أزمة الإسمنت من جديد

03/03/2013 3
محمد العنقري

يبدو أن كل الجهود التي بذلت للقضاء على أزمات الإسمنت المتكررة سنويًّا وبمدن مختلفة لم تثمر، فتكرار الأزمة يدل على ذلك بديهيًا والأسباب متشابهة إجمالاً تقوم غالبًا على تعطيش السُّوق ببعض المناطق من بعض الموزعين، مستندين على أيّ عذر يخدم توجههم لرفع الأسعار بين فترة وأخرى.

وتكرار الأزمة يدل على أن المعالجات لا تدخل لعمق السُّوق لتقف على جوهر المشكلة وأين تكمن ليتم حلها نهائيًّا وسبق أن تطرَّقت لحلول عدَّة بمقالات سابقة كتأسيس شركة توزيع لها فروع بِكلِّ المناطق وظهرت أخبار تفيد بالتوجُّه لمثل هذا الحل إلا أنّه لم يَرَ النُّور للآن ومن شأن هذه الشركة أن تشرف على السُّوق وتتعاطى معه بمرونة وتضخ الكميات المناسبة للطلب وتمنع أيّ احتكار محتمل وتستطيع الشراء من كافة المصانع مما يلغي تأثير تعطل أيّ مصنع بأيِّ منطقة هذا بخلاف ضبط الأسعار وهيكلة حلقات السُّوق من المنتج للمستهلك كما أن فتح الاستيراد من الخارج يعد أحد الحلول المهمة ومن الممكن أن تتولاه هذه الشركة وبنسبة محدَّدة تتماشى مع العرض والطَّلب وفارق النمو بينهما وإن كانت وزارة التجارة قد ذكرت بوقت سابق أنَّها لا تمانع الاستيراد إلا أن ذلك لم يحدِّد بآليات واضحة لكي يتم العمل به.

إن شح الإسمنت يضرّ بالتنمية الاقتصاديَّة ويرفع التكاليف ويُعطِّل سير المشروعات ويضيف سببًا آخر لتعثر بعضها وما تناقلته وسائل الإعلام عن خلو مدينة كجدة من الإسمنت قبل أيام يوضح حجم المشكلة والخلل بآليات التوزيع وطرق ضبط السُّوق

وللوصول لحلٍّ نهائيٍّ لمشكلة شح الإسمنت لا بُدَّ من السُّرعة بالمعالجة والدخول إلى التفصيلات التي تظهر عندها الأزمة والوقوف على حلول جذرية، إِذْ لا يمكن أن تكون التنمية الاقتصاديَّة رهينة بأزمات مفتعلة وحماية مبالغ فيها للصناعة المحليَّة من الإسمنت فحجم الإنفاق الحكومي بمئات المليارات سنويًّا لرفع مستوى الناتج الوطني وفتح فرص العمل وهي أهداف أكبر بكثير من حجم وأثر إنتاج الإسمنت وأرباح شركاته ولا بُدَّ من التَّعامل مع الإسمنت كسلعة إستراتيجيَّة بالوقت الراهن لأهميتها بالتنمية وتأمين احتياج السُّوق منها بحلول واسعة تحكم وتضبط السُّوق وتنعكس إيجابًا على السُّوق المحلي.