وبالنسبة للعوائد المالية للصناعة في مصر و العالم العربي فإنها تحقق عائد حقيقي على إجمالي محفظة القروض يصل الى 25 % وبهامش ربح يصل الى 18% (حسب تقارير ميكس ماركت – سنابل 2011 ) كما أن صناعة التمويل متناهي الصغر المصرية تتمتع بوجود خبرات بشرية ذو كفاءة ممتازه و بنية تحتية لا بأس بها فيوجد الشبكة المصرية للتمويل الأصغر و شركة للاستعلام الإئتمانى بالإضافه الي شبكة التمويل الأصغر للبلدان العربية و مجموعة من المؤسسات التي أصبح لها الآن تاريخ و تقييم عالمي في تلك الصناعة هذا بالإضافة ان اتجاهات الدولة لتنظيم البيئه التشريعية بإصدار قانون التمويل متناهي الصغر.
علاوة علي ذلك فإن نسب الانتشار لا تتعدى 10 % في السوق المصري و هو سوق متعطش ذو طلب عالي جدا ففي آخر تقديرات الخبراء خلال مؤتمر الإصلاح التنظيمي للخدمات المالية غير المصرفية المقام في فبراير الماضي في القاهره ان حوالي 22 مليون مصري مؤهلين لتلقي خدمات التمويل متناهي الصغر في إنتظار من يقدم لهم خدمات التمويل متناهي الصغر.
و في نهاية تلك المقال فأنا أعرب ان تفائلي ان شاء الله بأن هذا القانون سوف يكون الخطوة الفعلية الأولى لكي تقوم صناعة التمويل متناهي الصغر بأداء دورها كما يجب و تعمل علي خدمة عدد أكبر من المصريين و لهذا اخاطب رئاسة الجمهورية بسرعة إصدار مرسوم هذا القانون.
مرحبا بعودتك ..... الاخ الفاضل الاستاذ / حسن ابراهيم .... الحقيقة افتقدناك كثيرا ......!!
ماتفقدش غالي
شكرا جزيلا دكتور جمال كلك زوق يا فندم
شكرا أستاذ حسن ابراهيم ويرجى إعداد بحث عن الآثار السلبية للشكل الحالى للقانون المقترح.