هل بنوكنا احتكارية؟

16/12/2012 9
د.فهد بن جمعة

يوجد لدينا عدد قليل من البنوك السعودية (12 بنكا) تتقاسم السوق المصرفي بكل حماية حتى نستطيع ان نطلق على سلوكها ما يسمى (باحتكار القلة-Oligopoly)، بينما البنوك الاجنبية ( 11 بنكا) مقيدة لا تستطيع المنافسة، مما حد من منافسة البنوك ومن جودة خدماتها مع ارتفاع تكاليفها على المواطن والتشدد في شروطها التمويلية للمنشآت الصغيره والمتوسطة وتقديم قروضا استهلاكية بأسعار فائدة مرتفعه تحت شعار ارتفاع معدل المخاطرة. هكذا توضع الحواجز ( Barriers to entry ) لمنع دخول البنوك المنافسه الى سوقنا لكي تسيطر البنوك الكبيره على الصغيره وتستحوذ على اكبر حجم من الودائع المجانية والقروض الآمنة لتعيش في بحبوحة الارباح الهائلة على حساب اقتصادنا. هنا سيتم حساب نسبة التركز (الاحتكار) في البنوك السعوديه جميعا في السوق ثم تقسيمها الى مجموعتين  لتحديد أثره على الاقتصاد والمجتمع.

للإجابة على سؤال المقال سوف استخدم مؤشرIndex )   Herfindahl) لقياس نسبة التركز بنوكنا والذي يأخذ في الاعتبار توزيع الحصص النسبية للشركات في السوق، فعندما يقترب المؤشر من (الصفر) تكون الشركات تنافسيه لكثرة عددها وتساوي احجامها نسبيا، وكلما اقترب المؤشر من (واحد) كلما انخفض عدد الشركات في السوق وتفاوتت احجامها حتى يصل المؤشر إلى الحد الاعلى (واحد) وذلك بسيطرة شركة واحدة على السوق (قمة الاحتكار). لذا يعتبر تركز الشركات في السوق عنصرا هام في تحديد هيكل السوق وعاملا حاسما في المنافسة، بناء على ذلك المؤشر الذي أحياناً يكون غير مفهوما من حيث استعماله، وقياسه، أو تفسيره في تحليل عمليات التوسع والاندماج.

من أهم الملاحظات ان احجام بنوكنا المحليه متباينة في أحجامها كما تعكسه عدد فروعها المنتشرة على مسافات مكانيه، فنجد فروع الراجحي والأهلي والرياض والعربي عددها 455، 295، 248، 142 فرعا على التوالي،بينما فروع البنوك الاخرى اقل من 83 فرعا ولا يوجد فروع للبنوك الاجنبيه. هنا يتضح لنا التفاوت في احجام البنوك وبالتأكيد ستكون حصصها السوقيه متفاوتة أيضا، مما يشير الى احتمالية وجود نسبة من التركز بينها نظريا ولكن علينا اثباته تطبيقيا.  فقد قمت بحساب نسب الحصة السوقيه للودائع والقروض من أجمالي السوق في 2011،لكل من المجموعة الاولى ( الأهلي الرياض، الفرنسي، الراجحي، ساب، الفرنسي، سامبا) لأجدها من 8% الى 21%، والمجموعة الثانية (البلاد، الانماء، ألاستثمار، الهولندي، الجزيرة) التي نسبتها فقط  2% الى 4%. ولكي أتأكد من نسبه التركز في بنوكنا تم تطبيق مؤشر التركز (HI) لأجد ان نسبة تركز الودائع 12%، بينما نسبة تركزها في القروض 13%. وهذا يفسر لنا نسبة التركز بأنها متوسطة في الودائع والقروض، ما يعني اننا لا نستطيع رفض فرضية احتكار القلة في سوقنا المصرفي.

ولكي نحدد موطأ تركز الودائع  في كلا المجموعتين تم حسابه للمجموعة الاولى ليكون 12%، بينما في المجموعة الثانيه فقط 1%، ما يعني ان التركز بأكمله يوجد في المجموعة الأولى بخلاف المجموعة الثانيه. وهذا يؤكد لنا سيطرة القلة على السوق، مما يحد من القدرة التنافسية للبنوك الجديدة والصغيرة ويضعف ادائها. فعلينا ان لا نتجاهل تحليل تركز السوق لأهميته بشكل خاص في القطاع المصرفي لأنه يترجم إلى تكلفة أعلى للوساطة المالية وانخفاض في حجم الادخار والاستثمار، مما يقلل من النمو الاقتصادي ويضعف المسؤولية الاجتماعية. وعلى الرغم من ذلك قد يكون مستوى من التركز مقبولا لأنه يفترض ارتفاع الارباح يقلل المخاطرة ويعزز الاستقرار في النظام المصرفي وهذا ما تتبناه تقريبا السياسة المصرفيه السعوديه.

أعرف ان هذا التحليل يثير محفظة المتحدثين باسم البنوك لكن الارقام تعكس سلوك بنوكنا. وأوصي جامعاتنا بتطبيق مؤشر (The Lerner index) الذي يمثل(الفرق بين سعر البنك وهامش التكلفه/السعر)ومشابه لمؤشر(HI ) حتى نتمكن من تطبيق قوانين الاحتكار في القطاع المصرفي عند نسبة لا تزيد عن 8%.