ذكرت الأسبوع الماضي أن الدورات الاقتصادية في اقتصادات الدول المعتمدة على صادراتها من المواد الأولية كالنفط الخام تنتج عن أسباب مختلفة تماما عن أسباب حدوثها في الاقتصادات الصناعية التي عادة ما تشهد أسعار صادراتها قدراً أكبر من الاستقرار وتميل إلى الارتفاع التدريجي المتوافق مع معدلات التضخم محلياً وعالميا،أما بالنسبة للدورات الاقتصادية في الدول المصدرة للمواد الأولية فتنتج عادة عن تقلبات أسعار السلع الأولية في الأسواق العالمية المرتبطة بتوازنات العرض والطلب وليس بمعدلات التضخم العالمية.
وفي السابق كانت الدول المصدرة للنفط تتعرض لتقلبات عنيفة جدا في الدورات الاقتصادية، حيث كان يترتب على ارتفاع أسعار النفط الخام تراجع في الطلب العالمي على النفط يدفع الأسعار إلى التراجع، ما يدخل هذه الاقتصادات في موجات متعاقبة من الطفرة والانكماش.
ورغم الانعكاسات السلبية لذلك على اقتصادات هذه البلدان إلا أن من إيجابياتها أنها تحد من طول فترة الانتعاش في اقتصادات الدول المنتجة للنفط، وبالتالي تُمنح هذه الاقتصادات فرصة لالتقاط الأنفاس وتصحيح الاختلالات التي من الطبيعي ظهورها عند حدوث فورة قوية في النشاط الاقتصادي في ظل وفرة غير عادية في الموارد المالية.
أما الآن وفي ظل مواصلة أسعار النفط الخام ارتفاعها لما يزيد على عقد كامل وعدم وجود أي بوادر على تراجع الطلب العالمي على النفط، فإنه لا يتوقع حدوث تراجع في أسعار النفط وستبقى على الأرجح عند مستويات مرتفعة خلال السنوات القادمة، وبالتالي يتوقع استمرار فترة الانتعاش الحالية ومن ثم عدم مرور الاقتصاد السعودي بدورة اقتصادية سلبية في المدى المنظور.
هذا الوضع غير العادي، ورغم كل ما يحمله من إيجابيات على اقتصادنا، إلا أنه يحرم اقتصادنا من امتلاك أي قدرة ذاتية على تصحيح الاختلالات التي يمكن أن يتعرض لها، وهي اختلالات طبيعية متوقعة يمكن أن تعتري أي اقتصاد يتعرض لدورة اقتصادية إيجابية تتصف بالحدة والقوة كالتي نمر بها حاليا، باعتبار أن الدورات الاقتصادية المتعاكسة تضمن أن تقوم كل دورة بتصحيح تجاوزات واختلالات الدورة التي سبقتها.
النمو الهائل في مستويات السيولة المحلية وما نتج عنه من ارتفاع كبير مبالغ فيه في سوقنا المالية ثم انهيارها الحاد مع إمكانية تكرار كل ذلك مجدداً، الارتفاع الكبير والمتسارع في معدلات التضخم، المبالغة الشديدة وغير المنطقية في تقييم مختلف الأصول المالية حيث يتم إدراج شركات في سوقنا المالية بعلاوات إصدار متضخمة جدا تجعلها مقومة بأضعاف قيمتها الحقيقية، الارتفاع الكبير في أسعار العقارات والأراضي، الارتفاع الكبير في أجور العمالة الأجنبية، والارتفاع الهائل في تكاليف المشاريع الحكومية الذي يتسبب في هدر الموارد الموجهة لمشاريع البنية التحتية ويقلل من القيمة الحقيقية لما يحققه هذا النمو الهائل في حجم الإنفاق الحكومي على المشاريع، هي مجرد نماذج فقط من الأوضاع المترتبة على استطالة مرحلة الانتعاش التي نمر بها حاليا.
وهي أوضاع من الواضح أننا لم نكن يقظين لخطورتها وتأثيرها السلبي المتنامي في اقتصادنا الوطني، خاصة في ضوء طول الدورة الاقتصادية الإيجابية وعدم مرور اقتصادنا بفترة تراجع توقف كل هذه الاختلالات التي أسهمت بشكل واضح في الحد من مكاسب الطفرة الاقتصادية الحالية وأضعفت قدرتنا على حل مشكلاتنا الاقتصادية رغم كل ما ننعم به من أوضاع إيجابية... وللحديث بقية.
نقلا عن جريدة الجزيرة
ما شفنا هالسيولة الي تحكون عنها في الأسهم! لا زالت دايخه
اذن من الممكن حل كل مشاكلنا ببيع البترول بسعر 30 دولار مهما كان سعره في السوق حل سهل اول مره ادري ان زيادة الموارد و ارتفاع الدخل هو المشكلة وان سواء استخدام هذه الموارد ليس هو السبب
عموما كنت اتمنا في ميزانية الدولة عدم الاندفاع في الصرف على المشاريع الجدية و التركيز على اتمام المشاريع القائمة مع الحرص على بناء احتياطيات ماليه اكبر مما هي عليه , فلو تم تجنيب 1 ترليون اضافي خلال السنوات الخمس الماضية من خلال تقليل المصاريف لوجدنا هذا الامر ينعكس بشكل ايجابي على الاحتياطيات و على التضخم وهدر الموارد وتعطيل و سواء انجاز المشاريع .
..................... و قيلا .
لو هيئ لنا بوزير ماليه حصيف ومتمكن وذكي كان تمت الاستفادة من هذه الطفرة والفوائض الماليه المستمره من اكثر من ١٠ سنوات لخدمة الشعب وتطوير البنيه التحتية ورفع مستوى المعيشة للمواطن .. ولكن مع الاسف ما حصل هو قله دبره وتعطيل للتنميه .. هدر فضيع في هذه الثروات وفساد مالي بأرقام فلكيه وتدهور مستوى المعيشة المواطن وتضاعف البطاله ومسح ألطبقة الوسطى وظهور طبقه جديده هي تحت خط الفقر ..
شكرا .. ضربت على الجرح.. ادارة الاقتصاد يجب ان تكون خارج وزارة المالية. لكن المالية متمسكة باعمال غيرها فلاهى مشت أعمالها واعمال الاقتصاد زين ولاخلت الامور تديرها الجهة المسئولة عنها.
شكرا على المقال المفيد ولكن إسمح لي أن أخالفك الرأي فإقتصادنا يتمتع بنوع فريد من التصحيح الذاتي حتى خلال أوقات الطفرة فإذا كان دخل النفط يعادل 300 مليار دولار سنويا فإن الانفاق الفعلي على المشاريع والرواتب وغيرها من الامور الاقتصادية هو 100 مليار أما ال200 الاخرى فهي تتعرض لعملية تصحيح ينتج عنها اختفائها بشكل كامل وقد تحصل امور مثلا تسمح بالافراج عن 100 اخرى لاسباب معينة وخاصة كمثال ما حصل قبل عام وهنا تكمن الطفرة.
اقتصادنا خارج معادلات الاقتصاديين. طقها والحقها أفضل مسمى له.