موظف في إحدى الشركات الخاصة لاحظ أن معظم الموظفات اللاتي يعملن في الشركة يأتين للعمل بسيارات فاخرة، ويبدو على معظمهن الثراء، الأمر الذي جعله يستفسر عن سر ذلك: هل واسطة الأثرياء وعلاقاتهم هي التي وظفتهن في الشركة أم أمر غير ذلك؟
يقول بعد أن استفسرت من إدارة الموارد البشرية بطريقة غير مباشرة ''تبين لي أنهن الأجدر في الوظيفة بعد أن تقدمت أعداد كبيرة لهذه الوظائف وتم تقييمهن على أسس علمية ومقابلات شخصية، أي أن ''الجدارة '' كانت المعيار في الاختيار، وأن الإدارة صارمة جدًا في اختيار الأجدر، وعندما تساءلت عن سبب كون معظمهن من حالة اقتصادية ممتازة قيل لي إن معظمهن متخرجات في جامعات خاصة عالية الجودة التعليمية؛ ما يمكنهن من اجتياز الاختبارات والمقابلات، في حين تخفق معظم خريجات الجامعات الحكومية مقارنة بهن''.
بالنسبة لي كمهتم بالشأن الاقتصادي أدركت أن قيم الرأسمالية ومفاهيمها كالجدارة أصبحت أساسية للتوظيف والاستمرارية والترقي في القطاع الخاص، وأن هذه القيم والمفاهيم بدأت تعمل بكفاءة في مجتمعنا ذي الاقتصاد الرعوي الذي تلعب فيه الواسطة والانتماء الاجتماعي الدور الأساسي في التوظيف والاستمرارية والترقي، وأن مفهوم ''الجدارة'' أصبح محفزًا للقائمين على برامج توطين الوظائف من جهة وأولياء الأمور من جهة أخرى لتعليم المواطنين والأبناء، وتأهيلهم بما يرتقي بمستوى جدارتهم لنيل الوظائف المتاحة، وأن الواسطة والعلاقات الاجتماعية بدأت تتراجع في الأهمية بعد أن أصبح القطاع الخاص الذي يعتمد على كفاءة الموظف هو المُوظِف الأكبر.
الموظف الجدير بالوظيفة هو ذلك الموظف الذي يتمتع بمعرفة ومهارات في الجانب الفني للوظيفة، ومنظومة قيمية مفاهيمية محفزة، وسمات شخصية مناسبة لمهام الوظيفة، وبالتالي فالجدارة تشتمل على منظومة قيمية مفاهيمية حيال الوقت والإتقان والانضباط والمصداقية والأمانة والعمل بروح الفريق الواحد والاحترام والتعاون والتكامل والصبر إلى غير ذلك، وبالتالي فإن الجامعات والمعاهد والمدارس والمؤسسات التدريبية ستتجه لتعزيز كل ذلك كي تكون ناجحة ومميزة ويقبل عليها الطلاب والمتدربون ليحققوا شرط الجدارة الذي بات مهمًا في الحصول على الوظيفة والترقي في سلمها والذي سيصبح أكثر أهمية كلما أوغلنا في الخصخصة وزادت المنافسة على الفرص الوظيفية المتاحة.
منظمة التجارة العالمية التي انضمت إليها المملكة ومعظم دول المنطقة تعمل على تحرير التجارة من كل القيود والتأسيس لمفهوم ''المنافسة'' كأساس حاسم لنشوء الأعمال واستمراريتها وتطويرها ونموها محليًا وإقليميًا ودوليًا، بعيدًا عن جميع أشكال الدعم والمساندة والتفضيل، الأمر الذي حدا بجميع الدول التي انضمت إلى هذه المنظمة لإعادة هيكلة اقتصادها ومؤسساتها ومفاهيمها ومراجعة كل برامج تأهيل مواردها البشرية، ثروتها الحقيقية؛ لتتمكن من تحقيق شروط المنافسة في الواقع الاقتصادي العالمي الجديد، وبالتالي فنحن أمام مرحلة انتقالية ترتحل فيها كل قيم الاقتصاد الرأسمالي ومفاهيمه وأدواته لمنطقتنا؛ ما يؤصل لواقع ثقافي واجتماعي جديد، وبالتالي واقع سياسي جديد أيضًا.
الاقتصاد الرعوي الذي عمل به بطريقة أو بأخرى وتحت أسماء مختلفة في دول المنطقة طعن الاستدامة في مقتل؛ ما نتج منه معدلات بطالة وفقر وأمية عالية جدًا وانتشار كبير للأمراض، التي بات معظمها مستوطنًا كأمراض أو أوبئة مستعصية، سواء تلك التي تصيب الإنسان أو الحيوان، خصوصًا في الدول غير النفطية، الأمر الذي أدى إلى انفجار الأوضاع في تلك الدول (تونس، ليبيا، مصر، سورية، واليمن)، وأدى إلى حراك واحتجاجات بمستويات مختلفة في دول أخرى كالجزائر والعراق، وإن تعددت الأسباب والتحليلات؛ ما جعل المنطقة تعيش مرحلة انتقالية خطرة، خصوصًا في ظل توافر وسائل التواصل الاجتماعي الذي مكّنت الأفراد من صناعة المحتوى الإعلامي ونشره أو بثه، ومكّنتهم من التواصل والتفاعل وتبادل الآراء والمعلومات والعمل الجماعي.
الدول النفطية، والخليجية منها على وجه الخصوص، لعب النفط الذي ارتفعت أسعاره دورًا كبيرًا في تجنيب شعوبها الفقر والجهل والمرض، ومكّنها من تطوير بناها التحتية ومؤسساتها الخدمية وتحقيق مستويات رفاهية أكثر من جيدة، خصوصًا في الدول الصغيرة الحجم قليلة السكان، لكن نتيجة لارتحال قيم الرأسمالية ومفاهيمها للشعوب الخليجية أصبحت تلك الشعوب في حالة من القلق على مستقبلها وهي ترى أن الاستدامة الاقتصادية التنموية لم تتحقق وأن واقعها ومستقبلها مرهون بوضع النفط من جهة الاستخدامات والأسعار؛ الأمر الذي ولد حراكًا شعبيًا مطالبًا بمعالجة هذا الوضع المخيف والمقلق بأسرع وقت ممكن.
باختصار، إن انتقال الرأسمالية بمؤسساتها وهياكلها ومنتجاتها وقيمها ومفاهيمها نحو منطقتنا أصبح أمرًا مؤكدًا،وأن معدل هذا الانتقال أصبح أكثر تسارعًا، وأن بقاء الأحوال السياسية والاجتماعية والثقافية كما هي في ظل هذا الانتقال المتسارع أمر لا يمكن التسليم به وإن بذلت جهود معاكسة في أي من هذه المجالات هنا وهناك، وأن الاستدامة الاقتصادية أصبحت مطلبًا شعبيًا في دول المنطقة كافة، وأن تطبيق مفاهيم الرأسمالية الحديثة المتعلقة بالشفافية ومكافحة الفساد بكل صورها وأشكالها أصبحت عنصرًا مهمًا في تحقيق الاستدامة الاقتصادية التنموية، وكل ذلك جعل المواطنين في دول المنطقة قلقين أشد القلق على مستقبلهم ومستقبل أبنائهم وأحفادهم، وبخاصة أنهم يرون معدلات استجابة متباطئة من قبل القيادات للتعامل مع هذا الوقائع الجديدة المتسارعة التي لا يمكن إنكارها أو التغاضي عنها أو المراهنة على الزمن ليحل عقدها ومشاكلها.
ختامًا، أتطلع كما يتطلع كثير من أبناء المنطقة إلى أن تعمل قيادات منطقتنا بكل مستوياتها على التعامل بمزيد من الحكمة والسرعة مع معطيات هذه المرحلة الانتقالية الحساسة التي تمر بها المنطقة، وأن نتكاتف جميعًا لتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة التي ستلعب دورًا كبيرًا في تحقيق متطلبات استقرار المنطقة وتجاوزها للظروف الراهنة والمستقبلية باغتنام فرصها وتجاوز تهديداتها بكفاءة عالية.
ابق على اطلاع بآخر المستجدات.. تابعنا على تويتر
تابِع
ودي أصـــدق أنك أنت صـــدقت ما يقوله المسؤول في الموارد البشرية أن " الجدارة " هي المقياس ، بس إني ما أنا مصدق إنك صدقت !؟!؟ أمــا ترى أنه أسمـــاء معينة تصــل مراتب معينة " وبغض النظــر " ، وهذه في المراتب العليــا ، فقـــس على ذلك في المراكز الدنيـــا ؟!؟!
القطاع الخاص يبحث عن مصلحته, ومصلحته بالكفاءة ولا غيرها. لو عندي شركة (مثلا) لن اوظف صديق لي معه ثانوية براتب جيد واعطيه مسؤولية. لو ابي اتصدق عليه اتصدق مباشرة لكن اعطيه وظيفة ينزل من مستوى شركتي, فلا والف لا.
د. عبدالعزيز الغدير , مرحبا بك في ارقام,, بوابة المعلومات الماليه للرأسماليين وللكادحين معا !!!!!!!!!!!!!!!!!! عن أي رأسماليه تتحدث يا دكتور؟؟؟ ما شاهدت (((قد))) يكون من أقبح ووجوه الرأسماليه,, واقبح الرأسماليه هم من تتضخم رؤوس أموالهم في مجتمعات غير رأسماليه في أساسها((( لا تقول لي انها مجتمعات اسواق حره))) لأن أغلب من صاروا الآن من أصحاب الرؤوس الماليه الكبيره لم يصلوا لها الا من خلال ( اما زيجات, او أمرأته أخت أمرأتي,,او بعير جده او عمه مر به قبل غيره,, او انه لص من لصوص المال العام بلصوصيه متلونه ومتشعبه....) وبما انك خريج جامعه امريكيه فقد رأيت ان كثير من من درس هناك هم من نتاج الشيوعيه(( الطلاب الصينيين,, او بقايا اشتراكيه من امريكا اللاتينيه وغيرهم)) او من بلاد رعويه كمعظم مبتعثي دول الخليج,, لو ان الامر متعلق بمبداء الكفائه لأتفقت معك,, لكن ان تكون نتيجه تسلق ( عدة مذاهب) في كل فتره من مراحل هذا الشخص او ذلك,, سأدعوك لمثال اوضح في ان التميز ليس محصورا في (( عيال الرأسماليين)) او ان الرأسماليه هي الاب الوحيد للنابهين,, فقط لاحظ اسماء المتميزين بجامعة الملك فهد بالظهران وبجامعة الملك سعود وغيرهما, انظر لكيات الهندسه في اغلب الجامعات السعوديه وتأمل في خليفية دكاترها , تجدهم جاؤا من جيزان ومن ابها والباحه والقصيم ( الزلفي) والمجمعه وشقراء والدوادمي. تأمل في أطباء مستشفى التخصصي بالرياض والعسكري والحرس الوطني وجامعة الملك خالد بجامعة الملك سعود, ومستشفى الحبيب بالرياض ودله , والطبيبات كذلك, تجدهم جاؤا من مجتمعات لا تعرف الا الكدح وحب العمل( والستر)..الخ..... يتبع
يتبع.... ما شاهدته او قيل لك عنه من وضع وتميز تلك ( الصبايا) لم يكن للرأسماليه دور حقيقي فيه,, هل أذكرك(( بالطبقات التي كانت ترسل ابنائها للدراسه في بيروت وفي الجامعه الامريكيه بمصر( وليس بأي جامعه بمصر) عندما كانت السعوديه لا يوجد بها الا كلية هندسه واليونيسكو هي من ساهم في انشائها بعليشه,او كليه للتجاره ولم يكن للاقتصاد ( أعتراف به) تقريبا نفس تلك العوائل او من شابههم هم من تجرواء في السنوات القليله الماضيه على ارسال بناتهم الى الدراسه بجامعات خارجيه يوجد بها تخصصات ليست موجوده داخل البلد الرعوي( وهي التخصصات التي ترغب فيها تلك الشركه التي تحدثت عنها) لكن ثق اذا قرر بعض من مسؤولي هذا البلد الرعوي فتح تخصصات جديده ويحتاجها سوق العمل ان من سيبدع فيها هم اولاد وبنات الفلاحين والكادحين, لأن أبناء وبنات الرأسماليين بالسعوديه وقطر والكويت والامارات سيكونون في فترة تدريب لدى ستي بانك واتس اس بي سي وكريديت سويس دوتشه بانط ومريلينش...الخ وليس بسبب نبوغهم لكن بسبب تضخم أرصدة ماماتهم وباباتهم والتي تتهاتف تلك المؤسسات الماليه الرأسماليه الغربيه على استقابها ودارتها لتلك العائل الرأسماليه بنظرك,)) وبنظري ان بعضهم طفيليين فقط,وشكراعلى هذا المقال الذي أعادني لأيام الدراسه وذكريات ((عيال النعمه وعيال القراوى))
تصحيح"""""استقطابها وادارتها لتلك العوائل الرأسماليه بنظرك
شكرا نيوترون ردك غايه في الروعه والتأثير وأن كنت لااتفق مع كل ماجاء فيه . ماراعني في ردك هو تاكيدك أن كل اصحاب رووس الاموال الكبيره هم اما منتفعين او لصوص (بما معناه) وهذا اظن فيه تجني كبير وان كنت لاأنكر أن هناك عدد كبير مما ذكرت أخي الكريم ولكن لايزال لدينا الكثير ممن بنوا انفسهم بدون سرقه ولا انتفاع !! في كل المجتمعات وفي كل الازمان وفي مختلف الظروف هناك من يظهر تاجرا ماهرا دون غش او انتفاع ولكنه لذلك اسباب ومن اهمها توفيق رب العالمين وحسن اختيار التوقيت . قل لي من استفاد مما حصل بطفره الاراضي خلال ال 6 سنوات الماضيه هل هو لص او منتفع !! هناك من ضاعف ماله 5 او 6 مرات ولم يسرق ولم ينتفع فقط وفقه رب العالمين بحسن التوقيت . هذا مالدي والله اعلم
اتفق معك نيوترون وهذا هو الواقع بالفعل
المقال للأسف ركيك ومفكك وتغلب عليه السمه الإنشائية ويخلو من الأرقام والإحصائيات لغة الإقتصادي المحترف والواثق من فكرته !! البداية تطرق الكاتب الى مثال من الواقع نتيجتة تخالف طبيعة وتكوين ودوافع البشر مستنداً على وكالة (يقولون) حينما سأل الموارد البشرية !! الأحرى فى تلك الحالة سؤال من له علاقة عمل مباشرة بهن !! علماً أن نتيجة ذلك مهما كانت لا يمكن أن تكون دليلاً يمكن وصفه تلك الفئه بما ذٌكر ! ،، وصف إقتصادنا بالرعوي و هو(ريعي) وليس رعوي يعتمد موارد محددة على رأسها البترول !!
دكتورنا الفاضل اللي حاصل ان اصحاب الاموال يرسلون ابنائهم في السابق للتعلم خارج البلاد العربيه, وبخاصه لامريكا وبريطانيا, ولا يرسلون بناتهم ,,,في الفتره الاخيره بدؤا في ارسال بناتهم للدراسه بالخارج ( بسبب تقبل المجتمع لذلك)ولانهم يوجهونهن للدراسه في مجالات هم يعرفون قيمتها واهميتها, لذا حصل الذي لاحظته في تلك المؤسسه, بمعنى الميزه الوحيده لديهم هي انهم اسرع فئات المجتمع لمعرفة أي المجالات يحتاجون لها,, ولانهم يعلمونهم( الابناء في السابق وحاليا البنات) لكي يعملوا في مجال عمل أبائهم,, فمؤسسات ابائهم غير مهيئه لعمل بناتهم فيها( بسبب العيب ),ولاحقا سيعملن لدى مؤسسات والديهم ,, الغريب ان كثير من تجار الامارات لم يهتموا بمثل مااهتم به كثير من تجار السعوديه والكويت, وهو تأهيل ابنائهم وبناتهم للعمل في المجالات الاقتصاديه,, هل هو القدم في التجاره,؟؟؟ شخصيا أرجح هذا السبب
أشكر للكاتب مجهوده في كتابة المقال .. و أتمنى أن يتقبل النقد .. فعنوان المقال المدوي كان يوحي بمضمون أكثر عمقًا و خاصة بعد انتشار مظاهر الوجة القبيح من الراسمالية في مجتمعنا .. و تحول كثير من الجهات عن دورها الخدمي الذي يأسس للإنتماء و التكامل إلى دور الإستغلال و الجباية الذي يتنافى مع أصول الشريعة الإسلامية التي في بعض الأحيان تكون عنوان زائف لهذا الاستغلال.
هلا بالدكتور , كيفك ؟؟ وكيف الوالد ؟؟ ,, ينقسم طلاب الراسمالية إلى ثلاثة أقسام : 1- قسم يريدها بكل مافيها ( يعني نسخة طبق الأصل ) ,, وهؤلاء هم المتأمركون والمتأثرون بالغرب إلى حد الإنبهار ,, 2- وقسم يريدها بعد تنقيحها وإخراج مايتعارض مع تعاليم ديننا ,, وهؤلاء هم عامة الشعب والغالبية العظمى منه ,, 3- وقسم يريدها بعد تنقيحها وإخراج مايتعارض مع مصالحه الخاصة,, وهؤلاء هم ساسة القوم ومتنفذوهم ( بالعربي أصحاب القرار ) ,, عموما ,, اسعدتني رؤية اسمك فالعائلة عزيزة على قلبي ,, ..
2- وقسم يريدها بعد تنقيحها وإخراج مايتعارض مع تعاليم ديننا ,, وهؤلاء هم عامة الشعب والغالبية العظمى منه ,, *********** أكثر المشاكل تأتي من هذا النوع لأنه من الصعب أن تأخذ شغل غيرك وتقعد ترقع فيه، فتصبح مثل الغراب الذي يحاول تقليد مشية الحمامة، فضيع مشيته ولم يضبط مشية الحمامة.
اقتصاد السوق الحر يساعد على التنافس الشريف لمصلحة المستهلك أولا، وتبقى الشركات والمؤسسات الأجود، وهو مطلب لبلاد العالم أجمع. أما الرأسمالية فالحديث تجاهها ذو شجون، بالذات مع ادخال "مُشوِّهات" السياسة والمعونات في المعادلة.
مقال ممتاز