تناول المقال السابق قضية الجمود في أعداد الشركات المدرجة في بورصة قطر عند مستوى 42 شركة دون أية زيادة رغم تضاعف حجم الاقتصاد القطري في هذه الفتر عنه بأرقام الناتج المحلي الإجمالي.
وقد اشتمل المقال على مقارنة سريعة لأعداد الشركات في القطاعات المختلفة في كل من السوقين القطري والسعودي لمعرفة مواطن الخلل، فوجدت أن البورصة القطرية بها عدد فائض من البنوك إذا أخذنا بعين الاعتبار وجود مركز قطر للمال الذي يضم وحدات مصرفية لعدد كبير من البنوك الأجنبية، بما قد يزيد عن حاجة السوق المحلي.
وينطبق الأمر ذاته على قطاع التأمين، وعلى قطاع الاتصالات الذي تستحوذ عليه شركتان عملاقتان هما أوريدو وفودافون، وقطاع النقل الذي يضم ناقلات باسطولها الضخم في مجال نقل الغاز الطبيعي، والملاحة.
كما استبعدت التوسع في إنشاء شركات جديدة لصناعة الإسمنت لأسباب بيئية ولوجود فائض في السوق الإقليمي. وفي المقابل فإن هناك مجال لإضافة شركات جديدة يتم إدراجها في البورصة، وذلك ما ألخصه على النحو التالي:
1-في صناعة البتروكيماويات أكرر ما سبق أن ذكرته من ضرورة تقسيم شركة صناعات إلى 5 أو6 شركات بحيث تنفرد قاسكو في شركة مستقلة باعتبارها في مجال مختلف وحجمها كبير ويؤهلها أن تكون شركة مساهمة للحديد والصلب.
ويتم تقسيم ما يتبقى من صناعات إلى شركتين للبتروكيماويات- إحداها تتخصص في الإيثيلين والبولي إيثيلين، والثانية في الميثانول ومشتقاته- وشركة أو شركتين للأسمدة الكيماوية بالنظر إلى وجود 5 أو 6 مصانع لشركة قافكو تنتج اليوريا والأمونيا.
هذا التقسيم يساعد على وجود منافسة بين الشركات لتحقيق نتائج أفضل، ويزيد من درجة الشفافية في إدارة الأموال العامة بعد دخول أعضاء جدد ودماء جديدة في مجالس إدارات هذه الشركات، خاصة إذا صاحب ذلك خفض حصة الحكومة في الشركات من 70% إلى ما لا يزيد عن 30%.
2-في مجال المشروعات الصغيرة والمتوسطة، يمكن فعلاً تحريك هذا الملف الراكد منذ سنوات باعتبار أن لدى قطر قاعدة صناعية ضخمة من البتروكيماويات الأولية يمكن البناء على ما توفره من منتجات وسيطة ولقيم، وهو ما حدث في السوق السعودي.
وقد أعربت الحكومة عن رغبتها في حدوث ذلك منذ سنوات وأوجدت الإدارة التي ترعى هذا الحدث، ورسمت منظمة الخليج للاستشارات الصناعية خارطة طريق له، ولكن لم يتم إنجاز ملموس حتى الآن، وقد يتطلب الأمر مراجعة للمعوقات التي من بينها تبسيط إجراءات التأسيس، وتوفير الأراضي الصناعية –مع ربط الحصول عليها بمشروعات جادة- والإسراع في إنشاء الميناء الذي يوفر منافذ للاستيراد والتصدير.
وقد يكون في تقسيم "صناعات" المشار إليه أعلاه إلى عدة شركات مدخلاً لتفعيل إنشاء الشركات الصغيرة والمتوسطة بمساهمة ودعم من تلك الشركات.
3-في مجال التطوير العقاري، هناك فرصة لزيادة عدد الشركات المدرجة في البورصة إذا ما تخلت الحكومة عن حصتها في بروة بحيث لا تظل عملاقاً ينافس الشركات الأخرى.
لقد واجهت بروة سنوات صعبة رغم الدعم الحكومي الهائل لها بسبب حجم أعمالها الضخم في الداخل والخارج، وهو ما كان يستدعي تقسيمها إلى عدة شركات لدواعي التخصص ولكي يتمكن مجلس إدارتها من تسيير الأمور بكفاءة أعلى وبشفافية.
4-في مجال شركات التجزئة هناك مجال لإنشاء المزيد من الشركات بدلاً من الاتجاه نحو تعزيز الاحتكار الذي يتعارض مع القانون القطري.
وعلى سبيل المثال يمكن تصور وجود شركة أخرى على الأقل منافسة لوقود في مجال تقديم المنتجات البترولية للجمهور، أو للتخصص في مجال تقديم الوقود للطائرات. وإذا كانت أرباح شركتي مواشي وزاد مضمونة بالدعم الحكومي، فلماذ لا تكون هناك شركات أخرى تعمل في نفس المجال أو تتقاسمه معها كأن تتخصص إحداها في اللحوم الاسترالية وأخرى في الهندية والباكستانية، وثالثة في لحوم الأبقار ومنتجاتها.
إن ذلك يساعد في تحقيق درجة أعلى من الشفافية في إدارة الدعم الحكومي ويزيد من كفاءة التشغيل. وينطبق نفس الكلام على الميرة، فالزيادة السكانية المضطردة تسمح بوجود أكثر من شركة وطنية واحدة حتى لو كان ذلك من خلال التعاون مع علامات تجارية بارزة طغت على السوق مثل اللولو وكارفور وغيرها.
وللحديث بقية في مقال ثالث بإذن الله تعالى...
يعيب على السوق القطري قلة الكثافة السكانية وبصراحة انا صدمت من التعقيدات التي واجهتها في انشاء شركة صغيرة ذات مسئولية محدودة. النشاط اللي كنت انوي افتتاحة تبلغ رخصته التجارية اكثر من 100 الف ريال قطري بينما لا يتعدى في دبي او الشارقة مبلغ 10 الاف درهم.