الغربلة تعني الإبقاء على الطيب والاستغناء عن غير المرغوب فيه ووزارة العمل كما الأمل فيها تحاول ذلك فهي لها نشاط حيوي إيجابي هذه الأيام وإن تميز بإيقاع سريع في وضع اقتصادي حساس يستدعي درجة من"الحذر" خاصة في حالة اتخاذ قرارات سريعة متعددة الآثار، وفي الحقيقة قرارات الوزارة تحتاج لهدوء أكثر لأنها الآن يصعب متابعتها ويبدو من يلاحقها كحاطب ليل أو" كخراش" الذي كثر عليه الصيد، فعلى سبيل المثال يوفر موقع (معاً) الإلكتروني الذي كُوِّن قبل (21) يوماً من تاريخ كتابة هذا المقال جملة من الإجراءات الجديدة والتغيرات العميقة في نظام حافز ونطاقات.
لقد لفتت نظري في البدء ردود الأفعال عليها في مواقع التواصل الاجتماعي وقرأت تعليقاً مثيراً للغرفة التجارية بجدة التي تنبأت بأن هذه الإجراءات إذا ما طبقت ستضع 60% من أغلبية الشركات السعودية في النطاق الأحمر، وإذا علمنا أن عدد منشآت القطاع الخاص يتجاوز المليون منشأة فإنها جميعاً ستصبح في النطاق الأحمر ولكن في مقابل هذا العدد الكبير هناك حجم تفاعل متواضع مع (معاً) فقد دفعتني ردود الأفعال لزيارة موقع الوزارة ووجدت أن من نظروا في الإجراءات الجديدة لم يتجاوزوا (200) زائر ولهذا في البداية ظننت أن ردود الأفعال سماعية لأن عدد زوار (معاً) ضئيل مقارنة بحجم ردود الأفعال على الإجراءات الجديدة ولكن حين توغلت في مسودة الإجراءات أدهشني محتوى المسودة وخاصة آليات التعامل مع العاملين الأجانب من موظفي شركات القطاع الخاص، فالمقيم حسب هذا الموقع إذا عمل لدى شركة فترة تعدت سقفاً معيناً ستحتسب عليه الوزارة نقطة ونصف ولا تتوقف عنده بل يطال التقييم أفراد أسرته الذين لا يعملون في الشركة ولا ينطبق عليهم النظام ،ولكن الموقع يضع لكل فرد من أفراد أسرة المقيم ربع نقطة بمعنى آخر أن كل مقيم يعمل لديك سيساوي ثلاث أجانب مما يعني تلقائيا أن معظم إن لم يكن كل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ستجد نفسها تلقائياً في الأحمر والنتيجة مؤسفة وتعنى إلحاق ضرر بالغ بالنمو الاقتصادي في المملكة وبالقطاع الخاص وبالهدف الاستراتيجي لخطط التنمية السعودية التي تسعى لتوسيع قاعدة الطبقة الوسطى في بلادنا وتنميتها بينما بعض الإجراءات تكرس آليات لإغلاقها وتسريح العاملين بها وملاكها، والحال هكذا لابد من التأمل في العواقب الاقتصادية لهذا الإجراء خاصة أن ضرره ثابت وأكثر من نفعه.
وأقترح على الوزارة أن تخصص النقاش حول مسودة القرارات مهما كانت المقاصد منها ،وأن تسمح لقطاع الأعمال بمناقشتها ولقطاع الصناعة وللمؤسسات الصغيرة والمتوسطة ولكل أصحاب المصلحة ،لأنها جلبت تعليقات مثيرة للحزن ولأن بعضها يحمل درجة من التأويل السلبي لدرجة أن بعض التعليقات – وشخصيا قد لا أتفق معها بالكلية - ترى أن هذا الإجراء هدفه تمكين شركات الاستقدام الجديدة لكي تؤجر عمالتها لشركات القطاع الخاص لأنها تحت ضغط نظام نطاقات ستستغني عن عمالتها.
وعلى كل حال لم تتوقف التأويلات عند حد وليس لها سقف فقد ذهب آخرون كل مذهب بما في ذلك الأضرار التي تترتب على عقاره وعلى الإيجارات التي يعيش منها وأن هذا يعني نقل الثروة من جيب الفقير إلى جيب الغني، وتحدث من يهمه الاستهلاك أو متجره الصغير عن أن كل مقيم لن يستغني عن أسرته ولكن إن حصل فسيزيح عن شركته عبء إضافة نقاط نظام(معاً) ولكن ذلك سينعكس سلباً على الاستهلاك من المتجر وعلى العقار والإجراء فى رأيي ليس غربلة إيجابية.