أسابيع قليلة وينتهي عام 2013، ومؤشرات بورصة قطر بوضعها الراهن، عند مستويات أفضل مما كانت عليه قبل عام مضى؛ فالمؤشر العام قد ارتفع بنسبة 25% إلى قرابة 10400 نقطة، والرسملة الكلية ارتفعت بأكثر من مائة مليار ريال إلى 554 مليار ريال.
وقد طال التحسن أغلب أسهم شركات البورصة وحقق بعضها قفزات ملحوظة في الأسعار نذكر من ذلك سهم الخليج الدولية، ومجموعة المستثمرين، والريان والرعاية، وفودافون، وأوريدو، كما تراجعت أسعار أسهم شركات أخرى مثل الإجارة، وودام، ودلالة.
وفي حين سجلت أحجام التداول ارتفاعاً ملحوظاً في شهر نوفمبر لأسباب متنوعة إلا أنها عادت إلى مستوى دون المتوسط في الأسبوع الماضي.
وقد حدث التغير نحو الارتفاع لأسباب لا يمكن تجاهلها بعضها يتعلق بالبورصة القطرية ذاتها مثل: ترفيعها إلى مصاف البورصات الناشئة من جانب مؤسستين هما مورجان ستانلي، وستاندرد آند بورز، واعتماد المجموعة للأوراق المالية كمزود للسيولة، والنتائج الجيدة التي حققتها نحو ثلث الشركات ومنها شركات كبيرة كالوطني وصناعات والريان.
كما حدث التحسن لعوامل بعضها داخلي وبعضها الآخر خارجي مثل بوادر التفاهم الإيراني الغربي، وحدوث تحسن في أداء الاقتصادات المقدمة.
ورغم ما طرأ على السوق القطري من تحسن لا يمكن أنكاره، إلا أن ما حدث حتى الآن لا يمكن التسليم باستمراره لفترة أطول، والدليل على ذلك أن المؤشر ارتفع في عام 2010 بنسبة 24.7% ثم ما لبث أن انخفض في عام 2012 بنسبة 4.7%.
فما هي العوامل التي تحول دون حدوث تحسن مستدام ولفترة أطول في مؤشرات البورصة ومجامعيها المختلفة؟
أول ما يخطر على البال في هذا المجال هو عقم البورصة الملحوظ لسنوات عدة لم تشهد فيها إدراج أي شركة في البورصة فوق مستوى 42 شركة.
وعلى مدى العامين الماضيين كانت هناك وعود وتصريحات وإعلانات بطرح عدد من الشركات الجديدة والقائمة، إلا أن هذه الوعود تبخرت وذهبت أدراج الرياح دون أن أي بيان تفسيري أو توضيحي لحقيقة ما حدث.
وأهمية الإدراجات الجديدة أنها تفتح خيارات جديدة أمام المستثمرين، وتعمل على تنويع المحافظ لديهم بدلاً من التحرك ضمن دائرة ضيقة، لم تعد تتناسب مع كون بورصة قطر ناشئة، أو مع عدد سكان يفوق 2 مليون نسمة، وناتج محلي إجمالي يزيد عن 200 مليار دولار بالأسعار الجارية.
وثاني العوامل التي تخطر على البال في موضوع عدم حدوث تحسن مستدام في أداء البورصة، هو اقتصارها حتى الآن على منتج واحد فقط لا غير هو الأسهم المحلية، وبالأسعار الفورية، وذلك بالتسليم بأن الأذون والسندات غير متاحه للجمهور.
وقد جربت بورصات أخرى في المنطقة العمل بنظام التعامل الآجل والبيوع المستقبلية والتداول على المكشوف، كما في الكويت والإمارات.
ومن جهة أخرى نشطت بورصات السعودية والكويت والإمارات في مجال إدارة الصناديق، حيث يوجد أكثر من عشرين شركة تدير عشرات الصناديق، عدد كبير منها متخصصة في الأسهم المحلية وبعضها في الأسهم الأجنبية والعقارات، وبعضها في أسهم موافقة للشريعة. ويوجد في الكويت 25 شركة مالية تدير عددا كبيراً من الصناديق المتنوعة الأغراض منها صناديق متخصصة في الأسهم الكويتية، كما توجد 14 شركة في الإمارات تدير صناديق منوعة.
وبالمقارنة هناك 3 شركات فقط تدير ستة صناديق في مجال الأسهم القطرية هي إثنان للوطني وإثنان للتجاري وإثنان حديثان للريان تم تأسيسهما هذا العام وهما موافقان للشريعة، وبعض الصناديق مخصصة للقطريين وبعضها الآخر لغير القطريين.
ورغم أن هيئة قطر للأسواق المالية قد أقرت نظاماً لإدراج وحدات الصناديق الاستثمارية في البورصة بحيث يمكن تداول هذه الوحدات كما هو الحال بالنسبة للأسهم، إلا أن البورصة لم تشهد إدراج أية وحدات حتى الآن.
ويرى بعض الخبراء أن هكذا إدراج للوحدات يساعد في أمرين:
الأول أنه يعيد الكثير من المتعاملين الذين هجروا البورصة لعدم درايتهم في فنون التداول، وتعرضهم بالتالي لخسائر كبيرة، بينما أن تأمين وحدات استثمارية مدروسة ومتوازنة بإدراة كفؤة يمكن أن يوفر للمستثمرين عائداً جيداً ودون التعرض لخسارات الكبيرة.
والثاني: أن بعض الشركات الاستثمارية يمكن أن تتعامل في أسهم أجنبية أو عقارات تكون ذات عائد ممتاز، ومن ثم تحقق وحداتها عائداً أفضل. وإذا كانت العقارات محلية فإنه يكون للتعامل في شراء وبيع تلك العقارات من جانب الصتاديق أهمية في تحريك الأموال المجمدة في العقارات بدون سوق عقارية تنشطها أو تنظم تداولها، وذلك بدوره يعود بالفائدة على السيولة لدى الجهاز المصرفي.
الخلاصة أن بورصة قطر باقتصارها على تداولات الأسهم فقط وبالأسعار الفورية، دون إفساح المجال لإدراج صناديق متنوعة، أو إدراج وحدات تلك الصناديق للتداول المباشر، مع غياب إدراج أسهم شركات أخرى منذ عدة سنوات، كل ذلك يجعل من أي انتعاش في أداء البورصة انتعاش موسمي أو مؤقت وله سقف محدد لا تستطيع البورصة تجاوزه. ومن ثمن لا بد من التفكير في الأمر ضمن إطار أوسع بما يكسب الأداء تحسناً مضطرداً.