تواجه تحقيق السوق العربية المشتركة عوائق رئيسية من أهمها صعوبة انتقال العمالة ورؤوس الأموال والإرادة السياسية إضافة إلى أزمتي الغذاء والبطالة وتأتي القمة العربية الاقتصادية الثالثة التي تستضيفها المملكة بالسعي نحو تحقيق السوق العربية المشتركة استناداً إلى برامج عملية وواقعية ووضع خارطة طريق للوصول إلى الاتحاد الجمركي بحلول 2015 والسوق العربية المشتركة بحلول 2020.
والأمل معقود أن تخرج القمة بتوصيات وقرارات تدعم دور القطاع الخاص العربي في قضايا التنمية الاقتصادية الاجتماعية وأن تخطو الدول العربية خطوات جادة لتنمية العلاقات التجارية والاقتصادية العربية من خلال منح المزيد من التسهيلات الاستثمارية والتجارية وتسهيل الإجراءات الجمركية بين هذه الدول خاصة أن معدلات التجارة والاستثمار لا ترتقي للمستوى المنشود بالرغم لوجود الكثير من الفرص الاستثمارية التي تحفل في كثير من الدول العربية في عدد من القطاعات الاقتصادية سواء الطاقة والنفط والزراعة والسياحة والعقار ومشاريع السكك الحديد والنقل العام والتأمين وغيرها من القطاعات التي يمكن عبرها خلق علاقات إستراتيجية بين المستثمرين العرب في حال رغبة حكومات الدول العربية لدعم مثل هذه المشاريع وتقديم تسهيلات مشجعة للمستثمرين العرب ولا بد من الاشارة بوجود استثمارات عربية ضخمة في كثير من دول العالم يمكن استغلالها بشكل أفضل في حال تم الاهتمام ودراسة تلك الاستثمارات في الدول العربية في مختلف المجالات التنموية الاقتصادية.
لعب منتدى القطاع الخاص العربي الذي عقد في الرياض مؤخرا في إعادة تشكيل بعض الرؤى والمقترحات التي تشكل في المضمون الأساسي تطلعات مجتمع الأعمال العربي إلى التكامل الاقتصادي العربي في ضوء التجربة والاحتياجات الواقعية ورؤية مشتركة للقطاع الخاص في الدول العربية لتعزيز دوره في العمل الاقتصادي والتنموي المشترك والعقبات التي تعيق التحقيق الكامل لمنطقة التجارة الحرة العربية الكبرى وتوفير البيئة الاستثمارية المناسبة لتطوير الاستثمار في الدول العربية.
لا شك أن القمة العربية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية تعقد في ظل ظروف سياسية راهنة صعبة تعيشها كثير من الدول العربية إضافة إلى المشاكل والتحديات الاقتصادية الكبيرة التي تعيق تقدم هذه الدول والتأكيد على أن حركة الاستثمار بين الدول العربية ما زالت ضعيفة ودون المستوى المأمول فقد تجاوز حجم الاستثمارات العربية خارج الوطن العربي التريليون دولار في حين لم تتجاوز قيمة الاستثمارات داخل الدول العربية 100 مليار دولار ومعظمها ينصب في مشاريع عمرانية وعقارية وسياحية والاتصالات. مما يحتم علينا في ظل الظروف الراهنة عدم رفع السقف المطلوب من القمة وإن كنا نسعى إلى تحقيق الاتحاد الجمركي والسوق العربية المشتركة بعد القضاء على الكثير من السلبيات التي تعترض التعاون العربي منذ سنوات لكن يبقى تركيز القمة على بعض الملفات الاقتصادية المحددة المهمة يعزز من فرص نجاحها وفي صدارتها دعم الاستثمارات العربية المشتركة والسكك الحديدية والكهرباء والاتصالات والغاز والأمن الغذائي وولادة الاتحاد الجمركي الذي يواجه معوقات عديدة.
كما تتطلع القمة إلى تحقيق التكامل الاقتصادي وبدء العمل العربي المشترك بالرغم من التحديات المتقاربة التي تواجه الدول العربية خاصة فيما يتعلق بأزمتي البطالة والإسكان وتشابه القاعدة الإنتاجية واللجوء إلى التصدير دون الاهتمام بالصناعة لتعزيز القيمة المضافة الأمر الذي يحد من إمكانية التوسع في المشاريع المشتركة ويقلل من الازدواجية والتنافس وتعارض المصالح لذلك لابد من انتهاج السياسات الاقتصادية الراشدة والواعية وإخلاص النوايا وإعادة النظر في الارتباطات الخارجية للكثير من الدول العربية مع التكتلات الخارجية التي قد تتعارض مصالحها مع الأمة العربية مع العلم أنه في ظل وجود الكثير من الأراضي الصالحة للزراعة يمكن البدء بمشروعات مشتركة لمواجهة أزمة الغذاء في الدول العربية التي تستورد 90 % من غذائها خاصة من الحبوب الاستراتيجية مثل القمح والأرز والذرة. وفي مراجعة سريعة للتعاون العربي الاقتصادي على مدى الستين عاما الماضية تؤكد أن المشكلة تكمن في ربط الاقتصاد بالمنعطفات السياسية التي تمر بها الأمة ومن هنا تظهر الإرادة السياسية كأساس أية انطلاقة اقتصادية في المرحلة المقبلة. مع الاهتمام الشديد على ضرورة إجراء إصلاحات إدارية واقتصادية تعزز انسيابية البضائع وانتقال العمالة وإزالة المعوقات الجمركية المتعلقة وتعزيز تدفق الاستثمارات العربية.
لا شك أن هناك أسبابا عديدة ساهمت في عرقلة جهود التعاون الاقتصادي العربي المشترك وتشجيع الاستثمارات العربية المشتركة ونظراً لإدراك قيادة المملكة بالظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها الوطن العربي وإحساسها بمسؤوليتها العظيمة فقد دعا خادم الحرمين الشريفين قادة الأمة العربية لحضور هذا المؤتمر الاقتصادي. ومن أهمها عدم توفر إرادة سياسية عربية مشتركة من الدول العربية بتحقيق اتفاقيات استثمارية مشتركة وتعاون اقتصادي في كافة المجالات وضعف البنية التحتية لكثير من الدول العربية وأهمها الكهرباء والنقل والاتصالات وضعف القاعدة الصناعية لكثير من الدول العربية وغالبيتها تعتمد على المواد الخام الأولية مثل النفط والمنتجات الزراعية وعدم وجود صناعات للسلع الرأسمالية مثل الأجهزة الإلكترونية والكهربائية والسيارات وغيرها من الصناعات الرأسمالية وبالتالي تعتمد على وارداتها من الدول المتقدمة صناعياً وعدم وجود أسس وتشريعات قانونية واضحة والاعتماد الشديد لبعض الدول على الرسوم الجمركية كمورد رئيسي ووجود رقابة نقدية في بعض الدول العربية وصعوبة تحويل العملات مقابل العملات الصعبة والأداء البيروقراطي وطول الإجراءات في بعض الدول التي قد تستغرق شهورا طويلة جعلها بيئة غير جاذبة للاستثمار حال دون استثمار الشركات العربية الخاصة في تلك الدول وعدم توفر قاعدة معلوماتية عربية حديثة تؤمن المعلومات الضرورية واللازمة عن المتغيرات الاقتصادية والإدارية والسياسية والفنية والسوقية التي تساهم في بناء استراتيجية اقتصادية وتسويقية سليمة جاذبة للاستثمارات وعدم وجود مؤسسات مالية عربية مشتركة لديها القدرة على الاستفادة من الإمكانيات المالية العربية المتاحة والمزايا النسبية وتوظيفها لصالح الاقتصاد العربي. كما يعاني الوطن العربي من صعوبات هيكلية تحد من التعاون الفعال بين دوله المختلفة على الرغم من الآمال والطموحات التي ترسم لذلك ومن تلك المعوقات وجود تفاوت ملموس في المستويات المعيشية وخشية بعض الدول فتح أسواقها بصورة كاملة أمام عمالة الدول الفقيرة ما يؤدي إلى مصاعب اقتصادية أكبر إضافة إلى عدم وجود تخصص و تباين كبير في الإنتاج ما يحد من فرص التكامل ويعزز من المنافسة القوية.
ولعلاج كثير من سلبيات وضعف الاستثمارات العربية المشتركة ومعوقات التبادل التجاري وزيادة الاستثمارات بين الدول العربية هناك العديد من الإصلاحات والإجراءات لا بد من اتخاذها نذكر بعضا منها إزالة كل القيود وإزالة كل المعوقات الجمركية وغير الجمركية من أمام حركة العمال العرب وحركة السلع والاستثمارات وتسهيل انتقال رجال الأعمال العرب دون الحصول على تأشيرة دخول من الدول العربية الصديقة وعدم اللجوء إلى التدابير غير الجمركية لأغراض الحماية الاقتصادية وحث تلك الدول على إلغاء الحواجز غير الجمركية واتخاذ تدابير لتسهيل تأشيرات رجال الأعمال وضرورة الانتقال من مرحلة التكامل الشكلي بين الدول العربية إلى مرحلة التكامل الشامل ويتم تحقيق ذلك بضرورة تطوير منظومة النقل العربية التي تعد معوقا رئيسيا من معوقات التعاون العربي و تحرير الخدمات بين الدول العربية. وفتح مناطق التجارة الحرة بين الدول العربية التي تعد خطوة أساسية لدعم وتعزيز القدرة التنافسية للدول الأعضاء وربط سياساتها الضريبية بمجالات الاستثمار والتشجيع على قيام المؤسسات المالية غير المصرفية لخدمة أغراض الاستثمار والتنمية والتي تهدف إلى دفع عجلة التنمية الاقتصادية وتسريع النمو الاقتصادي للدول الأعضاء فيها عن طريق حرية انتقال السلع والخدمات بلا قيود أو أعباء مالية واستخدام واستغلال الموارد الاقتصادية المتاحة بطرق فاعلة وشروط ميسرة. كما تهدف إلى دعم الاستثمار الأجنبي وخلق فرص عمل جديدة وتمكين الدول الأعضاء فيها من تحقيق منافع اقتصادية عديدة من خلال تعاملاتها مع المتغيرات والتكتلات الاقتصادية الإقليمية والدولية. و مشاركة الهيئات المالية العربية في اجتماع القمة التي سيعطي لها فعالية أكبر في تعزيز التبادل التجاري وتنمية الاستثمارات وتطوير أسواق المال العربية مثل الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي ومقره الكويت وصندوق النقد العربي ومقره الرئيسي في أبو ظبي والمصرف العربي للتنمية الاقتصادية في أفريقيا.
من المتوقع أن يضع القادة العرب في هذه الفترة الحساسة رؤية استراتيجية واضحة لحل الكثير من المشاكل والعقبات الاقتصادية التي تواجه الدول العربية والدفع بعملية التكامل الاقتصادي العربي المشترك خطوات حثيثة وهامة نحو الأمام والاهتمام في إنشاء بورصة عربية مشتركة لجذب الاستثمارات الإقليمية والدولية كشركة خاصة مفتوحة للمساهمة من الأفراد العرب لتكون حاضنة رائدة في جذب الاستثمارات الإقليمية والدولية وترمي إلى الاستثمار وتوفير التمويل السريع لمشاريع التكامل الاقتصادي العربي والمشاريع النوعية والصغيرة والمتوسطة وسيتاح التداول والمتاجرة في الاستثمارات المدرجة في سوق البورصة من خلال الوسطاء المحليين أو الدوليين الأعضاء في السوق.
يعاني القطاع الخاص العربى من تداعيات الازمة الاقتصادية العالمية ما يحتم ضرورة تحقيق تكامل اقتصادى عربى خلال المرحلة القادمة وتوفير المظلة الاقتصادية والسياسية الضرورية لتعزيز دور القطاع الخاص في مشروعات التنمية الاقتصادية والتكامل الاقتصادي العربي والمشاريع الاستثمارية العربية المشتركة وخلق فرص عمل جديدة ويمكن تحقيق ذلك بسياسة الخصخصة و ضرورة أن يكون القطاع الخاص المصدر الرئيسي للنمو الاقتصادي والشريك الأساسي للحكومات العربية في صياغة السياسات التنموية الاقتصادية وضرورة تعديل الاتفاقية الموحدة لاستثمار رؤوس الأموال العربية في الدول العربية.
ابق على اطلاع بآخر المستجدات.. تابعنا على تويتر
تابِع
يأتي اجتماع القمة الاقتصادية العربية الثالثة في ظروف راهنة عصيبة يعيشها العرب والمسلمون وهم في امس الحاجة الى قمة عربية واجتماع عربي يعقبه اتحاد عربي اقتصادي مشترك يضاهي التكتلات الاقتصادية العالمية مثل الاتحاد الاوربي ومنظمة التجارة العالمية وغيرها . ومن شأن تلك القمة العربية الهامة ان تحرك اقتصاد العرب الى الامام ونحو التقدم والافضل للشعوب والحكومات العربية والاسلامية التي تتطلع الى مستقبل مشرق بالعطاء والتقدم والتغغيرات الجذرية التي من شأنها ان تحول تلك المجتمعات الى مجتمعات متقدمة .