أقترح أن تنشئ الدولة شركة مساهمة، مهمتها بناء السكن لمحدودي الدخل، والاستعانة بشركات مقاولات دولية بالشراكة مع شركات مقاولات سعودية لتنفيذ مشاريع ذوي الدخل المحدود
جهود جبارة يقوم بها خادم الحرمين الشريفين تجاه شعبه وشباب مجتمعه نحو توفير السكن اللائق الذي يحقق الأمن الأسري والمجتمعي، وهذا يتمثل في تخصيصه مبلغ 250 مليار ريال لبناء 500 ألف وحدة سكنية لائقة،داعماً هذه الجهود بإعادة إنشاء وزارة الإسكان للقيام بهذه الخطط والسياسات الإسكانية لشعب المملكة،والذي تقدر بعض الإحصائيات أن حوالي 62% منه يملكون سكناً.
ويدخل في هذه النسبة جميع أنواع السكن من قصور وفلل في الأحياء الراقية، وعمائر وشقق سكنية في الأحياء المتوسطة، ومبان من الحجر واللبن والصفيح والخيام في القرى والهجر والعشوائيات. وهناك40% من السكان لا يملكون منزلاً أيا كان نوعه، ويلجؤون إلى السكنى في بيوت مؤجرة لائقة وغير لائقة، وتضاف نسبة 20% من إجمالي السكان يملكون سكنا ولكنه في العشوائيات، ليصبح إجمالي نسبة 60% من سكان المملكة إما لا يملكون سكنا، أو يعيشون في سكن غير لائق.. قضية قديمة وحديثة، ومعاناة كبيرة يواجهها المجتمع، وعلى وجه الخصوص الشباب بين 15 ـ 44 سنة، الذين يمثلون نسبة 50% من السكان، معظمهم من الشباب الذين يبحثون عن سكن لائق لإكمال نصف دينهم بالزواج وبناء الأسرة.
إن أزمة السكن في المدن الكبرى في المملكة هي القضية الرئيسية، بسبب تكدس السكان فيها نتيجة نزوح المواطنين من القرى والمدن الصغيرة إليها، طلباً للعلم ثم العمل الذي يهدف إلى تأمين العيش الكريم وضمان حياة مستقرة. إن أزمة الإسكان في المملكة أخذت في التفاقم في السنوات الماضية حتى تضخمت بسبب الصعوبات والمعوقات التي واجهت التنمية الإسكانية.
وعلى رأس هذه الصعوبات تأخر صدور أنظمة الرهن العقاري والتمويل العقاري والتأجير التمويلي التي صدرت مؤخراً، والتي تعتبر ضمن أسباب المشكلة الرئيسية، ثم ترادف معها ارتفاع أسعار الأراضي، نظراً لندرتها بسبب احتكار أصحاب المنح الكبيرة لمعظم الأراضي داخل و في أطراف المدن والمناسبة للتطوير العمراني، بالإضافة إلى احتكار ملاك وتجار الأراضي للمساحات الشاسعة داخل المدن وأطرافها، تاركين إياها لعشرات السنين لتنمو وتتضخم أسعارها، مما يسهم في ارتفاع أسعار العقار بطريقة لا تتناسب مع السعر الحقيقي أو القدرة الشرائية،بالإضافة إلى أنهم أسهموا في تعطيل التنمية السكانية، مما تسبب في رفع سعر الأراضي حتى وصل إلى نسب أعلى من تكلفة بناء المساكن عليها.
ومع زيادة الطلب على بناء المساكن ارتفع الطلب على مواد البناء، مما دفع المصانع إلى مضاعفة إنتاجها، إلا أنها واجهت معوقات الحصول على مزيد من الوقود فظهر العجز في الإنتاج، بالإضافة إلى تحايل بعض تجار التجزئة والموزعين، واستغلال الظرف في رفع تكلفة مواد البناء بنسبة 20%، حيث ارتفع سعر كيس الأسمنت ليصل إلى 20 ريالا في بعض مناطق المملكة، وارتفعت تكلفة العمالة في شركات المقاولات بنسبة من 20 ـ 30% ، نظراً لقرار وزارة العمل فرض رسوم 2400 ريال، بالإضافة إلى معوقات الأمانات في الحصول على تراخيص البناء بسرعة.
ونتيجة لارتفاع أسعار البناء ارتفعت الإيجارات بنسبة 20%. ونظراً لزيادة النمو السكاني وزيادة الطلب على القروض العقارية لم يستطع صندوق التنمية العقارية تحقيق سوى 700 ألف قرض منذ إنشائه حتى بداية عام 2013 ، أي تحقيق نسبة 30% من إجمالي طلبات الاقتراض منه. ويتوقع أن تزداد وتتضخم المشكلة إذا استمرت جهود معالجة قضية الإسكان تسير سير السلحفاة.
وفي الحقيقة لا بد أن نعترف بأن القائمين على معالجة قضية الإسكان الآن قد ورثوا إرث القضية من تراكمات الماضي، ولن يستطيعوا أن يصلوا إلى الحلول السريعة بدون قرارات تقضي بتوفير الأراضي السكنية عاجلاً، إما بشراء الأراضي من أصحاب منح "الكيلوات" أو ملاك الأراضي الفضاء داخل المدن، واتخاذ قرار عاجل بتطوير العشوائيات داخل المدن، مع إيجاد الحلول العادلة لأصحاب الأملاك داخل العشوائيات، والعمل على تغيير أنظمة الارتفاعات في بعض أحياء المدن للاستفادة من التوسع الرأسي.
وأقترح أن تقوم الدولة بإنشاء شركة مساهمة للإسكان، مهمتها بناء السكن لمحدودي الدخل، والاستعانة بشركات مقاولات دولية بالشراكة مع شركات مقاولات سعودية لتنفيذ مشاريع ذوي الدخل المحدود، وعدم الاعتماد على مطوري العقارات في القطاع الخاص، لأن تطوير القطاع الخاص موجه للفئة المتوسطة القادرة على دفع 30% من قيمة التمويل المرتبط بالرهن العقاري، مع استمرار دعم مطوري المشاريع الإسكانية. كما أقترح دعم إنشاء الجمعيات التعاونية الإسكانية، فهي إحدى وسائل الحلول السريعة في القرى والمدن الصغيرة، وهي مشاريع تعاونية موجهة لذوي الدخل المحدود.
وإذا جاز لي الاقتراح فإنني أطالب بتوجيه المدن الاقتصادية لتبني إنشاء سكن ذوي الدخل المحدود، أو بيع الأراضي المخصصة للسكنى بأسعار رمزية لوزارة الإسكان لبناء المجمعات الإسكانية عليها، وليس المتاجرة بالأراضي مثل ما هو معمول به حالياً في بعض المدن الاقتصادية. وأخيراً أقترح فكرة إنشاء مدن سكنية جديدة خارج نطاق المدن الرئيسية، شريطة توفير البنى التحتية من قبل الدولة، وأن تقوم هذه المدن على أطراف طرق السكك الحديدية، مع إقامة محطات لها داخل المدن الجديدة لتأمين وسائل النقل.
نعم، إن تبني الشيخ صالح كامل رئيس غرفة جدة التجارية الصناعية لقضية الإسكان في مؤتمر جدة الاقتصادي 2013 كان موفقاً، بل متميزاً في مناقشة قضية محلية بالاستعانة بخبرات دولية، عوضاً عن النمط القديم المتبع سابقاً في مناقشة قضايا اقتصادية دولية دون الاهتمام بالقضايا المحلية، مما أثار حفيظة نفوس البعض ضد مؤتمر جدة الاقتصادي الذي كان يركز على نجوم السياسة العالمية دونما التعرض للقضايا الاقتصادية المحلية التي يحتاجها المجتمع.
إن ما يدفعني للتفاؤل الكبير في نتائج منتدى جدة الاقتصادي الذي يفتتح هذا المساء في جدة هو أن الأمير خالد الفيصل هو راعي هذا المنتدى والمشرف عليه والمتابع قضيته شخصياً، فهو صاحب نجاحات متميزة في عسير سابقاً وفي مكة المكرمة حالياً. ومن يزرْ منطقة مكة المكرمة هذه الأيام يلحظْ أنها تحولت إلى ورشة إنجاز لمشاريع تنموية هامة للمجتمع، ابتداء من توسعة الحرم المكي الشريف ومشاريع المشاعر المقدسة ومشاريع النقل وإنشاء السكك الحديدية، ومعالجة خطر السيول وتطوير العشوائيات وإنشاء مطار الملك عبدالعزيز الجديد والعناية بالشباب، أساس المجتمع ومستقبله.
ولماذا لا تقوم الدولة بإنشاء شركة مساهمة للإسكان،. مع تحفيز القطاع الخاص ومطوري الاراضي مع وضع ضوابط للبناء ( كود البناء السعودي ) كمثال لان الطلب كبير على السكن وخاصة مع تطبيق الرهن العقاري لللك تحياتي
الحل الجذري بالنسبة للدولة هو عدم توفير سكن لإجبار الشباب قدر المستطاع لتأخير سن الزواج لتقليل نسبة النمو السكاني بطريقة دوبلماسية لأن أي سكن يتوفر اليوم يحتاج عشرة منازل متفرعة منه بعد عشرين سنة . فإذا كان العجز اليوم مليون وحدة سوف يكون العجز عشرة ملايين بعد عشرين سنة ومائة وحدة سكنية بعد اربعين سنة وهذه متوالية محطمة لأي إقتصاد........ هذه هي الحقيقة التي ينبغي ان نواجهها دون وضع رؤوسنا في الرمال