السودان.. ماذا تعرف عنه؟

02/10/2013 9
مازن السديري

حدثت في السودان الحبيب إضرابات عدة هي الأسواء منذ سنوات.. وحسب ما ذكرت وكالة رويتر بأن عدد الضحايا لا يقل عن 29 قتيلاً جراء القرارات الأخيرة من الإدارة السودانية بتوقيف دعم الوقود لشعب تصل نسبة الفقر فيه إلى 46% ويواجه تضخماً يصل إلى 30%، ويعاني شعبه انكماشا واضحا في قدراته على الاستيراد والاستهلاك بشكل عام، وبأرقام عالية مثل السلع الغذائية بنسبة 30% والآلات بنسبة 23% والمعدات بنسبة 9%.

كنت أتابع الأوضاع الاقتصادية في السودان منذ سنوات لاهتمامي بمتابعة أوضاع الدول البترولية، وكان يلفت نظري عدم حسن استغلال السودان الحبيب لهذه الثروة، فعند النظر للاقتصاد السوداني - والذي تضاعف حجمه بين عامي 1999 و2010 حسب إحصاءات البنك الدولي - سوف تجد ان قيمه استغلال هذه الثروة لم تكن مفعلة،ولم يكن هناك إنفاقات تذكر حول التعليم والرعاية الصحية، كما لم يبنِ السودان صناديق سيادية أو نقدية تحتفظ بفائض الثروة لاستخدامه في أوقات الحاجة، كما فعلت دول الخليج النفطية التي احتفظت باحتياطيات نقدية توازي نواتجها المحلية، حيث ان هذه الاحتياطيات ساعدت دول الخليج أثناء الأزمة المالية لتمويل مشاريع الإنفاق العام والتنمية عندما انخفضت أسعار النفط لمستويات دون 40 دولارا عام 2009.. الغريب والمحزن أن السودان كان أحوج من دول الخليج لبناء هذه الاحتياطيات النقدية، والسبب الرئيسي لذلك أن السودان كان مهدداً بأن يخسر ثلاثة أرباع حقوله النفطية المنتجة، وللأسف هذا ما حدث في عام 2011م عندما استقل جنوب السودان،والسبب الآخر هو الكثافة السكانية التي تستلزم احتياطيات عالية مستقبلية «39 مليون نسمة».

في ظل هذه الظروف الحالية يجب على السودان أن يركز على شيئين أساسيين هما: أن السودان عليه أن يتحول من بلد مصدر إلى بلد جاذب للاستثمارات.. وثانياً؛ أن يراعي أن نسبة الفقر عالية، وبالتالي اقتراحات البنك الدولي ليست مناسبة برفع الدعم عن السلع.

ذكرت سابقاً بأن فشل المشروع التنموي في مصر عامي 1979 و1999 وإيران عام 1962م كان ببساطة عبر طرح مبادئ اقتصاد حر وتحرير السلع لشعب نسبة فقره عالية والدخل الفردي يعزز الفقر، للمعلومية نسبة العاطلين في السودان معقولة - أقل من 10% - لكن الفقر 46% فهذا يعني أن معدل الأجور منخفض جداً.

على السودان القيام بإصلاح إداري واقتصادي كبير محاط بالصعوبات، ولكن الأمل في ذلك هو وعي وعقلانية الفرد السوداني وأن يقابل برفع درجة الشفافية لمواجهة أي انحرافات في المشاريع التنموية نتيجة تردي الأوضاع الاقتصادية، وأيضاً تحول السودان إلى دولة مستضيفة للاستثمارات الأجنبية والقبول بسعر الصرف الذي يتعامل به السوق وإن كان ذلك مبدئياً سوف يزيد نسبة التضخم نسبياً والتسريع بصنع قوانين تشجيعية للاستثمارات الأجنبية مع مشاركة الدولة السودانية لرفع مستوى الثقة بالمشاريع.

قد يتساءل البعض: لماذا يذهب الكاتب للكتابة عن السودان؟ والجواب هو: أن السودان جزء من عالمنا العربي والإسلامي والذي للأسف تهاجر كوادره بعيداً عنه مثل كثير من دولنا العربية ويتلقى ضغوطاً إصلاحية لا تناسبه وغير منطقية في تفاصيلها من مؤسسات عالمية مثل ما حدث في الأحداث الأخيرة.. حفظ الله السودان وأهله من كل شر.

نقلا عن جريدة الرياض