هيئة تفتيش مالي وإداري على القطاع الخاص

24/10/2012 7
محمد العنقري

تصاعد وتيرة النشاط بالاقتصاد السعودي على أثر الانفاق الحكومي الكبير منذ سنوات توسعت معه أعمال القطاع الخاص ويشكل تأثير القطاع غير النفطي نسب تراوحت حول ثمانية وأربعين بالمئة من الناتج الوطني إلا أن جل هذه النسبة هو بتأثير الإنفاق الحكومي الضخم.

لكن هذا التوسع بنشاط القطاع الخاص يعد بمئات المليارات سنوياً مما يعني أن الرقابة والتفتيش المالي تحتاج إلى جهد كبير و تنظيم جبار حتى تضبط تعاملات القطاع الخاص خصوصا أنه يتداخل مع القطاع العام من خلال المناقصات الحكومية الضخمة.

فهذا النشاط الضخم يحتاج إلى توسع كبير بعمليات التنظيم والرقابة ومن جهات عدة فمن الوارد حصول تلاعبات محاسبية تقلل من حجم مخصصات الزكاة هذا بخلاف الفساد والتلاعبات التي قد تحدث من قبل موظفين لدى الشركات لمنافع خاصة من خلال ترسية عقود التوريد أو التنفيذ من الباطن على شركات أو مؤسسات محددة مما ينعكس سلبا على جودة المشاريع المنجزة مع احتمال قيام بعض منشآت القطاع الخاص بالمتاجرة بالتأشيرات الفائضة عن حاجتها والتي تتحصل عليها نظير ترسية المناقصات عليها أو من خلال ما تطلبه عند توسعها بنشاطها والعديد من الجوانب التي تنعكس بآثار سلبية عديدة على الاقتصاد المحلي.

مما يتطلب الإسراع بتطبيق الحوكمة على القطاع الخاص بكافة معاييرها من جهة ولكن الأهم تأسيس جهاز تفتيش مالي ذو صلاحيات كبيرة وواسعة يحق له الكشف على سجلات الشركات المالية بموقع العمل مباشرة واتخاذ إجراءات صارمة ضدها في حال كشف أي تلاعب بالدفاتر المحاسبية أو بالعقود التي تربطها بشركات أخرى وتحميل مكاتب المحاسبين القانونيين مسئولية أي خلل أو تلاعب يحدث فالجميع يتذكر كيف انهارت شركة ارثر اندرسون العريقة بعد أن كشف دورها بالتلاعبات التي حدثت بشركة اينرون الأمريكية قبل عدة سنوات.

فلا يمكن للقطاع الخاص أن يتوسع وينهض لدور قيادي بالاقتصاد إذ لم يكن يعمل تحت تشريعات وأنظمة دقيقة ورقابة مالية صارمة حتى تتحصل الحكومة على حقوقها المالية المفترضة من حجم النشاط الاقتصادي وكذلك تتحقق الأهداف الاقتصادية من الانفاق الحكومي الضخم بالتوظيف للمواطنين ليس بالعدد فقط بل بنوعية الوظائف وشغلهم للمواقع التي أقرها النظام وحصرها بالمواطنين والحد من الحوالات المالية الضخمة للوافدين والتي تأتي ليس من خلال دخلهم النظامي بل من عمليات فساد ورشاوى تدور ضمن القطاع الخاص.

كما أن التفتيش المالي سيكشف ممارسات استثمارية عديدة تخالف النشاط المرخص لهذه المنشآت وخصوصا مع تعدد العلاقة بين بعض الشركات من خلال ملاكها خصوصا تلك المدرجة بالسوق المالي إذ تستثمر بعضها أموالها بشركات برؤوس أموال شركات غير مدرجة ولكن الأخيرة توظف رأس مالها أو جزء منه بغير نشاطها وقد تستغل هذه الأموال لصالح كبار الملاك بالشركتين مما يتسبب بخسائر تتحملها الشركات المدرجة وبالتالي تنعكس بسلبية كبيرة على عموم المساهمين .

إن التوسع بالدور الرقابي المالي والإداري سيكون له انعكاسات إيجابية متعددة على الاقتصاد المحلي وسيطور القطاع الخاص بما يجعل منه ركناً قويا يدعم العملية التنموية وينعكس بعائد اقتصادي ضخم ويفتح الباب للمنافسة العادلة أمام المنشآت الصغيرة قبل الكبيرة ويقلل من حالات الإفلاس للمنشآت ويحد من أي فساد أو تلاعب ينتفع منه القلة وضرره يطال الأكثرية ويضع كل منشأة بحجمها الحقيقي ويصبح التقييم المالي لها دقيقا مما يسمح للقطاع المالي بالتوسع بعمليات التمويل وانعكاسه الإيجابي المطلوب بالاقتصاد يظهر بوتيرة أفضل وأسرع مما هو عليه الآن.