النفط الصخري يغير شكل العالم

20/11/2013 0
عبدالله السعيد

من سنن الله في الكون تغير الأحوال وتبدل مراكز القوى بين الأمم من زمن إلى زمن، ولهذا يعاني البعض صعوبة في فهم الواقع الحالي، وعن امكانية تبدل مراكز القوى بعد حين من الزمن، فمن يصدق أن بريطانيا التي كانت اكبر امبراطورية عرفها التاريخ في العصر الحديث، بمساحة تقارب 23% من الحجم الكلي للعالم اصبحت بمساحة لا تتجاوز 0.0016% من العالم، وقبل ثلاثمائة عام كان الهنود سادة التجارة والاقتصاد بالعالم، ولا ينافسهم سوى جيرانهم الصينيين، وقبلهم كان المسلمون - خلال حقبة من الدهر - ينافسون أمريكا الحالية في حجم السيطرة والنفوذ والقدرات العسكرية، وتبدل مراكز القوى له أسباب تتمحور حول العلم والتخطيط للمستقبل، فاليابان بعد الثورة العلمية التي قادها تاكيو أوساهيرا، اصبحت من اكبر القوى الاقتصادية العظمى منذ ستينيات العصر الماضي وحتى الآن.

العالم مستقبلا ـ والعلم عند الله ـ سيتغير نتيجة تطورات في اسواق الطاقة، وربما تصبح دول مثل الأردن والمغرب من أغنى دول العالم العربي، وذلك بحسب توقعات تشير إلى معدلات مرتفعة من احتياطيات الطاقة الصخرية، ولكن الاستفادة من هذه المخزونات لن يتم بدون التقنية، التي لا اعلم وجوداً لها في دول غير الولايات المتحدة، ومع تقدم الدول الناشئة شيئا فشيئا نحو قيادة العالم اقتصادياً، فإن انتقال التقنية من الولايات المتحدة إلى دول اخرى أمر وارد، نتيجة الصعوبات الاقتصادية التي تعاني منها امريكا حاليا، ولكن تكلفة انتاج النفط الصخري المقدرة بحوالي 35 دولارا للبرميل، يعني حاجة السوق للاستقرار فوق سعر 54 دولاراً للبرميل للبدء بالإنتاج على أساس اقتصادي، أعتقد أننا في المملكة بحاجة لاستقرار اقتصادي بعيدا عن الاعتماد عن النفط، الذي قد يتوفر بكثافة في حالة ازدهار تقنيات انتاج النفط والغاز الصخري، فمع نسبة اعتماد تقارب 90% على النفط واسعار تتجاوز المائة دولار، فإننا سنفقد 50% من دخلنا غير المستدام من النفط في حالة اهتزاز السوق النفطي ونزول الأسعار لمعدلات الخمسين دولاراً للبرميل، وقد يزعم البعض أن زمن النفط الرخيص قد ولى للأبد بسبب انخفاض قيمة الدولار مقابل السلع، بالرغم من استرجاعه لتوازنه مقابل العديد من العملات، ولكن دوام الدولار أمرٌ مستحيل، ولذلك يجب علينا تقدير حجم المخاطر التي تحيط بدولار مهزوز وامريكا ضعيفة، وتراجع الثقة في مستقبل الاقتصاد العالمي الذي ربما تقوده الصين المثقلة بالائتمان داخليا.

ختاما: قد لا نعلم من هم اسياد الاقتصاد مستقبلا، ولكن يجب علينا أن نشكل هوية اقتصادية جديدة، تقوم على الصناعات المستدامة والاكتفاء قدر المستطاع عن العالم.

نقلا عن جريدة اليوم