استثمارات فتيحي .. تغيرات لم يفصح عنها

24/02/2013 9
صالح على الصبي

كنا قد تكلمنا في مقال سابق عن شركة فتيحي من ناحية نشاطاتها الأساسية و سلتها الإستثمارية و بيَّنا أن الأوعية الإستثمارية للشركة تمثل قرابة 50% من رأس مال الشركة الحالي, نزولاً من 64% خلال العام السنة المالية 2011 نظراً للخسائر في الإستثمارات.

مع نهاية السنة المالية 2012 قامت الشركة بإصدار تقريرها السنوي والذي احتوى على توضيحات عديدة لكثير من التساؤلات التي تم طرحها في المقال السابق, لذا جاء هذا المقال امتداداً للمقال السابق و استكمال لمحتواه.

بناء على القوائم المالية للشركة بنهاية عام 2011 كانت السلة الإستثمارية للشركة مقسمة حسب ما هو معلن في جدول 1 أدناه, حيث بلغت تكلفتها ما يقارب 319 مليون ريال أي حوالي 64% من رأس مال الشركة آنذاك و حققت خسارة تزيد عن 65 مليون ريال و تمثل حوالي 20% من قيمة السلة الإستثمارية, أي قرابة 13% من رأس مال الشركة. وهو ما دعانا إلى التساؤول عن استراتيجية الشركة الإستثمارية خصوصاً مع كونها شرعت في تصفية بعض شركاتها التابعة المتخصصة في تجارة المجوهرات و الأحجار الكريمة خلال نفس الفترة المالية متكبدةً خسائر حتى فيما يفترض أنه نشاط رئيسي للشركة و هو التعامل في المجوهرات و الأحجار الكريمة.

وبالنظر إلى نتائج السنة المالية 2012 نجد أن عمليات الشراء التي كانت تتم خلال السنة إنما هي تعديل لمحتويات السلة الإستثمارية للشركة كما يتبين في جدول 2. حيث تركزت العمليات على إعادة هيكلة الإستثمارات و التخلص من بعض الشركات و زيادة الكميات في شركات أخرى أو حتى الإستثمار في شركات جديدة. و المؤسف أن نسبة كبيرة من عمليات الشراء تمت خلال فترة تحسن في السوق المصرية فتم الشراء بأسعار مرتفعة نسبياً, بحسب الإفصاحات في السوق المصرية عن زيادة تملك عن شركة صدوق الذراع الإستثماري لفتيحي بينما لم تقم الشركة بأي إعلان عن التغييرات الجوهرية في نشاطها الإستثماري في موقع تداول. و بغض النظر عن الأثر الإيجابي لمثل هذه الإستثمارات في خفض التكلفة الكلية للإستثمارات السابقة فإن للمستثمر أن يتسائل عن المخاطر المتعلقة بزيادة الإستثمار في السوق المصرية في ظل تواجد كبير لفرص محلية من ضمن أنشطة الشركة الرئيسية و وجود أسواق أخرى أقل مخاطرة, و بالتالي فإن استمرار مثل هذه التوسعات دون أدنى إفصاح أو إعلان سيؤثر على قرار المتداول و المستثمر في أسهم شركة فتيحي من ناحية قدرته على تحديد مخاطر الإستثمار و اتخاذ القرار الصحيح بالشراء أو البيع خصوصا وهذه الإستثمارات تقارب فيمتها 50% من رأس مال الشركة.

و نلاحظ بتحليل بينات السلة الإستثمارية مع النتائج المالية للسنة المالية 2012 أن الشركة ضخت ما يقارب 20 مليون ريال سعودي إضافي في سلتها الإستثمارية خلال العام و سجلت خسائر إضافية قاربت من 8 ملايين ريال سعودي. حيث تخلصت الشركة من ثلاث شركات من استمثاراتها في الأسواق المصرية, و كثفت وجودها في شركتين من أفضل الشركات في السوق المصري و تتميز بموقف مالي ممتاز مقارنة بالإستثمارات السابقة, مع وجود قيمة مضافة وهي التوزيعات النقدية المستمرة. و بالنطاقات السعرية الحالية فإن القيمة العادلة في دفاتر الشركة لاستمثارات الشركة حالياً في السوق المصرية قريبة جداً من أسعارها السوقية الحالية, مع ملاحظة أن السوق المصرية تعد في مسار هابط حالياً مما يعني تحسن سعري متوقع في حال الإستقرار بإذن الله.

المفاجأة الإيجابية كانت في زيادات حجم استثمارات الشركة في السوق السعودية من أقل من 1% بنهاية 2011 إلى ما يقارب 11% بنهاية 2012 عن طريق التركيز على شركة بدجت و هي تعمل في قطاع النقل و تم الإستثمار فيها بأقل من قيمتها العادلة بناء على نتائجها المالية لعام 2012, وهي خطوة إيجابية تحسب لإدارة الشركة من ناحية تقليل مخاطر الإستثمارات نظراً لإستقرار السوق السعودي.

وبناء على مستويات السلة الإستثمارية الحالية فإن التدفقات المالية نتيجة لتوزيعات الأرباح تكاد تكون مضومنة نظراً لإستيفاء جميع الشركات المتداولة شروط الإحتياطي النظامي و وجودها في مراكز مالية قوية, بغض النظر عن التذبذب الممكن في القيمة السوقية.

بقي أن نشير إلى أن الشركة و لسنوات تجنبت الإفصاح عن أي تطورات فيما يخص الإستثمار في المركز الطبي الدولي و الذي ساهمت الشركة في تأسيسه عام 2006 بقيمة تقارب 95 مليون ريال, ثم استمرت في زياد استثمارها فيه حتي أصبحت تمثل قيمته حالياً ما يزيد على 21% من رأس مال الشركة الكلي و هو مقيم بقيمة تكلفته دون أي أرباح أو خسائر معلنة تحت قيادة أحد ابناء الرئيس التنفيذي للشركة!

كما يجدر ملاحظة أن تملك الشركة في النساجون الشرقيون يمثل أكثر من 30% من قيمة الإستثمارات و يعد بسعر حتى أقل من قيمتها الدفترية مما يعني فرص كبيرة لتحقيق عوائد مجزية في حالة تحسن الظروف في الأسواق المصرية و استقرارها.

* قيم متوقعة بناء على تتبع إفصاحات الشركة المنشورة  في السوق المصرية و القوائم المالية لآخر سنتين ماليتين

ليس المعني من هذه المقالات بأي حال من الأحوال الإنتقاص من مجلس إدارة شركة فتيحي, أو أداء الشركة حيث أن الشركة حالياً تعد في  موقف جيد نسبياً في حالة استقرار السوق المصري بل و مرشحة لإستمرار التوزيعات النقدية ,التي عادت هذه السنة بعد انقطاع طويل, خلال السنوات القادمة نظراً للتوسع الملحوظ في النشاط الأساسي عن طريق افتتاح 6 فروع جديدة خلال السنة المالية 2012 و كذلك لإنخفاض تكلفة سلة الإستثمار بعد أن قامت بتحميل المساهمين خلال السنتين الماضيتين جميع الخسائر الممكنة و هي تزيد عن 70 مليون ريال.

بقي أن نشير إلى أن جميع الأرقام الواردة في التقرير أعلاه هي محاولة لقراءة وضع السلة الإستثمارية بناء على افصاحات الشركة في نهاية آخر سنتين ماليتين فقط, تكبدت فيهما الشركة خسائر متلاحقة تجاوزت 70 مليون ريال سعودي خلال بانخفاض قريب من 15% من رأس المال الكلي مقارنة بعام 2011 حيث يعود السبب المباشر لهذا الإنخفاض  للقرارات استثمارية غير موفقة من إدارة الشركة؛ دون أدنى ذكر للحالة في 2010 أو ما قبلها, أو حتى تفاصيل العمليات التي تم تنفيذها خلال 2011 و 2012.

و نعود لنؤكد أن المحزن في مثل هذه المقالات, هو استمرار نقد الجهات الرقابية في السعودية لسلوك المستثمرين الأفراد في السوق المالية في ظل غياب الرقابة و الحوكمة الفعلية, مع رغبة الجهات الرقابية في التحول إلى سوق استثماري و مؤسساتي بحت. فحينما يتم خسارة ما يزيد عن 20% من قيمة استثمارات أي شركة خلال سنتين دون الإفصاح عن مثل هذه التغييرات الجوهرية و انعدام الشفافية, و في ظل صعوبة الحصول على مثل هذه المعلومات فإن استغلال الحركات السعرية أوجه و أكثر أماناً من الإستثمار في سوق لا تضبط فيه الرقابة.