تعتبر أسواق التجارة الإلكترونية في المملكة العربية السعودية الأكبر حجما وقيمة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ويتوقع أن يبلغ حجم التداولات في التجارة الإلكترونية إلى أكثر من 33 مليارا في عام 2020، وبلغ متوسط إنفاق الفرد عام 2017م أربعة آلاف ريال حسب تقرير هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات، إذ يقدر حجم التعاملات الإلكترونية للمستهلك السعودي -أفرادا وشركات- حوالى 30 مليار ريال موزعة على حوالى 8 ملايين مشتر.
وتقدر نسب نمو التجارة الإلكترونية في المملكة بنسبة 14%، وهناك توقعات بارتفاع هذه النسبة حال دخول أمازون للسوق السعودية، ونظرا للتطور السريع لسوق التجارة الإلكترونية في المملكة، فقد أنشأ مجلس الوزراء السعودي مجلس التجارة الإلكترونية لتنظيم سوق التجارة الإلكترونية وهو توجه صحيح تحسبا للنمو المطرد لهذه السوق ومنعا من السيطرة على الأسواق السعودية دون مراقبة ومتابعة وحماية لحقوق المستهلكين، ومع نمو ثقافة التجارة الإلكترونية يبدي تجار التجزئة وتجار الجملة مخاوفهم من المنافسة الشرسة وخروجهم من الأسواق وإفلاسهم، بالإضافة إلى تسريح مئات الآلاف من الموظفين الذين سينضم لهم صغار التجار الخارجين من السوق، ولقد كتبت في التاسع من ذي القعدة عام 1439هـ مقالا بعنوان «من يحمي المؤسسات الصغيرة من (أمازون.كوم)»، وأعبر اليوم عن نفس المخاوف رغم سعادتي بإنشاء مجلس التجارة الإلكترونية إلا أن القلق ينتابني بعد أن اطلعت على أحد التقارير في الولايات المتحدة الذي يوضح انهيار كبار الشركات الأمريكية التي تجاوز بعضها عمر المائة عام.
وكانت الأسباب هي نمو سوق التجارة الإلكترونية التي أدت إلى خفض أسواق الشراء التقليدية، مما دفع العديد من الشركات إلى تقليص نشاطها وإقفال العديد من الفروع في الولايات المتحدة مما زاد من نسب البطالة.
حيث أعلن مؤخرا في الولايات المتحدة عن قرار إفلاس سلسلة المتاجر الأمريكية العملاقة والتاريخية (Sears Holdings) بعد مواجهتها صعوبات شديدة في مواجهة التجارة الإلكترونية، وبدون تردد نشر قرار الإفلاس في وسائل الإعلام، وتعتبر إحدى الشركات التي أنشئت عام (1886م)؛ وأحد أكبر الرواد في مجال التجارة في المتاجر الكبرى، وتم وضع الشركة تحت الفصل 11 من القانون الأمريكي للشركات المفلسة.
وانضمت شركة (Toys «R» Us) أكبر الشركات المتخصصة لألعاب الأطفال وأفلست وقررت تصفية 735 محلا في الولايات المتحدة، وتتفاوض شركة (جيليج) الفرنسية لشرائها بعد أن كانت الشركة العملاقة في الولايات المتحدة المحتكرة أكبر مراكز بيع ألعاب الأطفال، وتدرس شركات تجزئة أمريكية عديدة دراسة تخفيض فروعها للحد الأدنى لمواجهة غزو التجارة الإلكترونية للأسواق الأمريكية.
حيث أوضح تقرير صادر من شركة أبحاث السوق (ستاتيستا) أن حجم التجارة الإلكترونية العالمية وصل إلى 2.3 تريليون دولار في عام 2017م ومن المتوقع أن يصل إلى 4.5 تريليون دولار في عام 2021م، وفي الولايات المتحدة وحدها تمثل التجارة الإلكترونية نحو 10% من مبيعات التجزئة وتنمو هذه التجارة بنسبة 15% سنويا.
ويمثل المتسوقون بالإنترنت 11% من إجمالي المستخدمين للإنترنت، ويستخدم 35% من المتسوقين جوالاتهم الذكية للشراء الإلكتروني، وخوفا من نمو نسب المتسوقين إلكترونيا بدأت تتحول العديد من المتاجر في الولايات المتحدة وأوروبا إلى إنشاء فروع وإدارات متخصصة للبيع إلكترونيا لتعويض النقص في المبيعات المباشرة من خلال متاجرهم.
وأتوقع نتيجة تطور تقنية الاتصالات في المملكة وأتمتة العديد من الخدمات الحكومية والخاصة، ونشر ثقافة التعاملات الإلكترونية، التي أصبحت أحد مظاهر تطور المجتمع السعودي، وبالتالي تنعكس إيجابا على التجارة الإلكترونية مما ساهم في رفع نسب نمو التجارة الإلكترونية في المملكة، وكما يرى بعض المتابعين من الخبراء أن تطور التقنية الإلكترونية على بعض القطاعات الداعمة والمساندة لها وهي قطاع التأمين والنقل والتخزين وهي قطاعات ستنمو سريعا وتحتاج إلى مزيد من الاستثمار والتشغيل للعمالة السعودية، وكما تحتاج إلى تطوير أنظمة الجمارك والضرائب، والحقيقة نحن نعيش في عصر رقمي إلكتروني يفرض علينا التفاعل معه والتماشي مع سرعة تطوره.
وهذا يدفعنا إلى أهمية تشجيع إنشاء كليات وأقسام متخصصة في التجارة الإلكترونية وضرورة إضافة قسم نظم التجارة الإلكترونية في كليات القانون.
نقلا عن عكاظ
مقالة مفيدة فيها تنبيهات و نصائح مهمة اتمنى ان تصل لم بيدهم الامر.