في عالم الإدارة، هناك مصطلح يصف حالة الانفصال التي قد تكون موجودة بين مختلف مكونات المجتمع، ويترتب عليها أن تعمل منفصلة، ولا تتحدث مع بعضها البعض، تسمى: The Silos Mentality، وترجمتها هي: «عقلية الصوامع». وكما هو معروف، فلو أخذت شكل صوامع الغلال، فهي مبنية كمخازن عالية الارتفاع، وكل منها منفصل عن الوحدات الأخرى.
السؤال الآتي هو: إذا كان المجتمع الغربي قد وصف تلك الحالة كمشكلة موجودة لديه فما هو حال العالم الثالث، الذي يعاني تاريخياً من نقص التنسيق بين مكوناته السياسية، والاجتماعية، والاقتصادية، والإدارية... إلخ؟؟
هنا في المملكة، نستطيع أن نضرب أمثلة كثيرة عن حالات تباعد، وانفصال، وحالات صوامع قائمة، بين مختلف مكونات المجتمع. واسمحوا لي أن أستعرض بعض الحالات، التي تخضع لعقلية الصوامع:
1 - العلاقة بين الجهات الحكومية: هي فعلاً علاقة منافسة، وتهميش للجهة الأخرى قدر الإمكان؛ ولذلك تحول دور السلطة العليا إلى دور الحكم، أو الفاصل في كل خلاف، بين جهتين حكوميتين؛ لأنه لا توجد جهة تنفيذية أخرى مخولة بحسم أي خلاف بين الجهات الحكومية المختلفة، مثلما يحدث في باقي المجتمعات.
2 - ذات حال الانفصال موجودة بين القطاعين الحكومي والخاص؛ إذ إن القطاع الحكومي قد أقنع نفسه بأن القطاع الخاص يريد أن ينهب مقدرات الوطن، وأن القطاع الحكومي هو حامي الوطن، ولكن القطاع الحكومي لم يعد قادراً على إيجاد وظائف، وهو ما كان يعزز موقفه، ومن ثم عليه اليوم التعويل على القطاع الخاص للقيام بذلك الدور؛ وهو ما يتطلب تسهيل أمور القطاع الخاص. ولكن القطاع الحكومي يود الاستمرار في التحكم، والسيطرة، والهيمنة بدون وجه حق، وهو يعاني من الفساد الإداري، والمالي؛ وهو ما قاد إلى تأسيس هيئة لمكافحة الفساد. وكثير من المسؤولين الحكوميين نشيطون في عملهم الخفي في القطاع الخاص، من خلال شركات يملكونها، ولكن بأسماء آخرين، ولا تعرف عنها إلا إذا تقاعد المسؤول الحكومي، ورغب في تصحيح وضع شركاته العاملة؛ لكي لا يستولي عليها الوسطاء، الذين استُخدموا للتمويه (خير مصدر للتعرف على تلك الفضائح هو جريدة أم القرى، عند إعلان تغيير ملكية شركة ما، وعودتها إلى ملكية الموظف المتقاعد، حال تقاعده)!!
3 - ذات حالة الصوامع موجودة اليوم داخل القطاع الخاص ذاته؛ إذ إن حالة التنافس موجود، ومقبولة، ولكن عند الحديث عن المسؤوليات الاجتماعية للقطاع الخاص فهي مشتتة، ولا تتناسب مع حجم الثروات الموجودة، وحتى عند الحديث عن صوت القطاع الخاص للتعبير عن قضاياه فإنه كان يفترض أن تقوم الغرف التجارية بذلك، ولكن وهجها وأهميتها قد خبوا، وخير مثال على ذلك التدهور هو أنه بعد أن كان عضو مجلس الإدارة يورث مقعده لابنه أصبح أكثر من أب وأبنائهم أعضاء في المجلس ذاته!!
4 - الانفصال الاجتماعي: في ظل ما يجري حولنا، نحمد الله أن قيض لنا ملكاً موحداً، حقق لنا ولأولادنا وأحفادنا الوحدة واللحمة، ولكن هل وصلنا إلى مرحلة الثقة بأننا تخطينا أي مشاكل محتملة؟! شخصياً، أعتقد أن أفضل مؤشر لوصولنا إلى تلك المرحلة من الوفاق الاجتماعي هو لو زادت نسبة التزاوج بين مختلف مناطق المملكة، وذلك لم يحدث، إلا في أضيق الحدود، ومن وقت لآخر تطل العنصرية، والمناطقية، والمذهبية، وأحياناً حتى الفروقات المعيشية، بين أبناء الوطن الواحد.
كل هذه الحالات تندرج تحت مسمى «عقلية الصوامع»، وهي جديرة بالبحث من قِبل المختصين.
نقلا عن جريدة الجزيرة
تشخيص واقعي جدا,, سابقا هناك وكيل وزارة لها علاقه بالشركات , حاليا هو مالك لشركات عمرها اكثر من 30 سنه, فعلا بمجرد تقاعده وجدناه في كل محفل تجاري
بالطبع عقلية الصوامع متجذرة في القطاعات الحكومية وهي أحد العقبات الرئيسة أمام التنمية وتضاؤل نتائج الجهود المبذولة وتعدد المشكلات والعقبات من جراء العمل بصورة منفردة ومنفصلة عن محيطها . .. من اساسيات الإدارة الناجحة العمل كفريق واحد في الجهة الواحدة ، وهو ما ينطبق على عمل جهات متعددة ذات أعمال لها هدف واحد هو خدمة المواطن ، ولكن بصورة أكثر إنتقائية وتحديداً للعمل المشترك ،، ولوقف تضارب المصالح وتقديم المصلحة الوطنية عما سواها في العمل الحكومي كاحد الخطوات البديهية للإصلاح الإداري لا بد من القضاء على العمل بعقلية الصوامع وانشاء أجهزة تنسيق متخصصة ، وأخرى للمتابعة والتقييم ، والمحاسبة وربط المصالح والجهود ومنع الإزدواجية ، والضرب على رؤوس الفاسدين من المتنفذين الذين تزدهر مصالحهم الخاصة في مياه جهاتهم الحكومية المتعكرة جراء العمل بعقلية الصوامع !!!
قد يكون للعنوان والموضوع بعد لم اتعمق فيه لاكن هل تعلم ان مايصب في صوامع الغلال وتقيمه الدوله رعاها الله بسعر مبالغ فيه لدعم المواطن وتشجيعه في المجال الزراعي يصب في اقتصاد دول اخرى وان المستفيد منه عماله استاجرو امكانيات ضخمه قدمت كقروض ميسره بارخص الاثمان ولا زال التستر والفساد يشق مسيرته في بلادنا رغم جهود الدوله للحد منه