ألغاز تدفق الاستثمار لدبي

10/02/2014 0
سعيد بن زقر

العمل التجاري والاستثماري يوفر حكايات «اقتصادية يصح إخراجها من ضيق الحكي الشخصي إلى سعة النشر النافع»

مقالنا الحالى حكاية استثمارية ساقتها الصدفة البحتة حين التقيت بمستثمر أجنبي قدم للمملكة للعمل في مجال تصنيع المواد الاستهلاكية، وكشأن أي مستثمر (شاطر) اطلع على حوافز الاستثمار بالمملكة وقارنها بميزات الإمارات وقال: إن كليهما يوفران 5% من الرسوم الجمركية وهذا مفيد وأن المملكة تضع ضريبة 20% على المستثمر وصفر في الإمارات وفى الوقت الذى توفر الإمارات خدمات تخزين المواد الخام فالمفارقة تقول إن هذه الخدمة لا تتوفر بالمملكة واعتبرها خدمة مهمة لنجاح أي شركة صناعية عالمية، وأن شركته لا ترغب في الانشغال بخدمات مساندة كخدمات التخزين ونقل المواد الخام من الموانىء للمستودع ومنه للمصنع ومن المصنع للمستهلك أو إلى حيث التخزين الصحيح والصحي.. وخلص إلى أن هذا النوع من الخدمات يفضل أن يتوفر ويسند لطرف ثالث ليركز على التصنيع.

وهو مستثمر حاذق بحيث يدرك أن إسناد الخدمات اللوجستية لغيره يوفر الزمن والجهد والتكاليف المادية التي تبدأ بنقل البضائع من الموانىء ولا تتوقف عند تكاليف التخزين أو الخدمات ذات صلة على أن عدم توفير هذه الخدمات دفع المستثمر للذهاب للإمارات واعتبرت قراره خسارة تستدعي لفت الانتباه بالكتابة والنشر عسى ولعل تتم معالجة الضعف بالبناء على نقاط القوة والتى منها وجود مساحات شاسعة من الأراضي بالمملكة «كنقطة قوة» مقابل نقطة ضعف بوجود مستودعات غير مجهزة ولا تلبي المعايير العالمية ويصعب وصفها بأنها مستودعات.

إذن هناك ضرورة لاستغلال نقاط القوة بإنشاء مدن للمستودعات وتجهيزها بمعايير عالمية، وأضيف أن هناك خططاً لعمل مدن للمستودعات ستستقبل المواد الخام وتوفر خدمات للسفن، ولكن لابد من مراعاة أبعاد معيارية توفرها مستودعات موانىء أبوظبي وميناء خليفة ودبي ومستودعات جبل علي.

ومن المقارنات التي أشار إليها المستثمر أن معيار انخفاض التكاليف بناء على الموقع موجودة في المملكة وأيضاً في الإمارات، ولكن الإمارات وبالرغم من محدودية مساحتها إلا أنها تتميز بفعالية الإجراءات الجمركية، فإجراءات التخليص لا تقارن ببطء الموانىء المحلية.. والحقيقة لا تزال خدماتنا تفتقد المرونة لأن وجود ملاحظة على منتج أو خدشه يعقد تخليص باقي الإرسالية ويترتب على ذلك تأخير وتلفيات وغرامات مما ينعكس سلباً على توفر السلعة وأسعارها وجودتها.

ويقودنا ذلك لاستنتاج مفاده إن خدمات الموانىء الحالية أقل من تطلع الاقتصاد المحلي فضلاً عن تطلع المستثمرين الأجانب أو الشركات العالمية.

وبعيداً عن الدخول في جدل التفاصيل والمقارنات أو انتقادات لا حاجة لنا بها، تظل الحاجة ملحة لتطوير خدمات الموانئ المحلية كتوفير مختبرات معيارية داخل موانىء المملكة وآليات فعالة للتخليص بساحة الميناء بما يمنع تلف البضائع والمواد الخام أو تحميل المستورد غرامات كما تستدعي الضرورة الحد من تأخير جداول حركة السفن من وإلى خارج الموانىء.. بكلمات أخرى لابد لخدمات الموانىء لدينا من أن تحقق الفعالية الكاملة في الإنجاز وتلبي معايير الشركات العالمية.

وهذا وعد أي اقتصاد يسعى لجذب الاستثمارات الأجنبية، فلابد أن نضع تطوير خدمات الموانىء كأولويات اقتصادية.

موانىء الإمارات وخدماتها أضحت النموذج والمثال، وبضدها تتمايز الأشياء، فمقارنتها بموانىء المملكة تسهل تشخيص العلة وتعرِّف على ألغاز تدفق الاستثمارات الأجنبية للإمارات وتهربها من موانىء غيرها، وفي ظل الحاجة لجذب الاستثمار الأجنبي لموانىء المملكة وتوسيعها واكتساب المعرفة وتضييق المسافة بين موانئ المملكة وموانىء الامارات، فإن خدمات الموانىء من شحن وتفريغ لابد أن تتطور بالجهد والعزيمة وبالحد من السلبيات.

نقلا عن جريدة المدينة