تأسست منظمة أوبك ككيان قانوني دولي، ومستقل عن كل دولة عضو فيه، وذلك لتحقيق أهداف وسياسات اعضائها الجماعية، وصيانة الحقوق المشروعه دولياً لأعضائها على ثرواتهم الطبيعية، والعمل على استقرار السوق النفطية العالمية بأسعار عادلة للمنتج والمستهلك على حد سواء، ومنظمة أوبك ليست مؤسسة تجارية، ولا تدخل في عمليات مادية وتجارية، أو أن لديها نقاط بيع أو ما شابه ذلك، كما هي الحال مع الشركات البترولية العالمية المعروفة، وانما هي منظمة تنسيقية لقرارات توافق عليها وتتخذها الدول الاعضاء فيها، وبموجب ميثاق أوبك، فإن المنظمة تتكون من أجهزة على النحو التالي:
أجهزة منظمة أوبك
جهاز المجلس الوزاري، وهو الذي يمثل السلطة العليا للمنظمة، ويمثله وفود تمثل الدول الأعضاء، ويرأس الوفد عادة وزير النفط في الدولة العضو، ومناط بهذا الجهاز رسم سياسات المنظمة وتوحيد نشاطها ووضع القواعد التي تسير عليها المنظمة، وينعقد مرتين كل سنة باجتماعين عاديين، وربما أكثر إذا تطلب الأمر دورات غير عادية، بناء على طلب أي دولة عضو في المنظمة، من خلال الأمين العام للمنظمة الذي بدوره يقوم بالتشاور مع رئيس المؤتمر لعقد المجلس الوزاري في دورات غير عادية، ومن ضمن اختصاصات المجلس الوزاري هذا المصادقة على تعيين أعضاء مجلس المحافظين، وتوجيههم لتقديم تقارير وتوصيات بالموضوعات التي تهم المنظمة، ومن مهامه ايضاً إقرار الميزانية والنظر في طلبات العضوية الجديدة، وتشكيل أجهزة متخصصة كلما تطلبت الظروف ذلك.
أما الجهاز الثاني للمنظمة فهو مجلس المحافظين الذي بتكون من مندوبين يرشحون من قبل الدول الأعضاء، ومناط به توجيه إدارة شؤون المنظمة ومتابعة تنفيذ قرارات مؤتمراتها وكذلك إعداد قرارات وتوصيات من واقع التقارير التي تقدمها إليه سكرتارية المنظمة، واللجان التي تشكل لدراسة الموضوعات التي تهم المنظمة.
الجهاز الثالث اللجنة الاقتصادية: والذي تم إنشاؤها عام 1964م كجهاز متخصص ودائم للمنظمة، وتتكون من ممثلين للدول الأعضاء، وتختص بدراسة أوضاع السوق النفطية والأسعار وتحليل البيئة والعوامل المؤثرة فيها، وترفع توصياتها إلى مؤتمر المنظمة.
والجهاز الرابع هو الأمانة العامة للمنظمة (السكرتارية) والمناط بها تنفيذ مهام المنظمة وفق قانونها، وتحت إشراف وتوجيه مجلس المحافظين، وتتكون من خمسة أقسام رئيسة وتشمل الأمين العام للمنظمة وهو الشخص القانوني المسؤول عن أعمال المنظمة، كما تشمل الأمانة العامة جميع رؤساء الإدارات، وبقية الموظفين من الدول الأعضاء، ويعد موظفوها موظفين مدنيين دوليين، وتباشر أعمالها ونشاطها ضمن حدود النصوص القانونية الخاصة بها في ‹›دستور المنظمة›› وفي ضوء تعليمات مجلس المحافظين.
سياسة منظمة أوبك والشكوك الغربية المعادية لها
لقد عززت تلك المبادئ الاعتقاد السائد والمتوقع من الدول الكبرى، بأن أوبك هي في حقيقتها تكتل معاد لمصالح الدول الكبرى وشركاتها، وأنها لا تعدو كونها منظمة ذات أجندة سرية لتحقيق أهداف وأغراض دولها الأعضاء، كون إنشائها بحد ذاته يعتبر معادياً لمصالح الغرب وشركاته، وأنه لا يمكن الوثوق بها أو الاطمئنان لها أو لأعمالها وتكرست تلك الشكوك الغربية المعادية لأوبك عندما خيمت غيوم الحرب الباردة بين العالمين الشرقي والغربي، وحجبت الحرب الباردة تطوير العلاقات بين الدول الرأسمالية المستهلكة وبين منظمة أوبك وأعضائها من الدول النامية التي تسعى حكوماتها في الأساس لتقليل المعاناة وحالات الفقر والبؤس والجهل والمرض التي تواجهها شعوبها في ذلك الحين، وكذلك من أجل تحفيز اقتصادياتها على النمو والازدهار ومن خلال التعاون الدولي، ولسنا هنا بصدد إحصاء وذكر الحوادث والمحطات التي كادت تنهي منظمة أوبك برمتها، ولكن ما يهمنا هنا هو حيادية منظمة أوبك في تعاملها الدولي وعدم انجرافها لأي من القطبين أثناء الحرب الباردة، ومقدرتها على اجتياز كل المحن واستمراريتها وبقائها قوية متماسكة حتى الآن، كما أن المبادئ الثلاثة التي تبنتها منظمة أوبك في قممها الثلاث شاهد على عدالتها ومصداقيتها وتحملها مسؤوليتها العالمية مع حمايتها لمصالح أعضائها.
فالسياسة التي اتبعتها اوبك هي سياسة معتدلة ترجمت مبادئها وسياستها العامة تجاه الاقتصاد الدولي، وكانت أوبك تواجه المزايدات السياسية على أسعار البترول بتعهدها بتوفير إمدادات نفط كافية للدول المستهلكة لما يوازن الطلب وبأسعار عادلة منطلقة من اهتمامها باستقرار أسواق البترول للاقتصاد العالمي.
وفي الاعوام القليلة الماضية أقرت أوبك بعلاقة النفط مع البيئة وأبدت استعدادها للتعاون الدولي لمواجهة مشكلات البيئة وتغير المناخ مع احترام اتفاقية كيوتو للبيئة، وهي الاتفاقية التي لم توقعها ولم تهتم بها بعض الدول الغربية بعد... وفي المقال اللاحق سنلقي الضوء بشيء من التفصيل على تفاعل أوبك مع مجريات الأحداث التاريخية العظام ودخول «أوبك» مراحل جديدة ومجالات جديدة ومنها عندما بلغت عمرها الثالث عشر وذلك بعد تداعيات حرب تشرين الأول (أكتوبر) في منطقة الشرق الأوسط، ثم مرحلة سقوط الشاة وإفرازات الثورة الإيرانية عام 1979م والحرب العراقية- الإيرانية مجتمعتين التي امتدت بتفاعلاتها المختلفة على اوبك الى عام 1988م ثم تلاها غزو العراق للكويت وافرازات ذلك الغزو، ثم ما تلا ذلك من غزو العراق وسقوط حكم البعث وتداعياته الاقليمية والعالمية، الى المرحلة الأخيرة وهي مرحلة الربيع العربي وسقوط الأقنعة، وتأثيرات كل ذلك على منظمة «أوبك» وسياسة الانتاج وضبط اسعار النفط.
نقلا عن جريدة اليوم