ما هو المطلوب في شأن الاستراتيجية الصناعية الموحدة؟

02/12/2012 0
بشير يوسف الكحلوت

أشرت في مقالي السابق إلى أن منظمة الخليج للاستشارات الصناعية قد عقدت قبل أسبوعين ورشة عمل لمراجعة وتقييم الإستراتيجية الصناعية الموحدة لدول المجلس، وكان ذلك بتكليف من لجنة التعاون الصناعي-وزراء الصناعة- الذين طالبوا بإعداد استراتيجية صناعية جديدة تأخذ بعين الاعتبار ما استجد من تغيرات منذ إقرار الاستراتيجية الراهنة. وكانت دول المجلس قد أقرت الاستراتيجية الصناعية الموحدة لأول مرة في عام 1985،وتم تعديلها ثم إقرارها في الفترة 1998-2000،وأجرت المنظمة تقييماً لها بناء على طلب الأمانة العامة لدول المجلس في عام 2009. وكانت دول المجلس  قد بدأت في إعداد استراتيجية صناعية خاصة لكل منها بدأتها الكويت في ذلك العام،ثم السعودية في عام2008،وتلتهما الإمارات مؤخراً. وقد اختلفت هذه الاستراتيجيات الوطنية في منطلقاتها وأهدافها وأولوياتها عن بعضها البعض، وإن راعت الاتفاق في بعض الجوانب. ومن الطبيعي أن تستشعر دول المجلس الحاجة إلى إصدارنسخة جديدة من الاستراتيجية الصناعية الموحدة تأخذ بعين الاعتبار ما استجد من أمور، وما تم تحقيقه من انجازات، وما ثبت عدم موائمته لواقع الحال من أهداف أو أولويات. وقد تبين مما عرضه الدكتور أنور القرعان في ورشة العمل أن الدول الإعضاء لها مرئيات في موضوع الاستراتيجية الصناعية الجديدة؛ نلخصها كالتالي:

•طالبت السعودية بتضمين الاستراتيجية الصناعية الموحدة أهدافاً واقعية ومتفق عليها وتنسجم مع الاستراتيجيات الصناعية لدول المجلس كافة.

•طالبت سلطنة عمان ببيان المنطلقات والمرتكزات التي تستند عليها الاستراتيجية، وتحديد الجهاز الذي سيشرف على تنفيذها وتقييمها، و جهة االتنفيذ في كل دولة.

•طالبت دولة قطر بالتركيز على زيادة الحوافز الصناعية لجذب استثمارات القطاع الخاص، وإقامة المنشآت الصناعية بالقرب من مصادر الطاقة والمواد اللقيمة، وتشجيع القطاع الخاص ورواد الأعمال، وأصحاب الابتكارات، وتحسين جودة التشريعات والتنظيم الصناعي، والاهتمام بالصناعات الصغيرة والمتوسطة.

•شددت الكويت على أهمية الربط والتكامل بين الاستراتيجية الصناعية الموحدة واستراتيجية التنمية الشاملة بعيدة المدى لدول المجلس (210-2025)، وطالبت بإيجاد إطار زمني محدد وآلية للقياس.

•طالبت الإمارات بمراعاة اختلاف أولويات الصناعة ما بين دولة وأخرى، مع مراجعة صياغة الأولويات بحيث تنسجم مع قواعد التجارة العالمية وخاصة ما يتعلق باتفاقية الدعم والتدابير التعويضية، والاهتمام بالصناعات القائمة على التكنولوجيا المتطورة.

•دعت البحرين إلى التركيز على تصنيع الخامات المحلية ومشتقاتها والتوسع في إنشاء المجمعات الصناعية المتكاملة بأنواعها، وتشجيع رواد الأعمال والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة للاستثمار في القطاع الصناعي، مع التركيز على الصناعات المعرفية، والدوائية، والغذائية، وصناعات الطاقة المتجددة.

•أوصت الأمانة العامة لدول المجلس بأن تتميزالاستراتيجية الجديدة بالمرونة والتكيف مع المتغيرات، واعتماد أسلوب المراحل،وضرورة تقييم الأولويات ومراعاة اختلافها بين الدول.

والحقيقة أن كثيراً من هذه التوصيات منصوص عليه بالفعل في الاستراتيجية الراهنة، التي تقع في 6 صفحات، وتتكون من أربعة بنود رئيسية هي: 1-الأهداف الأساسية للإستراتيجية،2-أولوياتها، 3-سياسات تنفيذها،4-متطلباتها.(النص الكامل موجود على موقع الأمانة العامة لمجلس التعاون).. ومع ذلك فإن بعض التوصيات لها وجاهتها. ويمكن إبراز عدد من التوصيات المهمة في هذا المجال على النحو التالي:

1-ضرورة مراجعة الأهداف الأساسية، فليس من المعقول-على سبيل المثال- الإبقاء على هدف رفع نسبة إسهام العمالة الوطنية في قطاع الصناعة إلى 75% بحلول عام 2020، فذلك هدف قد لا يتحقق في معظم أو كل الدول. ومن الضروري أن تكون الأهداف بوجه عام قابلة للتطبيق والقياس لمعرفة مدى التقدم في تنفيذ ما يرد فيها.

2-ضرورة تحديد الجهاز الذي يشرف على تنفيذ الاستراتيجية ومتابعة تقييمها.

3-الربط والتكامل بين الاستراتيجية الصناعية الموحدة واستراتيجية التنمية الشاملة لدول المجلس، واعتماد أسلوب المراحل،مع تحديد أطر زمنية للاستراتيجية الصناعية الموحدة.

4-التأكيد على التنسيق والتعاون الصناعي مع دول الجوار في العالم العربي.

الجدير بالذكر أن التوصيات التي تمخضت عنها ورشة العمل في الدوحة عن هذا الموضوع لم تنشر وفي تقديري أنها ربما بحثت مثل هذه الأمور بالتفصيل بحيث أنها قد تقترح عل الأقل أهدافاً معدلة، وأولويات مقسمة إلى مراحل،على أن تترك تفصيل السياسات والمتطلبات إلى مرحلة لاحقة. وبعد فهذا ما سمحت به المساحة للنشر،ولكن الموضوع قد يحتاج إلى تفصيلات كثيرة قد نعود لها ثانية،ذلك أن من المطلوب فتح نقاش عام في مسألة الأهداف والأولويات بما يساعد على رسم استراتيجية صناعية موحدة تلبي طموحات الخليجيين، وتنسجم مع تطلعاتهم.