القيود الحقيقية على منتج العملة

14/01/2013 1
سعيد بن زقر

الدولة التي تنتج عملتها لديها القدرة على إنتاج أي كمية من عملتها التي تريد وترغب ولكن المهم فهم ماهي القيود التي يجب الالتزام بها. الدولة التي تنتج عملتها لديها ملاءمة مالية أي (القدرة على إيفاء جميع الديون). القيد عليها هو التضخم. التضخم ظاهرة اقتصادية تتزايد حين يتجاوز صرف الدولة على الطاقة الانتاجية. وهذا بدوره يؤدي إلى انخفاض مستوى معيشة الفرد. ولابد من التفريق بين أثر التضخم وانخفاض القوة الشرائية للعملة الوطنية. إذ منذ تاريخ تأسيس البنك الفيدرالي الأمريكي في عام 1913م انخفضت القوة الشرائية للدولار الأمريكي بنسبة 90% مع ذلك ارتفع مستوى المعيشة للمواطن الأمريكي ارتفاعا حاداً والسبب هو عامل الزمن.

ولآدم سميث مقولة : (( التكلفة الحقيقية لكل شيء، تكلفة كل شيء للمرء يريد أن يقتنيه، هي الجهد الذي هو جاهز على صرفه)).

البشر يمكن أن يستهلكوا كل ما يسمح  به وقتهم. لكن البشر مقيدون بالوقت. رجال الأعمال يقدمون للشعوب الفرص للتمتع بترف الزمن وإعطائهم المزيد منه.

اليوم يمكن لشخص في منزله في المساء أن يطلب وجبة عشاء من مطعم، ثم يضع الغسيل في الغسالة، الاستحمام، ثم إنجاز عمل على الحاسوب لمدة ساعة، وبعد ساعة، يكون أكله وغسيله جاهزين وقد أنجز عمل ساعة. هذا كان يكاد يكون مستحيلا من خمسين أو مئة عام مضت. إن ما قدمه رجال الأعمال من ابتكارات وإنجازات وتقدم وتطوير الجودة في كل شيء من أجل مصالحهم الشخصية وربحهم منحوا به مجتمعاتهم هذه الفرص. فرص الترف والاستمتاع بالزمن!

قرأت أو سمعت عن تقرير يقدر عدد الساعات الإنتاجية في القطاع الحكومي في السعودية وقد يفاجئ المرء بدرجة انخفاضها. لا أدرى صحة هذه المعلومة الإحصائية من عدمه، لكن إن كانت صحيحة فإن الموظف الحكومي الصرف عليه أو (تكاليف توظيفه) تزيد عن إنتاجيته، إذا وجد ذلك فإنه من أهم أسباب التضخم في الاقتصاد! لأن القطاع الحكومي أكبر قطاع في الاقتصاد السعودي.

مهم عدم تجاوز ذلك أو نسيانه حتى لو لم تواجه الدولة قيد عدم الإيفاء بسداد ديونها(التي هي بعملتها) ، هذا لا يعني أن صرفها غير مقيد، بالعكس يوجد قيد، وهو التضخم الناتج عن تجاوز مصروفات الدولة القوة الانتاجية للاقتصاد.

وحين ترتفع الأسعار والرواتب في بيئة عمل مليئة بالبطالة نجد قدرة العمال على المساومة مرتفعة جدا. وتعتبر قدرة  العمال على المساومة مرتفعة حين ترتفع الأجور بشكل أسرع من إجمالي القوة الانتاجية. وهذا يؤدي إلى زيادة الأسعار مع زيادة الأجور مما يضع الاقتصاد في وضع تضخمي من دون أي زيادة حقيقية في القوة الشرائية للعملة الوطنية.

وصف قوة العمالة على المساومة بأنها مرتفعة لا يعني بالضرورة أنك ضد مصلحة العمال. ولكن القدرة المرتفعة جدا للعمال على المساومة  لا تؤدي إلى زيادة في القوة الشرائية، كل ما في الأمر تزيد عدد الريالات في الراتب الشهري الذي ينعكس على زيادة في الأسعار.

الجهات الرقابية عليها التركيز على زيادة الإنتاجية في الاقتصاد ككل عوضا عن نظرة قصيرة المدى تؤدي إلى تقليص الإنتاجية وزيادة الرواتب والتكاليف، مما سيؤدي حتما إلى تضخم وبطالة أعلى في الأيام التالية !