رؤيةٌ واقعيّة .. وآفاقٌ مستقبليّة

25/07/2013 1
صلاح الحمود

تسمعون في كل يوم حديثاً يدور عن العولمة والقرية الكونية والكوارث الاقتصادية ، فما الذي يجري ؟ ما الذي تغير في هذا العالم ؟ يقال انها حالة اضطراب يمر بها الاقتصاد ، لكن هذا يبقى كلاما مجردا ، وانا مثلكم اريد أن استوضح الأمور وأحاول مثلكم ان افهم كل هذا وان افسر الأمر تفسيرا واضحا، وفي نهاية الأمر قد تصبح الحقيقة مثيرة او مفزعة.

العولمة هي قدرة الغالب على فرض المفردات الحضارية على المغلوب ولأننا نقع في وسط الدنيا نشعر بالعولمة اكثر مما يشعر بها الصيني او الأمريكي ولأننا لم نساهم في العلم والصناعة بأي قدر مرئي واضح نرى في أرجلنا احذية صينية وفي مطابخنا ثلاجات اوروبية ونجد انفسنا محاطين بالعولمة ونزيد على ذلك بفتح التلفاز على قنوات خاصة بالأفلام الأمريكية حتى نغطس بالعولمة إلى ذقوننا.

إن الذي يكبح دهشتنا هو الانفجار المعلوماتي ، فالمعرفة والحكمة شيء وفيضان المعلومات شيء آخر ، ونحن أمام وضع عالمي غير مسبوق في التاريخ تتداخل فيه الحدود الجغرافية والمعرفية بحكم تداخل شبكات المعلومات تداخلا يتجاوز الحدود الاقتصادية والثقافية بين الأمم ، فهناك رأس مال يتحرك بغير قيود وينتقل بغير حدود ومعلومات تتدفق بغير عوائق حتى تفيض أحيانا عن طاقة استيعابنا ، فهذه ثقافات تداخلت وأسواق تقاربت واندمجت وشركات تحالفت فتبادلت الأسواق والمعلومات والاستثمارات، وإن هذا الترابط الكبير بين الوحدات المكونة للنظام الاقتصادي الدولي قد حول العالم إلى قرية كونية كبيرة تتأثر أجزاؤها سلبا وإيجابا كما تؤكده الأحداث والتطورات الجارية ، فعولمة الاقتصاد أدت وتؤدي إلى عولمة الأزمات والكوارث الاقتصادية وكما يقول احد الخبراء الاقتصاديين «أرأيتم دولتين فيهما ماكدونالدز اصطدمتا في حرب ؟».

إن من يريد أن يعيش في هذا العالم عليه أن يقبل بشروطه ، إذ أن من المحال سواء على الأفراد أو على الأمم والدول صغيرها وكبيرها أن تكيف العالم الموضوعى لرغباتها الذاتية ، لكن من الممكن بل والضروري العمل على فهم هذا العالم وسبر قوانينه وجعله يعمل لصالح الأفراد والشعوب ، والانفتاح على العالم ضرورة لا مناص منها فإما أن يكون انفتاح مشاركة وإسهام وإما أن يكون انفتاح تبعية وانقياد ، لذلك يجب علينا ان ندرك أننا أمام مظاهر جديدة تحتاج إلى أدوات تحليل جديدة وفهم مختلف عما ورثناه وهذا التجديد لا يتناقض مع مفهوم الخصوصية التي يتمترس وراءها البعض وإلا فإننا سنظل في دوامة الفعل ورد الفعل وبالتالي نعيق حركة التطور بصور مختلفة تتحمل نتائجها الأجيال القادمة.