اليوم وبعد مرور أكثر من 6 سنوات على الترخيص لشركات التأمين الجديدة للعمل في السوق السعودية، والتي تجاوز عددها الـ 33 شركة تبين جليا أن من بين هذا العدد الكبير من الشركات هناك شركات قليلة لا يتجاوز عددها أصابع اليد الواحدة هي من تعي أهمية التوعية والتثقيف التأميني من أجل خدمة هذا القطاع كصناعة وليس كمصلحة فردية يراد منها الشركة ذاتها.
هذه الشركات كان لها دور نشط في ظهور هذا القطاع على السطح وقد أخذت على عاتقها مسؤولية المساهمة في نشر ثقافة التأمين والتعريف بأهميته كسلعة خدمية تسهم في إشاعة الأمن والطمأنينة لأنها تعرف أن ذلك سيعود عليها بالنفع على المدى البعيد، وقد حققت بالفعل عائد ملموسا دون أن تحدث أي ضجيج لنفسها من الناحية الإعلامية، وكان لها نجاحات على صعيدي الربحية والمصداقية وهذا أن دل على شيء فأنه يدل على أن هذه الشركات تدار بعقول نيرة تعي أهمية دور التوعية والتثقيف في تطوير التأمين كصناعة ناشئة أولا والذي يترتب عليه تحقيق النجاح على الصعيد الداخلي ثانيا.
وعلى العكس من ذلك هناك أكثر من 85% من شركات التأمين للأسف لا تعير أي اهتمام للتوعية التأمينية هذا إن كانت تفهم معناها أصلا، فهي للأسف تنظر إلى مصلحتها فقط، وتخطط كيف يمكنها أن تحقق الربح الوفير وبأي طريقة كانت ولا يهمها أطلاقا مصلحة القطاع ككل، بل أنها تسيء لسمعة هذا القطاع في كثير من الأحيان بالمماطلة في دفع حقوق المؤمن أو المؤمن له، ولا ترى أن لها مصلحة في أنفاق ريال وأحد على التوعية أو التثقيف استنادا على أن منتجاتها تباع بقوة القانون كالتأمين الإلزامي ضد حوادث السيارات والتأمين الصحي،لذلك فهي ترى أنها ليست بحاجة لتوعي الناس لتبيع منتجات مطلوبة أصلا لعميل تجذبه الأسعار المنخفضة فقط، ولا تعترف بدورها في دعم التأمين كصناعة!.
إن الدور الذي تقوم به بعض شركات التأمين دون غيرها لا يكفي، خاصة في ظل وجود سوق لا تزال ناشئة، بل يجب أن تتحمل جميع شركاته مسؤولية المبادرة في توعية الجمهور بأهمية التأمين ويكون لها دور فاعل في ذلك وتطالب في تقديم ما يثبت ذلك للمشرع، فنظام التأمين نشأ استجابة لحاجة المجتمعات الحديثة للتغطيات التأمينية، ونشر الوعي التأميني هو نشر الإدراك الكامل للأخطار المحيطة بحياة الإنسان وممتلكاته والاقتناع بضرورة مواجهة هذه الأخطار، والفهم بأن التأمين هو أنسب وسيلة لذلك حيث يتحمل تكلفة قليلة عاجلة بدلاً من مواجهة خطر لا يعرف حدوده أو مداه.
وبالتأكيد إذا تحققت التوعية بطرق سليمة ومدروسة فأن ذبك سينعكس على ارتفاع حجم السوق الذي سترتفع معه حصة الشركات من الأرباح.
على الشركات أن تدرس هذا الأمر جيدا وأن تتكاتف على ذلك بشكل «تعاوني» يفيد الفرد والمجتمع، وهو اللقب الذي لطالمة تغنت به الكثير من شركات التامين أمام العملاء والمشرع.
نقلا عن جريدة الجزيرة