أصبح لأرقام المركبات المميزة سوقا رائجة، ومواقع إلكترونية، وزبائن وسماسرة في جميع مناطق المملكة، وباتت أسعارها تنافس أسعار المركبات، وتحولت إلى جزء رئيس من مستلزمات المركبات الفارهة.
إدارة المرور دخلت السوق وأصبحت تقيم مزادات خاصة لبيع الأرقام المميزة ما أعطاها بعدا رسميا واعترافا بوجودها.
وعلى الرغم من بيع بعض الأرقام المميزة بمبالغ تفوق 500 ألف ريال، وربما المليون، لم تجد تلك الأرقام الحماية اللازمة من إدارة المرور، ولم يستطع أصحابها تحويلها إلى أصول ثابتة تمكنهم من الاحتفاظ بها أو نقلها بشكل دائم إلى مركباتهم الأخرى في حال بيع الأولى.
تتشدد إدارات المرور في تحويل الأرقام من مركبة إلى أخرى، وتضع قيودا لنقلها، كأن تشترط أن تكون المركبتان باسم مالك واحد، أو أن تتحجج بمصدر ملف (اللوحة) إذا كان صادرا من منطقة أخرى، فتشترط أن يكون ملفا اللوحتين في نفس الإدارة، ما يضع العراقيل أمام مالك الرقم خاصة إذا ما اضطر إلى بيع مركبته، ولم يكن لديه الوقت الكافي لانتظار إجراءات (نقل الملف) الذي يستغرق، في بعض الأحيان، أكثر من شهرين، ما يحمله على خسارة رقمه المميز، أو الدخول في اتفاقية غير مؤطرة قانونيا، مع مشتري المركبة، القادر على نقض الاتفاقية والاحتفاظ بالرقم.
أحد مشتري الأرقام المميزة، من مزاد مرور الشرقية، واجه معضلة (نقل الملف) عندما طلب تحويل الرقم من مركبته التي أراد بيعها إلى مركبة أخرى، بحجة أن ملف اللوحة صادر من «أبها»، على الرغم من أن إدارة مرور المنطقة الشرقية هي الجهة التي قامت ببيع الرقم من خلال مزاد رسمي وفق وثائق رسمية.
تَعَمدت تقويس كلمتي (نقل الملف) بسبب عدم قناعتي بذلك الإجراء مع وجود الخدمات الإلكترونية المتطورة، التي يمكن من خلالها نقل اللوحة دون الحاجة لانتظار الملف من جهة الإصدار.
عندما تُخلق للأرقام المميزة سوق رائجة بغطاء رسمي، وتتوسع خدماتها المقدمة في جميع مناطق المملكة، وتصل أسعار بعضها إلى مستوى أسعار الأراضي، فمن الواجب أن تحصل على التوثيق الرسمي الذي يجعل منها أصولاً ثابتة لملاكها، وقابلة للنقل والتنازل بحكم القانون.
توثيق ملكية الأرقام المنفصل عن المركبة، سيحفظ حقوق مُلاكها، وورثتهم أيضاً، وسيسهل عملية الاحتفاظ بالرقم أو نقله في أي وقت دون الحاجة للإجراءات البيروقراطية المطولة.
في بعض دول الخليج تقوم إدارات المرور بتمييز الأرقام من خلال توثيقها، مقابل رسم مالي يبلغ 500 ريال تقريباً.
ويُقصد بالتمييز تسجيل الرقم باسم المالك وتخزينه في قاعدة بيانات المرور، بحيث يتحول إلى أصل ثابت لمالكه يستطيع استخدامه، أو لإبقائه في سجلات المرور إلى حين شراء سيارة ومن ثم استخدامه.
ولا ترتبط خدمة التمييز، بتميز الأرقام، بل بالملكية الدائمة وهذا يسهل عملية التسجيل والاحتفاظ بالرقم أو إعادة التنازل عنه.
مع تطور خدمات المرور الإلكترونية، أقترح تطبيق خدمة تمييز الأرقام مقابل رسم مالي لا يتجاوز 500 ريال، وهذا سيزيد من دخل المرور من جهة، وسيقدم خدمة متميزة للمشتركين فيها، وسيعالج مشكلة ضياع الأرقام المميزة من أصحابها، وتكبدهم خسائر مالية لأسباب مرتبطة ببيروقراطية النقل، أو مخاطر الاتفاقيات الجانبية غير الملزمة.
خدمة «التمييز» ستعطي مشتركيها حق تملك الرقم بصورة رسمية، مع إمكانية الفصل التام بين الرقم والمركبة، فيصبح الرقم مرتبطاً بالهوية الوطنية إذا لم تكن لديه مركبة، ومرتبطا بالمركبة في حال طلب المالك تنزيل الرقم عليها.
أحسب أن عصر الملف الأخضر قد توارى خلف الخدمات الإلكترونية التي تتميز بها وزارة الداخلية بشكل لافت، وتتميز بها بالتبعية إدارات المرور، لذا أقترح إلغاء ما يعرف لدى أفراد المرور بـ (نقل الملف) والاستعاضة عنه بنقل المعلومات من خلال جهاز الكومبيوتر الطرفي في أي من مناطق المملكة.
الاعتماد على الخدمات الإلكترونية هو الحل الأمثل للبيروقراطية، وتقاطع المصالح، والحد من التعسف في استغلال السلطة، وتحقيق العدالة، إضافة إلى تقديم الخدمات الفورية للمستفيدين، وكسب رضاهم.
نقلا عن جريدة الجزيرة
ابق على اطلاع بآخر المستجدات.. تابعنا على تويتر
تابِع