المقال أدناه كتبته العام الماضي في مثل هذا الوقت تقريبا. ولا أجد فيه تغيير – يستحق الذكر – عند قراءة سنة 2013، لذا فإنني أعيد نشره دون تغيير. متمنيا أن تأتي سنة 2013 بأفضل مما حوى المقال. ويبدو أيضا أن المقال قرأ سنة 2012 بشكل جيد، لكنني أترك الحكم للقارئ، فإلى المقال:
يبدو أن قراءة سنة 2012 يلفها الغموض بدرجة أعلى من 2011، فلم يكن أكثر المتشائمين يتوقع أن تمر منطقة الشرق الأوسط حينها بانتشار الربيع العربي بالسرعة التي أحدثت هذه التغيرات الجسيمة. ولم تكن أوروبا تتوقع خروج أزمتها المالية من يدها لتستجدي الولايات المتحدة وصندوق النقد الدولي ودول العشرين. ولم تكن الولايات المتحدة تتوقع أن ينخفض تصنيفها الائتماني، ويتزايد الخلاف السياسي على ما هو معتاد مثل سقف الدين العام. وفي ظل هذه الأحداث التي التفت بأكبر اقتصادين عالميين، كان من المتوقع والمنطق أن تتراجع أسعار السلع والمعادن، إلا أن العكس حدث، فارتفعت الأسعار وتزايدت معدلات التضخم ومعها زادت معدلات البطالة. والتفسير لها هو عودة الحكومات للإنفاق بسخاء كبير، وخفض أسعار الفائدة، وضخ المليارات من السيولة في جسد الاقتصاد العالمي. وواصلت دول شرق آسيا ودول الخليج في النمو القوي، وشكلت كتلة طلب عالمية أنقذت الاقتصاد العالمي ككل من الانهيار.
وبعد أيام قلائل نستعد لدخول 2012 في ظروف مختلفة تماما، فالتيارات الإسلامية تصل سدة الحكم في الدول التي أطيح برؤسائها السابقين، والولايات المتحدة تنسحب من العراق وتفقد مصداقيتها في باكستان وتتراجع في أفغانستان. وأوروبا تعمل على إعادة صياغة اتفاقية الوحدة الأوروبية دون بريطانيا، وإيران تفقد دورها المؤثر في سورية ولبنان، والعراق يبدأ مرحلة فراغ بدأت إرهاصاته في التوقع ببدء حرب أهلية قد ينجم عنها استمرار القلاقل في المنطقة وجعلها أكثر تعقيدا، خصوصا أن إيران قد تجدها فرصة لمواصلة تدخلها السافر في دول الجوار.
وفي ضوء السيناريوهات السابقة، فإن هناك صعوبة في قراءة المشهد الاقتصادي لسنة 2012 لدول المنطقة والاقتصاد العالمي. كما يصعب معه قراءة المشهد السياسي الذي قد يزيد من التعقيدات في قراءة مستقبل الأسواق والأسعار. ورغم ذلك، فمن المحتمل أن تظل أسعار النفط مرتفعة، خصوصا مع استمرار القلاقل في منطقة الخليج العربي وفي منطقة الشرق الأوسط. ومن المتوقع أن يتراجع النمو في الصين والهند من جراء إعادة هيكلة القارة الأوروبية سياسيا واقتصاديا، واستمرار أمريكا في مواجهة أوضاعها الداخلية التي قد لا تشهد التحسن المأمول، فقد لا تنمو الولايات المتحدة بأكثر مما نمت في 2011، عطفا على استمرار الخلاف حول الإنفاق الحكومي، وما تتطلبه المرحلة المقبلة من عودة التدخل بصورة أقوى في المنطقة، خصوصا عند استمرار التهديد الإيراني في زعزعة المنطقة، مما يشكل أعباء مالية تحاول أمريكا تفاديها الآن بالانسحاب من العراق.
ويبدو أن السعودية ستستمر في الإنفاق القوي على التعليم والصحة والبنية التحتية والتوظيف والإسكان والأمن، وهو ما يدعم استمرار النمو القوي في 2012، الذي نتوقع أن ينمو بأفضل من 2011، ناهيك عن أن موازنة 2012 قد تشهد فائضا عطفا على توقعنا باستمرار أسعار النفط في تماسكها مع تحفظ الحكومة في تبني أسعار نفط وإنتاج منخفضة في إعداد موازنتها، وخصوصا في جانب الإنفاق. وستظل الحكومة السعودية المحرك الفعلي للاقتصاد المحلي، مع مشاركة أفضل للقطاع الخاص الذي سيشهد نموا أحسن من 2011 في ظل الإنفاق الحكومي، واستمرار تدفق الصادرات السعودية إلى الأسواق العالمية، بأسعار وإنتاج قد تكون أفضل من 2011. لذا فإنه، رغم الصعوبات السياسية التي قد تلف المنطقة، إلا أن السعودية ستنجح في تجاوزها بمواصلة الإنفاق القوي، حتى في أسوأ الظروف، معتمدة على أصولها الخارجية القوية التي ستكون ملاذاً آمناً في مواجهة أي تحديات مستقبلية قد تأتي بتوقعات مخالفة لما جاء هنا، كتراجع أسعار النفط والبتروكيماويات. لذلك نرى أنه، على الرغم من صعوبة قراءة العام المقبل لتشابك العوامل السياسية والاقتصادية بصورة معقدة، فإننا ما زلنا متفائلين بقدرة الحكومة السعودية على تجاوز العام المقبل بنجاح.
كل مقالاتك مشبوهه!! لانك عضو مجلس ادارة شركة العقارية!! لست مستقل !! فاسكت