كما تخطع كل مهنة وتخصص للمتغيرات التى تحيط بها من وقت لاخر ... جاءت الازمة المالية العالمية لتعطى بعدا جديدا – الى حد ما – للمراجعة الداخلية او مهنة التدقيق الداخلى ... نظرا للابعاد التى احاطت بالعمليات المالية على وجه الخصوص والتى اثرت بشكل كبير على المنظمات والشركات المالية والمؤسسات العالمية ... فى ظل غياب واضح للرقابة ابان الازمة المالية .. بل وصل الامر الى حدوث عمليات احتيال واختلاس بلغت الملايين او لنقل المليارات من الدولارات , مما حدى بالمؤسسات المهنية والهيئات الرقابية الى اعادة النظر فى اجراءات الرقابة والضبط الداخلى لدى العديد من تلك المؤسسات المالية والبنوك الاستثمارية ...!!!
واستجابة للمتغيرات التى تحدث فى توقعات اصحاب الاعمال فى ظل الازمة الاخيرة .... قام مديرو ورؤساء التدقيق الداخلي بعملية تهدف الى اعادة تشكيل اولويات مخاطر التدقيق الداخلي وما ينتج عنها فى نطاق تغطية المراجعة بصفة عامة والمراجعة الداخلية بصفة خاصةمما يعنى الاهتمام بين الاستراتيجية والمخاطر المصاحبة .
وقد جاء ذلك استجابة لتوصيات مؤتمر المائدة المستديرة الذى دعا له معهد المراجعين الداخليين الامريكى IIA وذلك بهدف الوصول الى رؤية مشتركة بشأن تأثير الوضع الاقتصادى الحالى على المراجعة الداخلية وقد حضر المؤتمر العديد من مديرى المراجعة الداخلية ورؤساء ادارات التدقيق الداخلى لعدد من اكبر 100 شركة كما حضر ممثلو الجهات المقدمة للخدمات والجهات التى تتولى تنظيم مهنة المراجعة الداخلية وممثلون لمجلس مراقبة محاسبة الشركات العامة PCAOB وهيئة تداول الاوراق المالية SEC و الشركاء الرئيسون لمعهد المراجعين الداخليينIIA الذين يقدمون خدمات المراجعة الداخلية لاكبر 100 شركة…!!
وقد اعتبرت هذه المناسبة فرصة جيدة للمراجعين الداخليين والمهتمين بالمهنة لتحديد ما يمكنهم عمله لمساعدة المؤسسات والشركات التى ينتمون اليها من تقديم رؤية ذات قيمة تحديد استراتيجية تساعدهم على تفهم ومواجهة المخاطر المحتملة .
وبالنظر الى الشكوك الحالية الى تلازم الوضع الاقتصادى الراهن اوضح مديرو المراجعة الداخلية انهم يقومون بدور استراتيجى واستباقى لتحسين وتطوير ثقافة الحكومة ومواجهة المخاطر المحتملة بشركاتهم .
وقدموا رؤاهم واستراتجياتهم لاعادة توجيه نشاطات المراجعة الداخلية للتركيز على الجوانب التى تمكنها من مواجهة تحديات الازمة وكانت الاشئلة الرئيسة التى بحثها خلال المؤتمر هى :
ماهو اكبر تاثير احدثته الازمة الاقتصادية على المراجعين الداخليين ؟
ما الكيفية التى تغير دور المراجع الداخلى خلال 12 شهر الماضية ؟
ما الموضوعات التى تعد مختلفة حاليا وخاصة فى مجال المخاطر ؟
ما الكيفية التى غيرت استراتيجية المراجعة الداخلية ؟
ما الدروس المستفادة ومجال التركيز الرئيس للتقدم للامام ؟
واكمالا للاراء المقدمة من المشاركين فى المؤتمر قام معهد المراجعين الداخليين IIA بالحصول على اجابات عن نفس الموضوع وردت بمسح اجرته الشبكة الدولية لمعلومات المراجعة التابعة للمعهد وقد اشترك فى المسح 34 مديرا للمراجعة الداخلية .
وقد اظهر المسح درجة عالية من الارتباط بين اجابات المسح والتخوفات التى ابداها المشاركون فى المؤتمر الا انها تركزت على 4 موضوعات رئيسة هى :
تغير توقعات المستفيدين من المراجعة الداخلية يتطلب اجراء تعديلات باستراتيجيات المراجعة الداخلية .
التركيز بدرجة اوسع واعمق على المخاطر وادارة المخاطر بتفصيل واسع
واتضح ان هناك تحولات كبيرة حدثت بالفعل فيما يتعلق بنطاق المراجعة الداخلية من حيث الاستراتيجية والمخاطر .
قيام مديرى المراجعة الداخلية بمبادرات عديدة تهدف الى زيادة الانتاجية وتقليل التكلفة وتقييم للمخاطر ( ضمن نطاق المراجعة الداخلية ).
هذه الموضوعات ليست مقصورة فى تركيزها على جانب معين بل نجدها متداخلة فى جوانب عديدة ومثال ذلك ادارة المخاطر التى تم التطرق اليها فى كافة جوانب المناقشة .
ان الموضوعات المهمة تمثل اطارا استراتيجيا شاملا ياخذه مديرو المراجعة الداخلية فى الاعتبار عند تناولهم الازمة الاقتصادية الراهنة .
وان احداث تحول فى توقعات اصحاب الاعمال يتطلب من المراجعين الداخليين ان ياخذوا دورا استراتيجيا اكبر وان تاخذ نشاطات ادارة المخاطر الاسبقية على بعض المتطلبات السابقة .
وعلى مراجعة الالتزام بالضوابط الرقابية الاخرى , وقد ذكر المشاركون ان نشاطات المراجعة الخاصة بهم تتحول نحو التركيز على الاستجابة لطلبات اصحاب المصالح ورجال الاعمال فى ان تقدم لهم المراجعة الداخلية المساعدة مع امكانية التاكد من ان الشركات تصدر تقارير دقيقة وصحيحة بشان نشاطاتها والمخاطر التى تواجهها ونتائج عملياتها . ولعلنا فى مقال قادم نتحدث باستفاضة عن جودة التقارير المالية واهمية ان تصدر التقارير المالية بمستوى جودة معين يمكن الاتفاق عليه .
وقد ذكر البعض ان ادارته التنفيذية طالبتهم ان يكونوا اكثر دقة وحسما وان يوضحوا الصورة الكاملة بكل ما يحدث فى شركتهم وتحديد اذا كانت الشركة متفائلة بدرجة اكبر مما ينبغى .
وقد وافق المشاركون على ان طلب مثل هذه المساعدة والتركيز من المراجعة الداخلية يعد امرا ايجابيا بالنسبة للمهنة ومؤشرا هاما على تطور دورها فيما يتعلق بالمخاطر الاستراتيجية بالاعمال التجارية .
وفيما يتعلق بدور لجان المراجعة والتى اصبحت تعتمد حاليا وبدرجة اكبر على المراجعة الداخلية لابقاء اصحاب الاعمال على علم باستراتيجات ادارة المخاطر والتغير بخطة المراجعة فقد ذكر المشاركون انهم يتفقون فى هذا الصدد .
واشار العديد منهم الى ان لجنة المراجعة تطلب تحديد وقت اطول للمراجعة الداخلية باجندة اجتماعاتها ويتطلب ذلك من مديرى المراجعة الداخلية جهدا اكبر فيما يتعلق بالاعداد لاجتماعات اللجنة وجلساتها .
وقد ادرك المجتمعون ان لجان المراجعة من خلال زيادة تركيزها على المخاطر وعمليات ادارة المخاطر يمكنها تقديم خدمات مفيدة من خلال :
تقديم تعليم خاص بادارة المخاطر لاعضاء لجنة المراجعة على نحو يساعد فى التعرف على مصطلحات ادارة المخاطر ومنهجيات تحديد اسبقية المخاطر .
توسيع مناقشات ادارة المخاطر مع مجلس الادارة .
تقييم المخاطر الاستراتيجية على المد يين الطويل الاجل و القصير الاجل .
تضمين قائمة باهم 10 مخاطر تواجه الشركة وبيان الروابط التى تقود خطة المواجهة .
التنسيق مع الجهات الاخرى التى تتولى مهام الرقابة والمخاطر لتحديد المخاطر الاخرى التى من المتوقع ان تنشا او تتطور وتحتاج الى زيادة الاتصالات على النطاق الرسمى وغير الرسمي .
تحديد وتقديم التقارير عن الموضوعات المنتشرة ولها علاقة بالركود الاقتصادى مثل المخاطر المرتبطة بالسيولة وتخفيض عدد الموظفين وعمليات الغش والاحتيال .
ان الفترة القادمة ستواجه المراجعة الداخلية العديد من التحديات التى ستكون بمثابة نقطة تحول – فى اعتقادى على الاقل – مما يستتبع ان يكون هناك اليات واساليب ومفاهيم واجراءات على مهنة المراجعة الداخلية .
وسيؤدى هذا التغير – حتما – الى التركيز والاهتمام بصلب المراجعة الداخلية والالتفات الى دورها الذى اهمل لفترات طويلة خاصة فى عالمنا العربى ... و ان تعزيز دورها المتنامى مع التركيز على المخاطر سيؤدى الى ادراك مالها من أهمية بالغة وخاصة فى أوقات الازمات .
ولذلك فاننى اناشد زملاء المهنة على مستوى عالمنا العربى بالاهتمام بهذا الدور الهام واتخاذ ما يلزم من اساليب وفعاليات لتحقيق هذه الاستراتيجية الجديدة لمهنة المراجعة الداخلية وأهمية الاجزاء المرتبطة بالمخاطر وتقديرها وتقييمها مما يوحى بدور هام ومتعاظم فى هذا الصدد .
فاننى اناشد زملاء المهنة على مستوى عالمنا العربى بالاهتمام بهذا الدور الهام واتخاذ ما يلزم من اساليب وفعاليات لتحقيق هذه الاستراتيجيات الجديدة لمهنة المراجعة الداخلية .
ابق على اطلاع بآخر المستجدات.. تابعنا على تويتر
تابِع
http://www.aleqt.com/2013/02/26/article_734846.html