لعل أدق مفهوم «للأمن الاقتصادي» هو ما ورد في القرآن الكريم في قوله تعالى (فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ) ومن هنا نلحظ أن الأمن هو ضد الخوف، والخوف بالمفهوم الحديث يعني التهديد الشامل، سواء منه الاقتصادي أو الاجتماعي أو السياسي، الداخلي منه والخارجي، وفي إطار هذه الحقيقة يكون المفهوم الشامل للأمن هو القدرة التي تتمكن بها الدولة من تأمين انطلاق مصادر قوتها الداخلية والخارجية،الاقتصادية والعسكرية، في شتَّى المجالات في مواجهة المصادر التي تتهدَّدها في الداخل والخارج في السلم وفي الحرب مع استمرار الانطلاق المؤمَّن لتلك القوى في الحاضر والمستقبل.
وعلى ضوء المفهوم الشامل للأمن، فإنه يعني تهيئة الظروف المناسبة التي تكفل الحياة المستقرة ومن خلال عدة أبعاد منها، البعد السياسي، والذي يتمثل في الحفاظ على الكيان السياسي للدولة، وحماية المصالح العليا لها،والبعد الاقتصادي والذي يهدف إلى توفير أسباب العيش الكريم وتلبية الاحتياجات الاساسية ورفع مستوى الخدمات مع العمل على تحسين ظروف المعيشة، والبعد الاجتماعي والذي يرمي إلى توفير الأمن للمواطنين بالقدر الذي يزيد من تنمية الشعور بالانتماء والولاء.
والنقطة الأخطر في موضوع الأمن الاقتصادي هي تراجع أوضاع بعض الفئات (التي تعمل إلا أن دخلها لا يكفي لسد جميع احتياجاتها) لتصبح في مصاف الشرائح الفقيرة مما يخلق بيئة خصبة للمشاكل الاجتماعية وهو ما يضعف الثقة بين المواطنين والمؤسسات العامة، وقد تزايد في الآونة الأخيرة الاهتمام العالمي بتفعيل المفاهيم المنبثقة عن المفهوم الكلاسيكي للأمن، حيث أصبحت مصطلحات الأمن الاقتصادي والغذائي والثقافي والاجتماعي والإلكتروني وغيرها، مصطلحات متداولة ومتعارف عليها باعتبارها مكملة لبعضها البعض.
إن الأمن الاقتصادي يعني في مفهومه الحديث حماية وصيانة مقدرات التنمية من خلال مكافحة التجارة المستترة،وتطوير الموارد البشرية، وتمكين الشباب من ريادة الأعمال، تفعيل دور المرأة في المجتمع، والتطوير الأفقي للقطاع الخاص، ومحاربة الفساد، وسن القوانين، وتضافر جهود الجميع بما يكفل تطوير القاعدة الاقتصادية وتحقيق الرفاه الاقتصادي لجميع أبناء الوطن الغالي.