الجهاز المحاسبي على الشركات المساهمة ضرورة

16/11/2014 6
محمد العنقري

ظهور أخطاء محاسبية، وحتى تلاعبات او خلل بالقوائم المالية للشركات، ليس بالغريب على عالم المال والاعمال، ولا يعني ذلك تبريرها ، لان الاهم هو وجود اجهزة وانظمة تعاقب المتسببين فيها، وتضبط اداء الشركات.

وقبل عامين، وتحديدا بتاريخ 24-10-2012 كتبت مقالا في صحيفة الجزيرة بعنوان (هيئة تفتيش مالي واداري على القطاع الخاص) اقترحت انشاء جهاز مستقل يقوم بمهام رقابية لضبط اداء القطاع الخاص، وكشف الاخطاء واي تلاعبات، حتى يتحقق جزء مهم من حفظ الحقوق للمساهمين، وعدالة وضبط تقييم الاصول للحفاظ على قطاع الاعمال ومكتسبات الاقتصاد عموما.

ومع ظهور اخطاء محاسبية بشركة موبايلي قبل اسبوعين، حسب ما اعلن بنتائج الربع الثالث، بالاضافة لتعرض بعض الشركات المدرجة بالسوق المالي لخسائر كان بعضها مفاجئا للمساهمين فيها، جددت المطالبة بانشاء جهاز محاسبي رقابي يمتلك صلاحيات واسعة، يساند هيئة السوق المالية على ضبط الشركات وكشف واقعها للعلن في حال حدوث اي خلل بقصد او بدون قصد.

وقد ايدني العديد من الاخوة الاقتصاديين ومحللي الاسواق مشكورين على هذا المقترح بعد ان طرحته سواء بمقالاتهم او بتعليقاتهم التي غطوا فيها ما حدث بشركة موبايلي.

وبالعودة للمقترح بانشاء هذا الجهاز، فإنه من المهم القول، بان مثل هذه الاجهزة الرقابية الصارمة موجودة بالعديد من الدول، وتمارس اعمالها بصلاحيات كبيرة تصل الى حد التحقيق وتوقيف المتسببين بالاخطاء او التلاعب او الخلل ومقاضاتهم، مما يظهر ليس قوة هذه الاجهزة، بل اهمية ضبط الاداء المالي المعلوماتي للشركات، لان اي خلل فيه له مخاطر كبيرة اقتصاديا، ويفقد الثقة بالشركة التي يظهر فيها الخلل، بل قد تفقد الثقة بالسوق المالي، وهذا بدوره يتسبب باشكاليات اقتصادية كبيرة، لان الاسواق المالية دورها كبير بالتنمية وتوسيع قطاع الاعمال وتوطين الاستثمارات واستثمار المدخرات وزيادة الدخل والثروات للأفراد، والكثير من الفوائد الاخرى.

فإذا اهتزت الثقة بالسوق بسبب خطا محاسبي في اي شركة، فان تلك الفوائد تتبخر من السوق، وتصبح اعادة الثقة مكلفة، والخسارة الاقتصادية كبيرة، لان قناة تمويلية مهمة باي اقتصاد حر ويتطلع للانفتاح اكثر لزيادة نموه تصاب بمقتل الثقة واعادتها، ولن تستعاد الا بعد جهد وتكاليف كبيرة ماديا ومعنويا.

ان وجود جهاز متخصص مستقل للرقابة والتفتيش المحاسبي والاداري لن يكلف الكثير على الخزينة العامة، لكن ما يتحقق من وجوده كفوائد بالاقتصاد وتحديدا بضبط بيئة الاستثمار، وتنمية المدخرات وزيادة الطاقة الاستيعابية بالاقتصاد عبر تمويل القطاع الخاص فوائده كبيرة جدا ولا يمكن حصرها.

كما يعزز الثقة بالاستثمار في السوق المالي، ويساهم بدور كبير في تعزيز العلاقة بين منشآت القطاع الخاص من مختلف القطاعات، خصوصا الجهات التمويلية، مما يساهم برفع معدلات النمو الاقتصادي، ويعزز من جاذبية الاستثمار للسوق المالي المحلي الذي يمثل واجهة لاقتصاد المملكة الاكبر عربيا، والعضو الوحيد بين الدول العربية في مجموعة العشرين، التي باتت تقود الاقتصاد العالمي منذ نشوب الازمة المالية العالمية قبل ستة اعوام.

نقلا عن الجزيرة