الميزانية السعودية بين الحقيقة والخيال

15/12/2013 4
سلطان مهنا المهنا

ايام قليلة تفصلنا عن اعلان الميزانية العامة للمملكة والتي من المتوقع ان تكون الاكثر انفاقا من الميزانية التي سبقتها كما جرت العادة خلال السنوات القليلة الماضية حيث يتوقع اقتصاديون أن تكون ميزانية 2013م لأعلى إنفاقاً فعلياً، بينما ستكون الميزانية  القادمة 2014م الأكثر إنفاقاً تقديرياً في تاريخ المملكة.

تحقيق ارقام قياسية للميزانية سواء في الانفاق او المتوقع خلال السنوات القليلة الماضية دلالة على ان المملكة تعيش مرحلة استثنائية في تاريخها من حيث الوفرة المالية وهي فترة اقل ما يقال عنها ضخمة ولن نعي مدى ضخامة تلك الوفرة في الوقت الحالي وقد نحتاج سنين طويلة ودراسات متعددة لكي نستوعب حجم الوفرة المالية التى نعيشها الان والتي قد لاتتوفر بهذة الضخامة مستقبلا.     

ناهيك عن ان إجمالي الدين العام للسعودية انخفض بنهاية العام المالي 2012 إلى 98.85 مليار ريال (26.35 مليار دولار)، اي بنسبة 3,6 من اجمالي الناتج المحلي بعد ان كانت النسبة تصل الي 82% عام 2003م ومن المتوقع ان تنخفض اكثر الي نسبة %3,4 بنهاية العام الحالي 2013م حسب تصريح وزير المالية لتصبح السعودية ثالث أقل دول العالم من حيث الدين العام. 

لكن للاسف مع صدور الميزانية بنهاية كل عام يتكرر السيناريو نفسة الميزانية تصب في مصلحة المواطن ميزانية الخير اضخم ميزانية وما الي ذلك من المسميات او المصطلحات التي يطلقها الاعلام الداخلي في المملكة على الميزانية كل عام لكن الحقيقة هي غير ذلك تماما معاناة المواطنين مازالت كما هي لم تتغير منذ عقود طويلة واسالتهم المتكررة عن الميزانيات الضخمة المتتالية كما توصف كل عام لاتجد اجابة  مقنعة وهي اين تذهب الميزانية؟

هل هو الفساد الذي ياكل الاخضر واليابس, ام هدر ام ان الميزانية والارقام المعلنة داخلها هي مجرد ارقام تعلن يتم التطبيل لها من جهات ومسؤولين حكوميين واعلامين يعرف عنهم الاشادة بكل ماتعلنة او تصدرة الحكومة بغض النظر عن مدى صحة او من رجال اعمال مستفيدين بطريقة او باخرى من هذة الميزانية.

مخرجات الميزانية مقارنة بمدخلاتها بدون ادنى شك تعادل صفر تقريبا يكفي ان نعرف ان اكثر من نصف تريليون ريال ( 560 مليار) انفقت على التعليم والصحة خلال عامين فقط 2012م و2013م لو سالت اي مواطن هل مخرجات القطاعين تتناسب مع تلك المبالغ الضخمة المصروفة جوابة  بدون شك سيكون لا. 

هناك العديد من الاسئلة عن كيف واين وعلى ماذا تنفق الميزانية ومن المستفيد ولماذا تاخر الاف المشاريع الحكومية على الرغم من رصد الاموال اللازمة لها في الميزانية اسئلة كثيرة تحتاج الي تفسير واجابة تقنع المواطن.

وبمناسبة الحديث عن تعثر المشاريع الحكومية بالمملكة هناك الالاف من المشاريع المتعثرة من 2000م الي 3000 مشروع متعثر وبنسبة تصل الي 85% من عدد المشاريع الحكومية بقيمة اجمالية وصلت خلال الاربع سنوات الماضية الي حوالي تريليون ريال تقدر تكلفتها (تاخر تلك المشاريع) السنوية بحوالي 40 مليار ريال وتصنف السعودية في المرتبة الاولى خليجيا في تاخر المشاريع الحكومية.

فقدان الثقة في مضمون الميزانية والارقام المعلنة ادى الي عزوف الكثيرين عن متابعتها واصبح المواطنين يتندرون ويتهكمون بعد الاعلان عن الميزانية بان بشرو فلان و فلان او الشركة الفلانية لانهم المستفيد الاول وبشكل مباشر من هذا الانفاق حتى سوق الاسهم لم تعد تتفاعل مع صدرور الميزانية والارقام التي تحتويها اصبح المواطن فاقد الامل بشكل كامل من انعكاس الميزانية علي حياتة وحياة ابناءة. 

خلاصة القول هي مع استمرار تهميش حق الوطن و الموطن في الميزانية ارى بانة لم يعد هناك داعي للاعلان عن ميزانية الدولة القادمة في وسائل الاعلام المختلفة وتقليب المواجع على المواطن بهذة الارقام الضخمة كما يحدث كل عام لانها (الميزانية) لا تعنيه لا من قريب ولا من بعيد ويكتفي بمخاطبة المعنيين بالميزانية بشكل مباشر و ابلاغهم بكافة التفاصيل وهم من اصحاب التعويضات الضخمة واصحاب الشركات المنفذة للمشاريع وشركائهم وهي شركات معينة تسيطر على نسبة 70% من اجمالي مشاريع الانشاءات الحكومية بالمملكة تقريبا.