نحن جميعنا نلقي اللوم على القطاع الخاص ونصفه بأنه اناني جشع لا يرغب في توظيف المواطنين.
بينما القطاع الخاص بدوره يلقي اللوم على الشباب بأنهم كسالى غير مؤهلين للعمل.
ولكن للإنصاف فان اللوم لا يقع بكامله على القطاع الخاص وحده بل تشاركه اللوم الجهات المسؤولة عن التخطيط وتنظيم اسواق العمل.
اما الشباب – فكما سيتبين لنا ادناه – فهم الضحية (كبش الفداء).
القطاع الخاص لدينا قطاع ناشئ (معظم رجال الاعمال طرش خطط التنمية) كان صغيرا ثم بدأ يكبر بسرعة عشوائيا منذ عام 1970 (لاحظ انها سنة بداية خطط التنمية) مستغلا التسهيلات السخيّة التي وفّرتها له الدولة الرشيدة كالإعانات والقروض الحسنة والاعفاءات – ولنقص القوى العاملة الوطنية حينذاك – سمحت له الدولة باستقدام جميع عماله من الخارج على امل ان الامر لن يطول حتى يتم اعداد القوى العاملة الوطنية (كما كانت تعدنا وزارة التخطيط) ومن ثم يتم احلالها تدريجيا محل العمالة الأجنبية التي ستعود لأوطانها مشكورة وفقا للهدف الثاني لخطة التنمية الأولى (قبل 44 سنة) ونصه: "تطوير الموارد البشرية.. وتمكينها من المشاركة الكاملة في عملية التنمية".
كذلك القوى العاملة الوطنية الحالية جميعها (من سن 16 سنة الى سن 60 سنة) عمالة ناشئة مولودة او لم تبلغ سن الدخول لسوق العمل الا بعد ميلاد خطط التنمية عام 1970 ومعنى هذا ان هيكلة واوضاع اسواق العمل لدينا الآن هي أيضا صنيعة خطط التنمية.
نستخلص من هذا العرض انه سواء رجال الاعمال او القوى العاملة الحاليين هما طرش خطط التنمية فكلاهما ولد وتطور واخذ شكله الحالي تحت بصر وسمع ومباركة وزارة التخطيط.
قبل عام 1970 (قبل بداية خطط وزارة التخطيط) كانت جميع الاعمال والمهن لدينا يقوم بها المواطنون وحدهم.
لقد كان رجال الاعمال الكبيرة يباشرون أعمالهم بأنفسهم ومعهم ابناؤهم واخوانهم واقاربهم وأصهارهم وكان جميع عمالهم من المواطنين.
كذلك كانت جميع المنشآت الفردية والصغيرة والمتوسطة كالبنائين والنجارين والحدادين والكهربائيين والسباكين والخياطين والخبازين والحلاقين والسائقين وحائكي البشوت والاسكافيين وحتى الزبالين يقوم بها المواطنون.
ولكن عندما جاءتنا وزارة التخطيط بخططها جاءت معها بالعمالة من كل حدب وصوب، ولا يمكن القول ان التنمية كانت تحتاج استقدام كل هذه العمالة، لأنه إذا كان صحيحا ان الاستقدام من اجل احتياجات التنمية فقط، فلماذا اذن فتح الباب للعمالة السائبة والمتسولة والبائعين في الدكاكين والبسطات داخل الحواري وملاحق البيوت ومواقف السيارات وامام المساجد بينما هذه العمالة لا علاقة لها بالتنمية.
لقد سلّمت جميع هذه الاعمال بكاملها للوافدين وانتشرت عملية التستر وهجر المواطنون المهنيون مهنهم وفضلوا ان يمتهنوا – مضطرين – مهنة المتسترين او ينضمون الى طابور حافز والضمان الاجتماعي وصندوق الموارد البشرية لان مهنهم لم تعد تؤكّلهم عيشا لمنافسة عمال السخرة.
ما مضى لقد مضى ولا يمكننا تغيير الماضي.
ولكن آن الأوان الآن لأن تتدارك وزارة التخطيط الأمور فتضيف هدفا الى اهداف خطة التنمية القادمة (ولو حبر على ورق لإبراء ذمّتها) ينص على: "إيقاف الاستقدام كليا والتخلص تدريجيا من العمالة التي لا حاجة لها.
أما الذين نحتاجهم فإنه يجب حسن معاملتهم واعفاؤهم من الكفيل والاكتفاء بوجود عقود عمل عادلة تربطهم بالجهات التي يعملون فيها".
نقلا عن جريدة الرباض
ان ملئ البلد بملايين العمالة الوافدة كانت له فوائد لا تخفى من حيث احداثها انفجاراً سكانياً مستورداً له فوائد عقارية ثمينة على من يحتكر العقار في البلد بالاضافة الى زيادة النشاط التجاري باضعاف مضاعفة، المستفيدين هم فئة رجال الاعمال بشكل رئيسي والوافدون انفسهم، اما المواطن العادي فهو المتضرر الاكبر.