تعد مصر واحدة من الوجهات السياحية العالمية لما فيها من آثار متنوعة وشواطئ خلابة وطقس معتدل طوال العام.
ولا يخفى على أحد أهمية قطاع السياحة للاقتصاد المصرى ومدى تأثره بالأحداث السياسية التى تمر بها البلاد، لذلك يجب التعرف على طبيعة هذا القطاع وما يعانى منه مؤخرا وكذلك آفاقه المستقبلية.
بالنظر لطبيعة هذا القطاع، نجد أن سياحة الشواطئ تأتى على رأس أنواع السياحة فى مصر خاصة فى منطقة البحر الأحمر وجنوب سيناء والتى تحتل ما يقرب من ٧٠٪ من النشاط السياحى فى مصر.
كما تتميز مصر بالسياحة الثقافية والتى تشمل المزارات الأثرية والمتاحف والمساجد المتنوعة التى تشتهر بها مصر وعلى رأسها محافظة الأقصر التى يوجد بها ثلث آثار العالم.
هذا بالإضافة إلى وجود أنواع أخرى من السياحة مثل السياحة العلاجية والسياحة الرياضية وسياحة السفارى وغيرها وإن كانت هذه الأنواع لا تمثل نسبة كبيرة من نشاط القطاع.
أما عن آداء القطاع، نجد أن عدد الفنادق والقرى السياحية تخطى ١٤٠٠ قبل ٢٠١١، لكن هذا العدد انخفض مؤخرا لقرابة ١٣٠٠، كما انخفض عدد السائحين القادمين لمصر من ١٤ مليون سائح فى عام ٢٠١٠ الى ما بين ١٠ إلى ١١ مليون سائح سنويا فى العامين الماضيين.
يمثل السائحون الأوروبيون ٧٥٪ والسائحون الخليجيون ١٥٪ من إجمالى السائحين. وقد بلغ متوسط عدد الليالى التى يقضيها السائح فى مصر ١٠ ليال فى ٢٠١٠، ولكن شهد هذا العدد تذبذبا فى العامين الماضيين حيث ارتفع إلى ١٤ ليلة ثم انخفض مؤخرا ليصل إلى ٧ ليال.
هذا بالإضافة الى انخفاض متوسط ما ينفقه السائح فى الليلة من ٨٥ دولارًا فى ٢٠١٠ ليصل إلى ٦٠ دولارا فى الليلة فى العامين الماضيين.
من الناحية الاقتصادية، انخفضت إيرادات القطاع من ١٣ مليار دولار فى ٢٠١٠ لتتراوح بين ٩ و١٠ مليارت دولار سنويا فى العامين الماضيين.
هذا وتساهم إيرادات القطاع المباشرة وغير المباشرة بقرابة ١٤٪ من إجمالى الناتج المحلى. كما شكلت إيرادات القطاع ٢٨٪ من إجمالى الصادرات فى ٢٠١٠، بينما انخفضت هذه النسبة إلى ٢٠٪ فى العامين الماضيين. بالإضافة إلى ذلك، يوفر القطاع بشكل مباشر وغير مباشر ما يزيد على ٣ مليون فرصة عمل وهو ما يمثل ١٢٪ من إجمالى سوق العمل فى مصر.
وقد شهد قطاع السياحة تطورا كبيرا فى العقد الأخير، حيث ارتفع عدد السائحين من ٥٫٥ مليون سائح فى ٢٠٠٠ إلى ١٤ مليون سائح فى ٢٠١٠ فى زيادة ملحوظة ساهمت بشدة فى دفع نمو الناتج المحلى الإجمالى وتوفير الكثير من فرص العمل.
لكن مع إندلاع الثورة فى بداية ٢٠١١ وحالة الاضطراب السياسى، شهد القطاع تراجعا كبيرا حيث انخفض عدد السائحين فى ٢٠١١ بنسبة ٢٧٪ مقارنة بالعام السابق ليصل إلى ١٠ ملايين سائح. لكن سريعا ما عاد القطاع للتعافى بعد ٢٠١١، حيث ارتفع عدد السائحين فى النصف الأول من ٢٠١٢ بنسبة ١٥٪ مقارنة بالنصف الأول من ٢٠١١ بعد إجراء انتخابات مجلس الشعب.
وقد أدى تنصيب أول رئيس مدنى منتخب فى منتصف ٢٠١٢ إلى دفع القطاع لمزيد من التعافى، حيث ارتفع عدد السائحين فى العام المالى ٢٠١٢/٢٠١٣ بنسبة ١٠٪ مقارنة بالعام المالى ٢٠١٢/٢٠١١.
وعلى الرغم من ذلك النمو إلا أن القطاع لم يسترد عافيته كاملة حيث ظل عدد السائحين فى النصف الأول من ٢٠١٣ أقل بنسبة ٩٪ مقارنة بالنصف الأول من ٢٠١٠.
لكن لم يمر وقت كبير حتى تراجع مرة أخرى بعد عزل الرئيس السابق فى يوليو ٢٠١٣، حيث انخفض عدد السائحين فى يوليو ٢٠١٣ بنسبة ٢٥٪ مقارنة بيوليو ٢٠١٢.
ومع فض الاعتصامات بالقوة فى أغسطس، شهد القطاع صدمة حقيقية نتج عنها تراجع كبير كما جاء على لسان وزير السياحة الذى أكد أيضا أن القطاع بدأ فى التعافى مرة أخرى بعد أن رفعت عدة دول الحظر عن سفر مواطنيها لمصر فى الأسابيع القليلة الماضية.
هذا وتحتل مصر المركز السادس والعشرين عالميا من حيث عدد السائحين سنويا.
وإذا نظرنا لبعض الدول الأخرى، نجد أن دولة مثل فرنسا يزورها ٨١ مليون سائح بإجمالى إيرادات ٦٥ مليار دولار سنويا ودولة مثل إسبانيا يزورها ٥٦ مليون سائح بإجمالى إيرادات ٦٨ مليار دولار سنويا.
كما أن مدينة مثل دبى تخطى زائروها ١٠ ملايين سائح فى ٢٠١٢. وهذه الأمثلة تدل على التقصير الكبير فى الاستفادة من قدرات القطاع السياحى فى مصر وقدرة هذا القطاع الهائلة على النمو فى ظل وجود عوامل يصعب توافرها معا لوجهة سياحية.
لذلك من الواجب على الحكومة العمل على تطوير قطاع السياحة وترويجه عالميا بشكل يتناسب مع قدرات مصر السياحية.
الخلاصة أن مصر تتمتع بكمية هائلة من الآثار والعديد من الشواطئ بالإضافة إلى جو معتدل طوال العام. ولقطاع السياحة أهمية كبيرة فى الاقتصاد المصرى نظرا لمساهمته فى الناتج المحلى الإجمالى وهو مصدر هام للعملة الصعبة وكذلك توفيره للكثير من فرص العمل.
لكن آداء القطاع مرتبط بشدة بالوضع السياسى والأمنى ولذلك شهد تراجعا كبيرة منذ بداية ٢٠١١ بسبب الاضطرابات السياسية مصحوبا بتذبذب كبير صعودا ونزولا بالتزامن مع الأحداث السياسية فى العامين الماضيين.
وبمقارنة مصر بوجهات سياحية أخرى عالميا، يتضح عدم الاستفادة الكاملة من قدرات القطاع فى مصر وقدرة هذا القطاع على النمو لأضعاف حجمه الحالى وهو ما يجب أن تتبناه الحكومة كتوجه استراتيجى فى ظل وضع اقتصادى حرج.
نقلا عن جريدة الشروق المصرية