في عالم التخطيط وبناء الاستراتيجيات يقال : «إن تسبق الأحداث بأفعال خير من تتفاعل مع الأحداث بإجراءات».
توقع المستقبل والتعامل معه من وقت مبكر قد يحول الأفراد والمؤسسات من الفقر للثراء ومن الفوضى للنظام،ولتتضح الصورة يجب أن نستعرض بعض الأمثلة على ذلك، وقد تقدم شركات السيارات الأمريكية خير دليل على أن التخطيط ومحاولة قراءة المستقبل والتفاعل معها تجنب المؤسسات خطر الانهيار أو التعثر
ولعلنا نتذكر الضجة الإعلامية التي صاحبت تقدم أكبر شركة في العالم في صناعة السيارات آنذاك «جنرال موتورز» بطلب حمايتها من الدائنين عام 2008 نتيجة الاقتراض الكبير الذي أوقع الشركة في شراك الافلاس مع اندلاع شرارة الأزمة العالمية، وهذا يدل على أن تاريخ الشركة الممتد لأكثر من مائة عام مع انتاجهم أول عربة لا تجرها الخيول من طراز «بيوك» كاد يدمر بسبب السياسات الخاطئة وعدم التعامل مع الأحداث المحتملة ما جعل مؤشر الديون يتجاوز أصول الشركة وذلك يعني حالة إفلاس في حالة عدم تدخل المساهمين أو الحكومة لدعم الخطط التي يمكن أن تخرج الشركة من العجز المالي، وعلى النقيض من ذلك فشركة «فورد» استطاعت أن تقرأ المستقبل قبل حدوث الأزمة العالمية و عملت على اعادة هيكلة الشركة و اخراج بعض الخطوط المكلفة ونقل عمليات الشركة للعديد من الدول لتقليل تكلفة العمليات ما جعلها الشركة الأمريكية الوحيدة التي لا تلجأ الى الدعم الحكومي واكتفت بحق القرض «التجسيري» مستقبلا،
وفي السعودية - مصدر الطاقة الأول عالميا - مازلنا نعتمد على النفط الخام كمادة تصدير تتبوأ صدارة صادراتنا للعالم والمصدر الأول للموارد المالية للموازنة العامة للحكومة، ولعل وصول امريكا لمصادر جديدة من الغاز عبر تطوير تقنيات للاستفادة من الغاز الصخري - التي ستكفي لمدة قد تزيد على 100 عام - هو مجرد اشارة لإمكانية حدوث ثورة مماثلة في قطاع النفط ما يقلص تكلفة الوصول لمصادر نفطية جديدة تزيد كميات المعروض في السوق النفطية بأسعار منخفضة ما سيكلفنا كثيرا مع ارتفاع مصروفات الدولة، لذلك يجب تدارك الأوضاع والبدء في الأبحاث التي تعزز قدرة المملكة على المحافظة على مكانتها كمصدر للطاقة عبر تقليص الاستهلاك المحلي الذي «يهدر» بسبب قلة كفاءة استخدام الطاقة وعدم استخدام التقنيات الحديثة، ولعل خير مثال على ذلك : تجربة المصنع الألماني في المنطقة الصناعية في دبي الذي ينتج ألواح كربون موفرة لاستهلاك الكهرباء للمباني بنسبة تصل إلى 40بالمائة.
امتلاك تقنيات لها علاقة بالطاقة وكفاءة الانتاج والاستهلاك ستحافظ لنا على مكانتنا العالمية في قطاع الطاقة.
نقلا عن جريدة اليوم