صدر قرار هيئة سوق المال الخاص بحوكمة الشركات استناداً الى نظام السوق المالية قبل ما يزيد على ستة سنوات وهو ما رأته الهيئة مناسباً في وقته لتحقيق الشفافية والنزاهة.
سنحاول في هذا المقال و ما بعده بيان أوجه بعض الإشكاليات في تفعيل نظام الحوكمة و الصعوبات من النواحي العملية و التطبيقة فيما يخص المستثمرين في السوق المالية.
و ليس المقصود بأي حال انتقاد جهد أحد, لكن من المهم توعية المجتمع عامة و المستثمرين خاصة بالأنظمة التي تحكم علاقتهم بالشركات و مجالس إداراتها خصوصاً إذا كنا نهدف إلى إنشاء سوق استثماري صحي قائم على رؤوس الأموال المحلية.
تتصدر حقوق المساهمين و الجمعية العمومية لائحة الحوكمة حيث كانت في الباب الثاني كأول ما يُتَطَرَّقُ له بعد المقدمة و التعريفات.
يشرح هذا الباب حقوق المساهمين من ناحية تملكهم للشركة و أحقيتهم في الأرباح و موجودات الشركة في حال تصفيتها. كما يركز على حقوق المساهمين في المشاركة في مداولات الشركة و التصويت على قراراتها و مراقبة مجلس إدارتها و حق الإستفسار و طلب المعلومات ذات المصلحة.
كما يوجب على الشركات ضرورة توفير المعلومات التي تمكن المساهمين من ممارسة حقوقهم على أكمل وجهه بشكل دوري و دون تمييز.
كما يبين هذا الباب أيضاً حقوق المساهمين المتعلقة بالجمعية العامة, وهي محور حديثنا الرئيسي في هذا المقال. حيث تعقد الجمعية مرة واحدة على الأقل في السنة خلال الستة أشهر الأولى من السنة المالية لمناقشة نتائج أعمال السنة الماضية.
و يوجب النظام ضرورة التواصل مع المساهمين للحضور و استخدام التقنية الحديثة في ذلك. و ينص النظام على كون التصويت حق للمساهمين, " يعد التصويت حقاً أساسياً للمساهم لا يمكن إلغاؤه بأي طريقة، وعلى الشركة تجنب وضع أي إجراء قد يؤدي إلى إعاقة استخدام حق التصويت، ويجب تسهيل ممارسة المساهم لحقه في التصويت وتيسيره ".
ولعل مقالنا اليوم يركز على جزئية بسيطة فقط من هذا الباب تتلخص في النقطتين التاليتين من اللائحة:
د)يجب أن يتاح للمساهمين الفرصة للمشاركة الفعالة والتصويت في اجتماعات الجمعية العامة للمساهمين،كما يجب إحاطتهم علماً بالقواعد التي تحكم تلك الاجتماعات وإجراءات التصويت.
هـ) يجب العمل على تيسير مشاركة أكبر عدد من المساهمين في اجتماع الجمعية العامة ، ومن ذلك اختيار المكان والوقت الملائمين.
ويمكن تلخيص أهم شروط صحة انعقاد الجمعيات المختلفة و توقيتها في الجدول التالي, المأخوذ دليل الجمعيات العمومية الإسترشادي:
نلاحظ أنه كما أسلفنا فإن السنة المالية 2012م توافق السنة السادسة لنظام الحوكمة حيث وصل خلالها عدد الشركات في السوق المالية تداول إلى 160 شركة مساهمة, تمثل جزء كبيراً من اقتصادنا الوطني و تحتضن كماً ليس بالبسيط من السيولة النقدية للمواطنين و غيرهم من المستثمرين.
لذلك قمنا بعمل إحصائية بسيطة على الشركات التي قامت بالدعوة للجمعية العمومية (العادية و الغير عادية) خلال عام 2012 م ,و بالنظر في البيانات نلاحظ أنه تم تأجيل 54 من الدعوات للجمعيات العمومية للشركات العاملة في قطاعات السوق المختلفة نظراً لعدم اكتمال النصاب! هذه الدعوات كانت من 38 شركة من شركات العاملة في قطاعات السوق المختلفة.
الجدول التالي يلخص نتائج الإحصائية.
و لاشك أن هذا الرقم مثير الإستغراب خصوصاً في ظل وجود لائحة للحوكمة تحتوي مواد موجبة لتسهيل مشاركة المستثمرين وَ وجود خيارات تقنية بسيطة كالتصويت الإلكتروني أو التذكير بالجمعيات عن طريق التواصل مع المستثمرين بالرسائل و التي يمكن استخدامها بنطاق واسع.
و هذا يدفع للتساؤول في فعالية دور الهيئة في تنظيم السوق بحسب الهدف من إنشائها, حيث أنه و خلال السنوات الست الماضية فإن عدد قليلاً جداً من الشركات حرصت على تفعيل دور المساهمين و محاولة الإتصال بهم و تسهيل مشاركتهم في أنشطة الجمعيات كما ينص عليه النظام.
و قد يزول الحرج, حين تعرف أن كثير من الخدمات الخاصة بالشركات و التي تساعدهم للوصول للمستثمرين وإشركاهم في التصويت على الجمعيات هي خدمات مدفوعة تتطلب من الشركات دفع مزيد من الرسوم.
و يزيد الأمر سوء, أو لنقل تعقيداً, أن هذه لخدمات محتكرة من قبل شركة تداول فقط عن طريق منظومة تداولاتي !
و بينما تقدم خدمات تداولاتي مجاناً للأفراد, فإن الشركة لا تنبه أن مجانية الخدمات للأفراد قد تكون وقتية, و يحق لها في أي وقت فرض رسوم عليها أو على بعضها دون شرط أو قيد.
وهنا تظهر إشكالية تنظيمية مزعجة في سلطة هيئة سوق المال, على بيانات السوق المالية المدارة عن طريق شركة تداول.
و سبب الإزعاج هنا في وجود احتكار واضح من قبل تداول للسوق المالية و بياناتها و حجبها عن هيئة سوق المال و وسائل الإعلام بل و ربما المستثمرين دون أدنى مبرر لذلك.