للأسف، ذُكرت كلمة فساد "ملايين" المرات في تغريدات السعوديين في تويتر، عند التعليق على التأثر الكبير للأنفاق والطرق من المطر في معظم مدن المملكة، والسعوديون هم أكثر شعوب الأرض استخداما لتويتر، وفقا لمؤشر نسبة المشاركة فيه بين مستخدمي الانترنت.
ضجت في دقائق الهواتف الذكية بصور لغرق الأنفاق وإغراقها للسيارات مع تعليقات مصاحبة حول الفساد المصاحب لتنفيذ بعض الأنفاق والطرق وشبكات تصريف السيول، لتأتي مئات المقالات التي تكرر شكر مفتش الفساد السيد مطر، وهكذا فإن الرأي العام السعودي يكاد يجمع على الربط الطردي المباشر بين الفساد وسوء تنفيذ المشاريع حيث يزيد كل منهما مع زيادة الأخر، مع تعميم جائر أحياناً، بعيداً عن الدقة، ونظراً لغياب المعلومة.
ونتيجة لغياب المعلومة، أو حجب الحقيقة، أو خلط الأوراق، سيستمر الرأي العام في هذا "التعميم" وإصدار الأحكام المتسرعة على مسؤولي جهة حكومية معنية بمشروع ما، والمقاولين المنفذين للمشروع واتهامهم تصريحاً أو تلميحاً بسرقة المال العام أو تلقي الرشاوي أو خيانة الأمانة من خلال مشاهدات عامة وصور قد لا توضح الحقيقة كما هي بصورة شاملة، بينما هناك مسؤولين يعملون ليل نهار بكل جدية ووطنية ونأمل أن يكونوا هم الأغلبية في القطاع العام، وفي الشركات التي تقوم بتنفيذ المشاريع، ويجب تقديرهم وتشجيعهم، لا إحباطهم عبر هذا التشكيك الدائم في ذممهم، المحبط للمجتهدين.
احتراماً للرأي العام السعودي، وتنزيهاً للمخلصين من التهم العشوائية، فإن الجهات الرقابية -وعلى رأسها هيئة مكافحة الفساد التي نحترم اجتهاداتها مع حاجتها إلى إمكانيات أكبر وصلاحيات أقوى- يجب أن توضح بشكل سريع الحقائق حول ما نشاهده من أوجه قصور وخلل متعددة في تنفيذ المشاريع، بحيث تقوم الهيئة باختيار مجموعة محددة من الطرق والأنفاق وشبكات تصريف السيول ودراسة كل مشروع بالتعاون مع متخصصين محايدين لتحديد هل هناك خلل في التنفيذ، أم في مواصفات المشروع أساساً، وماهي أسبابه ومن المسؤول بشكل محدد، وإصدار تقارير شفافة للرأي العام، ومن ثم محاسبة المسؤول عن أي تجاوز متعمد، وذلك بداية من الشوارع التي تضررت من السيول بجوار مقر الهيئة نفسه!
وإذا كان هناك احترام حقيقي للرأي العام السعودي فيجب أيضا تطبيق هذه الآليات على برامج وطنية كبرى، ومشاريع أخرى أكبر متعثرة أو متأخرة أو يشعر الرأي العام بأن هناك تضخم غير طبيعي في تكاليفها مع مخرجات بجودة لا توازي ربع ما صرف عليها، للأسف.
نقلا عن جريدة الرياض