حذرت رئيسة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد الكويت من شبح العجز المادي المحتمل وقوعه في 2018.. أي بعد خمس سنوات فقط لا غير، وقالت إن الاقتصاد الكويتي بدأ يستنفد موارده النفطية وعليه تقليص الاعتماد على النفط وتوفير قنوات جديدة توفر موارد مالية.
وفيما دعت الى تحسين نظم وأساليب (الحوكمة) ووضع سياسات نقدية قابلة للتطبيق والتحكم في الإنفاق على الأجور، فإنها تحفظت – ولعل هذا أخطر جزء في كلامها – على التزام الحكومة بتشغيل كل المواطنين في المؤسسات الحكومية!!
وحثت لاغارد الكويت علي زيادة الإنفاق لتشجيع مشاريع الاستثمار في البنى التحتية مثل الطرق والجسور ووصفتها بأنها ذات قيمة تشغيلية، إضافة الى التعليم والصحة.
وللسيدة لاغارد نقول.. إن مشكلة الكويت الحقيقية أن الفلوس (طايرة.. طايرة) وإن لم تنفقها الحكومة على المواطنين فإنها سوف تنفقها على المساعدات الخارجية والمعونات والقروض، إضافة الى مشروعات التنفيع ذات المبالغ الباهظة التي يتم توزيعها بسخاء غير منطقي حتى بات الجميع مقتنعين أن المشروع أبو 100 مليون في الخارج يكلفنا ملياراً في الكويت.
يضاف الى ما سبق أن من أكبر ما يهدد الاستقرار المالي للكويت صراع التجار الذي لا يعرف الرحمة، حيث تتميز الكويت بميزات سلبية في إنجاز المشاريع، لأن المشروع - أي مشروع – منذ طرحه كفكرة يخضع إلى جدل شديد وصراعات يحركها الطمع واللعاب الذي يسيل على الملايين التي ستدخل خزينة مَن يربح المشروع وينجزه.
لهذا.. نجد نفس السيناريو يتكرر مع كل مشروع، ويبدأ في الصراع على الفكرة.. ثم الصراع على الترسية.. ثم الصراع على التنفيذ.. والصراع على التشطيب.. ويمتد الصراع الطويل حتى الى اللحظات الاخيرة التي تسبق تسليم المشروع، وربما الى ما بعد تسليم المشروع.
ما الحل إذاً؟؟.. كيف يمكن أن نوقف صراع التجار هذا الذي امتدت تأثيراته الى مجلس الوزراء والوزارات والهيئات المهمة ذات الصلة ودواوين المراقبة والمحاسبة.. وأثّر في تقاريرها وقراراتها؟
وكيف نضمن لأي مشروع تنموي أن يمضي بسلاسة وانسيابية وسرعة وأن ينفذ بسعر معقول وبالزمن المنصوص عليه للإنجاز؟
أظن أن الحل واحد لا ثاني له.. ان أردتم حقاً انجاز المشروعات.. فعليكم بالشركات العالمية الخارجية واشرطوا عليها أن تأتي دون وكيل محلي وأن تعمل مباشرة دون مقاولي باطن من الكويت.. بل اشرطوا عليهم.. «ولا مسمار» تشترونه من الكويت مادام اهل الكويت (يتذابحون) على مشاريعها.. لا عادت عليها مشاريع.
وبناء عليه، فنحن ندعو السيدة لاغارد الى أن تحث الحكومة أولاً على التعقل وإحسان الصرف والتوقف عن السفه في الإنفاق بدعوى التنمية.
فالحكومة هي المهدد الأكبر بوقوع العجز في 2018. كفانا الله شرور أخطائها وخسائر مشروعاتها التنفيعية التي لم تتوقف منذ اكتشاف النفط.. ويبدو أنها سوف تستمر حتى نعصر القطرة الأخيرة من نفطنا المأسوف على أمواله.
نقلا عن جريدة الوطن الكويتية