حقائقنا الرمادية.. من العبث إلى البناء

05/11/2012 2
عبد الحميد العمري

تلخيصاً لما ذكرتُ أول من أمس؛ تتأسس لعبة (الحقائق الرمادية) من أطراف متنافسة، وقواعد متفق عليها، ومجال أو فضاء تتم مجرياتها في دائرته، وذكرتُ من دوائره فضاء الإعلام.

التجربة لدينا يمكن القول عنها إنها في أدنى درجاتها على كافّة المستويات، وهذا ما يزيد بالطبع من رماديتها (عدم وضوحها)، فلا تعلم تحديداً هويةً محددة للمتنافسين، ولا تعلم مرجعية علمية أو فكرية بعينها يستظل بظلّها هذا أو ذاك، ستجد أنّك واقعٌ بكامل قامتك الفكرية والذهنية وسط لفائف معقدة جداً لا أول لها ولا آخر! العامل الوحيد الواضح سنامه لك هو (المصلحة) فقط، التي تتحرك في أحشائها -لا يمكن لك أن تراها أو حتى تدركها- ميكانزمية زئبقية لا تقبل القياس، ولا حتى التأطير ولا التحديد.. أخيراً وليس آخراً؛ يزيد من تلبّك معدتك على ما ذكر آنفاً، أنَّ فضاء الإعلام لدينا لايزال خاضعاً لمعايير فردانية أكثر من كونها مؤسساتية!

لأخرج معك من التنظير؛ قد تقوم اللعبة البدائية هنا بين مسؤول ومسؤول حكومييَّن وهو ما يندر، أو مسؤول حكومي وآخر من القطاع الخاص، أو أي من الطرفين السابقين مقابل فردٍ أو مجموعة أفراد مختلفة المرجعيات، وأخيراً قد تنشأ اللعبة الرمادية بين أفرادٍ فقط في قضايا ترتبط في الأصل بعمل أو مجال قطاعاتٍ حكومية أو أهلية. أحياناً، تتشكّل من الأطراف أعلاه تكتلات متصارعة، كأن تجد مسؤولاً حكومياً يعاضده رجال أعمال وكتّابٌ أيضاً (تتساءل: ماذا جمعهم على قلب رجلٍ واحد؟ أعيدك هنا للأمر الواضح سنامه أعلاه!)، وهكذا تدور رحى اللعبة.

ما هي النتيجة -على الأقل- على مستوى إثراء الحوار والفكر والتجربة؟! غالباً وأؤكد على غالبٍ هذه، أنَّها لا تتعدّى حد نقْضِ الغزْل! وانظرْ بحياد إلى عديد من القضايا كالبطالة، الاحتكار، المضاربات العشوائية، السياسات الاقتصادية.. أعلمُ مثلكَ أنَّ لا شيء كثيراً تحقق عملياً ليتحقق فكرياً! لكن للعلم؛ أؤكد لك أن الأخيرة نتيجة للأولى!