إن تحليل اقتصاديات النفط لا جدوى منها بدون ذكر الأرقام حتى لا يتحول الحديث إلى مجرد (ثرثرة)، فالشك لا يبطله إلا اليقين أو على الأقل التوقعات المبنية على سيناريوهات عن ما سيؤول إليه المستقبل. إن المختصين يستخدمون التحليل الكمي من أجل اختبار الفرضيات لإثباتها من عدمه في إطار منهجي وإحصائي متفق عليه من جميع الباحثين على سبيل المثال تحليل معامل الانحدار (RA) لمعرفة الترابط العام بين إنتاج النفط والمتغيرات المستقبلية التي تؤثر فيه والعلاقة الجزئية بين كل متغير مستقل وغير مستقل من أجل معرفة نسبة ذلك التغير بينهما لكي تتخذ الشركات القرارات التي تراها مناسبة لها.
إن من يستطيع الإجابة عن سؤال المقال يمكنه أيضاً الإجابة عن السؤال التالي: هل نبيع أكبر كمية من نفطنا الآن أو يبقى تحت الأرض للأجيال القادمة؟ هذان السؤالان مترابطان وإجابتهما تأخذ نفس الاتجاه فلا يمكن زيادة إنتاج النفط الخفيف دون زيادة إجمالي الإنتاج في المملكة ذات الطاقة الإنتاجية الكبرى. فإن النفط الحلو يحتوي على نسبة من الكبريت لأقل من 0.5% والحامض أعلى من ذلك، بينما العربي الخفيف جداً ( API 39.4) نسبة كبريته 1.09% وعند متوسط (API 30.6 ) نسبة الكبريت تكون 2.47%. لذا تقوم أرامكو أحياناً بخلط الزيت الخفيف بالثقيل (Blend) لتصبح الكثافه 44 API أو أقل من أجل ملاءمته لبعض المصافي العالمية ورفع قيمته السوقية وتحقيق إيرادات أعلى.
إن الترويج لتقليص إنتاج نفطنا لأنه سينضب قبل أن يفقد قيمته الاقتصادية لا صحة له وإنما العكس هو الصحيح، وإلا لشاهدنا أسعار النفط تقفز عاماً بعد عام بقيمها الحقيقية التي تمثل 35% تقريباً من قيمتها الحالية على أساس أسعار 1980. فإن تجاهل جميع أرقام الاحتياطيات المثبتة التي ارتفعت بمقدار 31 مليار برميل إلى 1.653 تريليون برميل في 2011 (بريتش بتروليم) والتي يوجد 72% منها في دول الأوبك بما يعادل 1.2 تريلون برميل، بعد أن ارتفعت 345.8 مليار برميل خلال الفترة ما بين 2002 و 2011 (OPEC). ومازال احتياطي السعودية المثبت يصل إلى 265 مليار برميل ولن يموت حتى يبلغ عمره R/P)) 75 سنة تقريباً عند إنتاج 9.7 ملايين برميل يومياً وتحت فرضية لا زيادة في ذلك الاحتياطي.
إن بيع النفط الخفيف أولا سياسة ناجحة؛ وهذا ما تعمله أرامكو حالياً، حيث إن 65-70% من إنتاجه من النفط خفيف الكثافة و 25% من متوسط الكثافة والمتبقى من الثقيل. وفي 2009 رفعت حصة النفط الخفيف إلى 83% ( النفط والغاز جيرنال)، ما يمكنها من بيع نفطها بعلاوة أكبر. فنجد أرامكو تسعّر نفطها الخفيف جداً إلى المشترين في آسيا بعلاوة تزيد على 4 دولارات من متوسط سعر دبي وعمان وبخصم أقل من دولار لنفط الثقيل، طبعاً هذه الأسعار تتغير من شهر إلى شهر. إنه فارق كبير في الأسعار بين النفط الخفيف والثقيل ما يجعلها تحقق أرباحاً أكبر من لو كان العكس.
إن الأهم تعظيم ايرادات النفط في اقرب مدة ممكنة واستثمارها في مشاريع أخرى تحقق ايرادات بديلة لنفط في المستقبل القريب بدلاً من التعويل على ايرادات النفط في المدى الطويل وإيجاد طرق اخرى تساعد الدولة في بناء مشاريع البنية التحتية في ظل النمو السكاني الكبير. فإن تعظيم الايرادات الاقتصادية للنفط خلال العقدين القادمين أهم بكثير من نضوبه مع ارتفاع معدل تكاليف الانتاج وشح الأموال الاستثمارية في صيانة الآبار والمحافظة على مستوى الإنتاج عند مستوى جيد من الايرادات. إن عدم اليقين عن مستقبل النفط يدعم تعظيم إنتاجنا عند أسعار متوسطة كما هو الآن، ما يمكننا من بيع أكبر كمية ممكنة.
لم تصل الفكرة يا دكتور ،.......... لماذا الزيت الخفيف؟ ولماذا الانتاج بمستوى اعلى بكثير من الاحتياج الفعلي وعدم إبقاءه في باطن الارض للأجيال القادمة؟ شح البضاعة يرفع السعر وأجلا او عاجلا سينتج النفط ذو التكلفة العالية في الانتاج في اماكن عدة حول العالم فالزيت سلعة لايمكن الاستغناء عنها.
وجهة نظر بدوية: التقنية تتطور مع الزمن فتصبح معالجة الثقيل أكبر جدوى، فمع الزمن (بسبب تطور التقنية) يقترب هامش الثقيل من هامش الخفيف، وبالتالي يفقد الخفيف ميزته. فيبدو لي بيع الخفيف بسعر أعلى أفضل من تخزينه.
د.فهد بن جمعة,,,, حصة النفط الثقيل و الحامض ستزداد خاصة بعد دخول حقل منيفة حيز الإنتاج. و أرامكو تعمد على خلط النفط الخفيف مع الثقيل لأن اغلبها إنتاجها من النفط الثقيل و تحتاج إلى تحسين نوعيته لتتمكن من بيعه في الأسواق. و أما بيعها للنفط الخفيف لأسيا فبسبب طبيعة عمل المصافي اليابانية التي تفضل النفط الخفيف و لكن العملاء الأمريكيين مثلاً يشترون النفط المتوسط و الثقيل لرخصهما النسبي و بسبب تصميم مصافيهم للتعامل مع هذه النوعية من النفط.